الطيب البكوش: أزمة الشعب وملابساتها (الحلقة الخامسة والعشرون)

الرئيس الحبيب بورقيبة يستقبل المكتب التنفيذي الجديد للاتحاد العام التونسي للشغل

بعد انتهاء المؤتمر السادس عشر للاتحاد وبمناسبة رأس السنة الجديدة استقبل الرئيس بورقيبة يوم الأربعاء 02 جانفي 1985، بقصر الجمهورية بقرطاج المكتب التنفيذي الجديد بحضور الوزير الأول محمد مزالي ومستشاره الخاص الحبيب بورقيبة الابن ووزير الداخلية.

وبعد تقديم التهاني، تحدث الرئيس مطولا عن البطالة وتصنيع البلاد وتطوير الفلاحة، وبالمناسبة سلم عاشور نسخة من التقرير الاقتصادي والاجتماعي الذي أعده الاتحاد بالعربية والفرنسية وملفا عن أشغال المؤتمر 16.

بعد هذا اللقاء بدأت المحادثات مع الحكومة، وبدا لنا أن الجو تحسّن. مما جعلني أكتب افتتاحية الشعب بعنوان “حلول الأمل" أقارن فيها بين أجواء ما قبل المؤتمر 16 وبعده (العدد 469/11 جانفي 1985) وضم العدد ملفا عن الاعلام في تونس

ياسر عرفات يستقبل المكتب التنفيذي بمقره بتونس

يوم الخميس 17 جانفي 1985 بمناسبة الذكرى 20 للثورة الفلسطينية استقبل ياسر عرفات المكتب التنفيذي للإتحاد الشغل وذلك بحضور عدد من أعضاء اللجنة المركزية وقيادة اتحاد عمال فلسطين.

إحياء ذكرى تأسيس الاتحاد في 20 جانفي 1985

أشرفت على الاحتفال في سيدي بوزيد يوم السبت 19 جانفي وفي القصرين يوم الأحد 20 من نفس الشهر - الشعب عدد471/ 25 جانفي ص4 و16.

جريدة الشعب وبعض محتوياتها قبل حجزها

افتتاحية بإمضائي" الجرائم الاقتصادية" عدد 472 01/ فيفري 1985
ندوتان عن الإعلام النقابي أشرفت عليهما بكل من قفصة وسيدي بوزيد، بحضور الاطارات النقابية الجهوية (العدد 472 ص 4).

ملف عن المغرب العربي في ثماني حلقات:

الحلقة الأولى، العدد473  / 08-02-1985/ ص 24 و25.
الحلقة الثانية (القمة المغاربية) العدد 474 / 15 فيفري 1985/ ص10 و11.
ندوتان عن الإعلام النقابي، أشرفت عليهما بكل من قابس وصفاقس، الشعب 475 / 22 مارس 1985- ص 16.
الحلقة الثالثة، حول "المغرب العربي" ص 20-21

"تفاصيل" يكتبها أولاد أحمد ص 24.

لكن بعد الانفراج والأمل دخلت العلاقة مع الحكومة مجددا مرحلة تأزم، استوجبت أن أضع لافتتاحيتي عنوانا" المأزق" وذلك في العدد 476 / غرة مارس 1985.نتيجة تراجع الحكومة عن التزاماتها والاتفاقيات المبرمة ولاسيما بإرادة ربط الأجور، لا بالأسعار، وإنما بالإنتاجية التي تحتاج إلى دراسات معمقة وآليات دقيقة ولا تخص الأجراء فقط، مما جعل الاتحاد يرفض عرض الحكومة الذي لا يتعدى الشعارات ولا يقدم أي منهجية.

وفي افتتاحيتي الموالية في عدد الشعب 477 /8  مارس 1985، تناولت موضوع "قانون التقاعد والاعلام".

وفي هذا العدد تفاصيل إشرافي على الاجتماع العام لنقابة التعليم العالي والبحث العلمي ص 7.
كما نجد في هذا العدد تفاصيل إشرافي على ندوة الاعلام النقابي وتطوير جريدة الشعب لتصبح يومية، وذلك في منطقة الجريد ونفزاوة ، وفيها أكدت رفضنا أن يكون الاتحاد أداة في لعبة الصراعات السياسية، كان ذلك يومي السبت والأحد 2 و3 مارس 1985 في كل من توزر وقبلي. [صورة من الشعب].

ونجد في هذا العدد أيضا ص 21، عرضا عن تاريخ الاتحاد من التأسيس إلى اغتيال فرحات حشاد.

لكن جريدة الشعب تهتم أيضا بالنضالات النقابية والاجتماعية والشعبية في العالم، ومنها موضوع افتتاحيتي" إضراب بريطاني في إعلام تونسي" في الشعب عدد 478 / 15 مارس 1985.

وفي هذا العدد، ص 20، الحلقة الخامسة من تاريخ الاتحاد.

أما العدد الموالي 479، فكان موضوع افتتاحيتي "المرأة في عيدها العالمي"، ص17.
وفي هذا العدد نجد أيضا:

الحلقة الأولى من ندوة "الشعب" حول “الأجور والأسعار والانتاجية" صفحات 14 و15 و21 و25.

كما نجد الحلقة السادسة من تاريخ الاتحاد ص 24-25.

أما الحاذق العرف فقد كتب مقالا ثقافيا عن صالح القرمادي في ذكرى وفاته الثالثة ص27.

في عدد الشعب 481/ 29 مارس 1985، نجد ملخصا لإشرافي على مجلس إطارات الاتحاد الجهوي للشغل ببن عروس. ثم نجد الحلقة السابعة من تاريخ الاتحاد ص28.

ونجد الحلقة الثامنة في العدد 482 / 12 أفريل 1985. ص 20. ثم الحلقة التاسعة والأخيرة في العدد 484 / 26 أفريل 1985 ص 20-21.

في العدد 485 / 3 ماي 1985، تغطية لاشرافي على احتفالات غرة ماي (عيد الشغل العالمي) بسيدي بوزيد ص 4.

وفي هذا العدد خبر مفاجئ يخص محاصرة قوات الأمن الخاصة (بوبBOP) لمقر الاتحاد ومنع التجمعات في الساحة الأمامية بدعوى أنها تغلق الطريق وتعرقل النشاط التجاري في نهج محمد علي حيث مقر الاتحاد، وقد صاحب ذلك عدد من الاعتقالات.

وفي هذا العدد، ملف هام حول “تونس اليوم وغدا" ويضم حديثا مع حسيب بن عمار، مدير جريدة الرأي والرئيس الشرفي للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.

أزمة الشعب

ومن المفارقات أن العدد الموالي من جريدة الشعب 486 / 10 ماي 1985 قد ضم آخر افتتاحية لي بعنوان "بداية الانفراج" إثر اجتماع بين قيادة الاتحاد ووفد حكومي برئاسة الوزير محمد مزالي، تلته هيأة إدارية عبرت عن الارتياح لبوادر الانفراج، وصرح إثرها حبيب عاشور بأن" الاتحاد يبذل كل ما في وسعه لتجنيب البلاد الهزات الاجتماعية" ص 4.

ونجد في هذا العدد التاريخي، مقالا تحليليا للهاشمي الطرودي عنوانه" ماذا تبقى من المسار الديمقراطي وإلى أين تسير البلاد؟" مع كاريكاتور الوزير الأول محمد مزالي. ص12-13.

هذا العدد صدر أثناء غيابي في مهمة بفرنسا، وسرعان ما تم سحبه وحجز أعداده في مطبعة الاتحاد عن طريق الشرطة، ولكن بأمر من؟

تمّ الاتصال بي هاتفيا من مكتبي زوال يوم السبت 11 ماي 1985 لإعلامي بهذا الخبر المفاجئ. وبأنني لم أعد مسؤولا عن الجريدة، وهو قرار اتخذ قبل انعقاد المكتب التنفيذي الموسع المقرر ليوم الاثنين 13 ماي 1985.

وجدت في المطار بانتظاري بعض الإخوان من بينهم محمد شقرون الكاتب العام للاتحاد الجهوي ببن عروس، وبعض الصحافيين من جريدة الشعب.

أسباب الحجز المعلنة والحقيقية

الأسباب التي ذكرها حبيب عاشور الأمين العام لجريدة الشعب عدد 487 /17 ماي 1985 ص1 أن مقال الهاشمي الطرودي" لا يتماشى وسياسة الاتحاد" خاصة في الظرف الراهن".

وأعترف أنه هو الذي لفت انتباه المازري شقير إلى المقال وأعلمه أن الاتحاد لا يتبناه ولا يؤيده إطلاقا.

وذكر أيضا أن "سلطات الأمن"، حين تم إعلامها بالمقال أكدت خطورته في هذا الظرف (مفاوضات وانتخابات بلدية) و "أن الموضوع سيحال أمام المحكمة".
دعما لهذه القصة وقع تجنيد قلمين احتلا ثلاث صفحات من الجريدة عدد 489 / 31 ماي 1985 ص 4  و5 و 6، وما يلفت الانتباه أنهما من مدينة شمالية واحدة ولهما انتماءات سياسية يمينية، معتبرين أن تحرير الشعب فيه انزياح إلى اليسار.

وبالإضافة إلى أن مقال الهاشمي الطرودي الذي قيم خمس سنوات من حكومة محمد مزالي، لا يبرر إطلاقا مثل هذه الزوبعة، فإن الحقيقة التي انكشفت لي من

ربط المعطيات الموضوعية المتراكمة التي تفسّر كل هذا وتسلط عليه أضواء أخرى تتلخص فيما يلي:

1- أراد حبيب عاشور أن يتقرب من جماعة “الاتجاه الاسلامي" الذين زاره وفد من قيادته ضم راشد الغنوشي وعبدالفتاح مورو والهاشمي الحامدي. وعلمت أنهم ادعوا أن جريدة الشعب أصبحت مفتوحة “لليساريين" "دون الإسلاميين".
2- أراد عاشور التقرب من الوزير الأول محمد مزالي ظرفيا لتحقيق مكاسب وتخفيف الضغط الحكومي على العمل النقابي إذ كان واضحا أن محمد مزالي أصبح أميل إلى ضرب الاتحاد وإضعافه.
3- والمعلومة الخطيرة التي بلغتني ومصدرها الأصلي حامد القروي أن الرئيس بورقيبة علم بتحالف حبيب عاشور مع جماعة الاتجاه الاسلامي الذين زاروه بذريعة جريدة الشعب، غضب غضبا شديدا وقال متوعدا حبيب عاشور:" يريد قلب النظام"
4- أما المازري شقير فقد نفى ما نسبه إليه حبيب عاشور مؤكدا أنه طلب منه حجز الجريدة وتقديم قضية بها. ولذلك قال له: "لم أطلع على العدد المعني وسوف أتصل بالوزير الأول الموجود في زيارة لولاية باجة".

كما أكد شقير أنه عندما أعلم مزالي بالموضوع رفض الانسياق في هذا المسار قائلا:" إذا أراد عاشور سحب العدد فليفعل بنفسه ولا موجب لتقديم قضية بالشعب، مضيفا: " لقد نشرت الشعب أكثر من هذا المقال ولم نقدم بها قضية". ثم عقب بقوله:" واضح أن المسألة مقصودة من حبيب عاشور ضد الطيب البكوش".

تعليق الرئيس بورقيبة على الحادث

وقد بلغني أن الرئيس بورقيبة حين علم بالأمر قال:" الطيب البكوش مثقف ومتخلق، لا يضر بلاده، أما حبيب عاشور فجاهل ومتهور tête  brûlée ، يمكن أن يضر".

أما زوجته وسيلة التي كانت غضبى خارج قصر قرطاج بسبب الغيرة، فقد بعثت بمساندتها لحبيب عاشور. ولم ترجع إلى القصر الا قبيل سفر الرئيس إلى فرنسا وأمريكا إثر نصيحة قدمتها لها شخصية، دبلوماسية كويتية، مفادها أن سيدة القصر، حين تمارس السياسية، لا تترك مكانها شاغرا.

تأكد لي أن حبيب عاشور هو الذي اتصل بمديرعام الأمن الوطني زين العابدين بن علي وطلب منه إرسال الشرطة إلى مطبعة الاتحاد لحجز العدد المذكور، فلم يتردد  في استغلال الفرصة التي تسمح له مستقبلا بتكرار ذلك متى شاء بعد أن نزع عاشور بنفسه عن جريدته الحصانة التي كانت تتمتع بها وحرية الرأي والتعبير التي فاقت جميع الصحف الأخرى في البلاد.

ونظرا لخطورة مضاعفات هذه القضية نقابيا وسياسيا فستكون موضوع الحلقة القادمة.

الطيب البكوش

قراءة المزيد

الطيب البكوش: الحبيب بورقيبة كما عرفته، زعيما ورئيسا (الحلقة الأولى)

الطيب البكوش: الحبيب بورقيبة كما عرفته، زعيما ورئيسا, عيد الشغل العالمي (الحلقة الثانية)

الطيب البكوش: مفاجآت مؤتمر قفصة 1981 (الحلقة الثالثة)

الطيب البكوش: من منظمة العمل الدولية إلى قصر قرطاج - جلسة 12 جوان 1981 (الحلقة الرابعة)

الطيب البكّوش: الحبيب بورقيبة كما عرفته, من لقاء مزالي إلى زيارة عاشور (الحلقة الخامسة)

الطيب البكوش: بين قصر الحكومة وقضية الإخوان (30-07-1981) وزيارة عاشور الثانية (1981-07-31) (الحلقة السادسة)

الطيب البكوش: من عيد ميلاد الرئيس بورقيبة بالمنستير إلى ذكرى حوادث 5 أوت بصفاقس (الحلقة السابعة)

الطيب البكوش: الرئيس الحبيب بورقيبة يقرر نقل الحبيب عاشور إلى قربص ومعالجة أهم الإضرابات (الحلقة الثامنة)

الطيب البكوش: انتخابات ومحاكمات... (الحلقة التاسعة)

الطيب البكوش: رفضي الترشح للانتخابات التشريعية وتصلب الرئيس بورقيبة (الحلقة العاشرة)

الطيب البكوش: الرئيس الحبيب بورقيبة يناور بشكل مفاجئ (الحلقة الحادية عشرة)

الطيب البكوش: الرئيس بورقيبة والمناورة الكبرى الأخيرة (الحلقة الثانية عشرة)

الطيب البكوش: هشاشة الاستقرار الحكومي والنقابي (الحلقة 13)

الطيب البكوش - بين الرئيس بورقيبة وزوجته وسيلة: تقاسم أدوار؟ (الحلقة الرابعة عشرة)

رسائل الرئيس بورقيبة المشفرة وأجواء نماذج معبرة من الاجتماعات واللقاءات (خريف 1982) - (الحلقة 15)

الطيب البكوش: نهايات 1982 وغرابة الأوضاع الوطنية والاقليمية (الحلقة 16)

الطيب البكوش: موسم الأعياد والأسفار الرسمية (الحلقة السابعة عشرة)

الطيب البكوش: صراعات في الداخل والخارج (الحلقة الثامنة عشرة)

الطيب البكوش: الخلافات ترشح في الصحافة (الحلقة التاسعة عشرة)

الطيب البكوش: موقفي وموقف بورقيبة من الانشقاق وطرد الإخوة السبعة (الحلقة العشرون)

الطيب البكوش : أزمة الخبز وملابساتها (الحلقة الحادية والعشرون)

الطيب البكوش: تونس ومخلفات أزمة الخبز (الحلقة الثانية والعشرون)

الطيب البكوش - تونس : أحداث أوت 1984 (الحلقة الثالثة والعشرون)  

الطيب البكوش: المؤتمر الوطني السادس عشر للاتحاد العام التونسي للشغل من 15 إلى 20 ديسمبر 1984 (الحلقة الرابعة والعشرون)