أخبار - 2020.09.21

الطيب البكوش - تونس : أحداث أوت 1984 (الحلقة الثالثة والعشرون)

عيد ميلاد الرئيس بورقيبة 3 أوت 1984

-بمجرد أن صافحت الرئيس لتهنئته بادر في السؤال عن الإضرابات، وهو موضوع يكاد يكون هاجسه الدائم، فأجبته كالعادة بأن الأهم هو أننا في الاتحاد نعمل من أجل مصلحة الوطن.

وبالمناسبة تم إصدار عفو رئاسي عن قيادة "الاتجاه الإسلامي".

-أما عاشور فإنه ذهب إلى صفاقس للاحتفال بذكرى 5 أوت. ولم يكن الاجتماع سهلا عليه لكثرة التشويش ممن يصفهم بالمتطرفين، وكاد أن يرفع الجلسة.
-يوم 10 أوت 1984 اختتمت أشغال "ندوة الإعلام" بسوسة ومعي الحبيب بن عاشور.
أيام 11-13 أوت 1984، أشرفت على إحياء الذكرى الستين لإنشاء "جامعة عموم العملة التونسية الأولى" بقيادة محمد علي الحامي.
-يوم 14 أوت 1984، اختتمت أشغال “ندوة الهجرة" بنابل.

قضية الشيخ إمام

عندما عرضت علي جامعة البنوك مساعدتها على دعوة الشيخ إمام لإقامة حفل موسيقي ملتزم بتونس، اقترحت عليهم أن يتم ذلك باسم الاتحاد العام التونسي الشغل بأكمله، على أن تكون مداخيل الحفلات لإتمام بناء المقر الجديد للاتحاد، وتمويل صندوق دعم المضربين.

طلبت ترخيصا من وزير الثقافة كتابيا فلم يرد. فاتصلت به هاتفيا، فقال لي:" أيعجبك غناؤه كأنه "فداوي" أو "خلاص الواحلين"؟ فقلت له:" الأذواق تختلف، وهو يعجب شرائح من الشباب اليوم" ثم قال:" ومتى كان للاتحاد نشاط ثقافي"؟ أجبته عن جميع استفساراته فلم يعِد بشيء وإنما قال:" سنرى".

في الأثناء وصل الشيخ إمام إلى مطار تونس قادما من الجزائر. منع من الدخول بدعوى أن الاتحاد لم يطلب رخصة. واتصل المازري شقير بعاشور مستفسرا فقال له عاشور:" أنا لا أعرفه وهذا من أعمال الطيب البكوش. وإذا كانت له مشاكل مع السلطة فليرجع من حيث أتى".

اتصلت من الغد بالهادي البكوش، فوعد بالاتصال بالوزير الأول وإذا كان موجودا في المطار سنتركه يدخل. لكنه لم يتصل بي الا بعد انتهاء مجلس الوزراء وترحيل الشيخ إمام بعد أن قضى ليلته بالمطار دون أن يمكّن أحد من الاتصال به.

في أول اجتماع مع الحكومة إثر الحادث، اغتنمت الفرصة لانتقاد قرار السلط بطرد الشيخ إمام، وبلهجة حادة جعلت شقير يكتفي بالدفاع مدعيا عدم توصل الحكومة بطلب رخصة. فرددت بحدة أن الطلب متوفر شفويا وكتابيا دون أي ردّ. وما على الحكومة الا أن تنسق أمورها، فلا يهمني إن كان وزير الثقافة أعلمكم أو لم يعلمكم. ولاحظت أن عاشور كان محرجا جدا من هذا الجدال، ولم ينطق بكلمة. وفهمت أن شقير اعتمد كلامه لحمل مزالي على الرفض دون إعلامي.

في الاجتماع الموالي مع الحكومة، جاءني شقير واستأذن مني الحديث على انفراد ليقول لي إن الوزير الأول قرّر السماح لي بدعوة الشيخ إمام مجدّدا، و أردف بالفرنسية:" هذا انتصار كبير لك" فقلت له:" لا أدري إن كان في الإمكان الآن الاتصال به مجددا".
وعندما عاد من الجزائر، وبدأ تنظيم الحفلات، لاقيت صعوبات جمّة:

• فقد رفضت بلدية تونس منحنا ملعب زويتن بدعوى وجود أشغال. لكن الوزير محمد كريم سمح لنا باستعمال قبة المركب الرياضي بالمنزه التي تتسع لخمسة آلاف.
• أما في مدينة سوسة فإن الوالي وافق أول الأمر ثم تراجع عن منحنا مسرح الهواء الطلق بسيدي الظاهر رغم أننا بعنا التذاكر. فاضطررت للاتصال هاتفيا لأول مرة بمدير الأمن الوطني زين العابدين بن علي في منزله لتنبيهه إلى خطورة الوضع وتحميل الوالي مسؤولية ما قد ينجرّ من أحداث بعد وصول آلاف المشاهدين أمام مسرح مغلق، فتدخل وأذن الوالي بفتحه رغم أنهم سحبوا منه الأضواء ومضخمات الصوت.
• ومن الصعوبات أن إحدى الجهات صرحت بأقل من نصف المبيعات.
ورغم كثرة المصاريف والبقاع المجانية ودفع مبلغ هام لبناء دار الشهيد حسين الكوكي (الذي توفي تحت التعذيب في سجن سوسة إثر إضراب 26 جانفي 1978) رغم ذلك فقد أمكن ضخ أكثر من عشرة ملايين في صندوق التضامن النقابي لأن الإقبال على هذه الحفلات كان كبيرا.

بعد الصائفة والعودة السنوية بداية من شهر سبتمبر بدأت العلاقة مع حكومة مزالي تتأزم نتيجة التصلب والتراجع عن تنفيذ ما تم الاتفاق في شأنه وخاصة اتفاقية 13 أفريل 1984 مع تسييس الاضرابات ومنها إضراب الفلاحة. هذا فضلا عن منع الاجتماعات النقابية داخل المؤسسات.

و خلال شهر أكتوبر 1984 خصت جريدة الشعب بملف هام "الملتقى الوطني الأول للعمال المهاجرين" الذي التأم بنابل والذي افتتحه عاشور يوم 13 أوت 1984 واختتمته يوم 14 من الشهر ذاته.

وخلال خريف 1984 تناولت في عديد المداخلات القضايا العالقة وخاصة التراجع في الاتفاقيات، وحق الاجتماع النقابي في مكان العمل، ومخاطر التسخير وحق الاضراب والحق النقابي في الاتفاقيات الدولية والربط بين الحقوق النقابية والحريات العامة.
كما شرعت لجان الخبراء تعد مشروع البرنامج الاقتصادي والاجتماعي الذي سيقدم للمؤتمر 16 للاتحاد والذي وصفته بأنه دليل توجيهي لقضايا التنمية وليس برنامج حزب أو حكم.

الذكرى 32 لاغتيال حشاد

أشرفت عليها في مدينة سوسة بينما أشرف عاشور عليها في العاصمة تونس.

ثم بدأ الاستعداد للمؤتمر 16 الذي حدد له شعار" نضال، كرامة، وحدة، استقلالية".

وسوف نخصص له الحلقة القادمة لأهميته التاريخية.

الطيب البكوش: الحبيب بورقيبة كما عرفته، زعيما ورئيسا, عيد الشغل العالمي (الحلقة الثانية)

الطيب البكوش: مفاجآت مؤتمر قفصة 1981 (الحلقة الثالثة)

الطيب البكوش: من منظمة العمل الدولية إلى قصر قرطاج - جلسة 12 جوان 1981 (الحلقة الرابعة)

الطيب البكّوش: الحبيب بورقيبة كما عرفته, من لقاء مزالي إلى زيارة عاشور (الحلقة الخامسة)

الطيب البكوش: بين قصر الحكومة وقضية الإخوان (30-07-1981) وزيارة عاشور الثانية (1981-07-31) (الحلقة السادسة)

الطيب البكوش: من عيد ميلاد الرئيس بورقيبة بالمنستير إلى ذكرى حوادث 5 أوت بصفاقس (الحلقة السابعة)

الطيب البكوش: الرئيس الحبيب بورقيبة يقرر نقل الحبيب عاشور إلى قربص ومعالجة أهم الإضرابات (الحلقة الثامنة)

الطيب البكوش: انتخابات ومحاكمات... (الحلقة التاسعة)