الطيب البكوش: إختلافي مع الباجي قايد السبسي في قضية رئاسة الحكومة (الحلقة الثالثة والعشرون)
كان من المفروض أن أتولى تشكيل الحكومة باعتباري الأمين العام للحركة كما هي العادة في كل مكان. إلا أن أصواتا داخل حركة النداء ومن خارجه طبعا رفعت الشعار التالي: لا لانفراد حركة النداء بالرئاسات الثلاث، فيكفي أن لها رئاسة الجمهورية في شخص الباجي قايد السبسي ورئاسة مجلس النواب في شخص محمد الناصر. وتقدمت أطراف من هنا وهناك باقتراح تحييد رئاسة الحكومة، في حين أنها هي المطالبة بتطبيق البرنامج الذي حصلت به الحركة على الأغلبية. ولحسم المسألة عرض الباجي الأمر في اجتماع ضم الكتلة السياسية والمكتب التنفيذي مجتمعَيْن.
كان الباجي يرأس الاجتماع وكنت أنا أوزّع الكلمة على من طلبها بالترتيب، وكان واضحا أن أغلبية الحاضرين متمسكة بحق الحركة في رئاسة الحكومة لتطبيق برنامجها.
وكان يبدو على الباجي تضايق من هذا التوجه، إلى أن أخذ الكلمة ممثل النداء بالمغرب المحامي كمال الصيادي الذي ذكّر الباجي بمواقفه السابقة التي بدأ يتنكر لها فاغتاظ الباجي ورمى بالميكرو على الطاولة وغادر القاعة وتبعه محمد الناصر وبقي رضا بالحاج إلى جانبي فوقف الجميع مبهوتين وأحاطوا بي مطالبين بمواصلة الجلسة. فجلست وأعطيت الكلمة للموالي في القائمة. بعد قليل جاءني عون أسرّ لي أن الباجي يطلبني فقلت له: ظننت أنه خرج، أين هو؟ قال في مكتب مجاور، فتركت توزيع الكلمات لرضا بالحاج وقصدت المكتب المذكور حيث وجدت الباجي يعلو وجهه الغضب وإلى جانبه محمد الناصر الذي لازم الصمت طيلة الحوار. حوّل الباجي وجهة القضية إلى مشاركة حركة النهضة في الحكومة وقال لي غاضبا دون أن ينظر إلي : «أنت دائما تؤكد أن حركتنا لن تتحالف مع النهضة، لكن نتائج الانتخابات تجبرنا على تشريكهم. ووجودهم خارج الحكومة أضراره أكثر من تواجدهم داخلها، والحكومة الجديدة في الجمهورية الثانية، تحتاج إلى دعم ثلثي مجلس النواب حتى يعود إلينا المستثمرون الأجانب».
قلت له : «أولا انتخبنا الناس، وخاصة أكثر من مليون امرأة، على أساس عدم تشريك حركة النهضة التي حكمت وفشلت، وعليها الآن أن تجرّب المعارضة التي هي ثقافة مثل ثقافة الحكم، وثانيا المستثمرون الأجانب تعوّدوا على أغلبية النصف زايد واحد لا على أغلبية الثلثين التي تقصد بها نواب النداء والنهضة مجتمعين. إذا كنت مصرا على ذلك بعد أن أعلنتَ في حملتك الانتخابية أننا والنهضة خطان متوازيان لا يلتقيان، فإنني غير معنيّ بتشكيل حكومة كما تريدها انت، فتحمّل مسؤولياتك، وغادرت الجلسة. ورفض الباجي العودة إلى الاجتماع حتى لا يلتزم بنتائج تصويت الأغلبية.
الطيب البكوش
قراءة المزيد
الطيب البكوش: الحكومة الأولى الانتقاليّة والمجلس الوزاري الأول، جانفي 2011 (الحلقة الثانية)
الطيب البكوش في ورقات جديدة من مذكراته: بين وزارتي التربية والخارجية (الحلقة الأولى)
الطيب البكوش: موقف الاتحاد العام التونسي للشغل من الحكومة الانتقاليّة (جانفي 2011) (الحلقة الثالثة)
الطيب البكوش: بين لجنة الإصلاح السياسي وهيأة حماية الثورة (الحلقة الرّابعة)
الطيب البكوش: استغلال الثورة لبث الفوضى (الحلقة الخامسة)
الطيب البكوش: مباشرة مسؤولياتي في وزارة التربية (الحلقة السادسة)
الطيب البكوش - جانفي 2011: عقد ندوة صحفية بمقر وزارة التربية (الحلقة السّابعة)
الطيب البكوش: قضية مديري المعاهد الثانوية (الحلقة الثّامنة)
الطيب البكوش: قضية النقاب في المؤسّسات التربوية خلال إشرافي على وزارة التربية (الحلقة التّاسعة)
الطيب البكوش: قضية الكاباس وقضايا الانتدابات في التعليم الثانوي (الحلقة العاشرة)
الطيب البكوش: قرارات مختلفة ومواقف مبدئية (الحلقة الثّالثة عشر)
الطيب البكوش: التنسيق بين وزارة التربية والوزارات الأخرى (الحلقة الرابعة عشر)
الطيب البكوش: هكذا كانت الفكرة الأوليّة لتأسيس حركة نداء تونس (الحلقة الخامسة عشر)
الطيب البكوش: لقاءات ومشاورات لتأسيس حركة نداء تونس (الحلقة السادسة عشر)
الطيب البكوش: قضية مقر النداء (الحلقة السابعة عشر)
الطيب البكوش: قضية الجبهات والتحالفات داخل النداء (الحلقة الثامنة عشر)
الطيب البكوش: العنف والاغتيالات السياسية في عهد الترويكا (الحلقة التاسعة عشرة)
الطيب البكوش: هكذا كانت مجريات الحوار الوطني الّذي قاده الرباعي الدّاعي له (الحلقة العشرون)
الطيب البكوش: كيف كانت استعدادات حركة النداء للاستحقاق الانتخابي (الحلقة الحادية والعشرون)
الطيب البكوش: هكذا رشحت حركة نداء تونس محمد الناصر لرئاسة مجلس نواب الشّعب (الحلقة الثانية والعشرون)
- اكتب تعليق
- تعليق