أخبار - 2023.03.27

الطيب البكوش: العنف والاغتيالات السياسية في عهد الترويكا (الحلقة التاسعة عشرة)

رأت حركة النهضة الإخوانية أن الحزب الناشئ "حركة نداء تونس" يمثل خطرا على سيطرتها غير المشروعة على الحكم الذي رأت فيه غنيمة، وتعاملت معه بهذا المنطق، فسعت إلى مقاومته بالعنف والإرهاب باستعمال ميلشيات سمتها "لجان حماية الثورة" باستغلال الاسم الذي كنا رفضناه وعوضنا حماية الثورة بتحقيق أهداف الثورة.

كنا نخرج من اجتماعاتنا الشعبية تحت وابل من الحجارة كما حدث في تونس وقفصة وغيرها.

وكان أول اغتيال سياسي، استهدف في تطاوين ممثل اتحاد الفلاحين بالجهة لطفي نقض بمجرد أن أعلن انخراطه في نداء تونس واستعداده لتكوين تنسيقية له بالجهة، فاجتمعت فروع ثالوث الترويكا، النهضة والمؤتمر والتكتل، وقرّرت التنكيل بنقض، فاقتحمت جماعة العصابات التي خرجت للتنفيذ بعد أن انسحب منها جماعة التكتل المقر الذي كان فيه لطفي نقض وعنفوه ثم سحلُوه إلى خارج المبنى وانهالوا على جسمه، بعد أن طرحوه أرضا، بالحجارة الضخمة، كسروا بها ضلوعه وقفص صدره حتى غادر الحياة وانسحبوا. حدث ذلك أمام أنظار الجميع ولم يتدخل أحد لحمايته وكف آذاهم. والأدهى أن الطبيب الشرعي بقابس، حيث نقل جثمانه، اكتفى في تقريره بالقول إنه توفي بسكتة قلبية دون أي إشارة إلى أسباب السكتة القلبية الواضحة للعيان، التي عاينها فيما بعد أطباء صفاقس وأكدوها في تقريرهم الثاني. وقد أشرفتُ في تطاوين على تأبينه ومراسم دفنه وتعزية أرملته وأطفاله وذويه.

ومن غرائب القضاء في عهد الترويكا الإخوانية أن الحكم الابتدائي سنة 2012 كان بعدم سماع الدعوى ولم تقع إدانة المجرمين، بعد نقل الملف إلى محكمة سوسة إلا بحكم استئنافي بعد عشر سنوات، وبعد أن أقرت لجنة طبية جديدة أن الوفاة ناتجة عن الكسور التي أصابت صدره وأدت إلى اختناقه.

وقد تواصلت سلسلة العنف والاغتيالات، فأصابت شكري بلعيد في 6 فيفري 2013 بمنطقة المنزه السادس، وهو قيادي يساري بارز في الجبهة الشعبية، تلاه محمد البراهمي في 25 جويلية 2013 وهو قيادي قومي في الجبهة الشعبية كذلك.
وأذكر أنني أثناء مغادرة مقبرة الجلاز حيث تم دفنه في جنازة مهيبة، تهاطل على السيارة التي أمتطيها وابل من الحجارة تقذفنا بها الميليشيات الإخوانية المسماة باطلا "لجان حماية الثورة". ومازال المحامون إلى اليوم يتابعون هذه القضايا التي تفنّن القضاء الإخواني في طمس ملفاتها.

وقد استقالت إثر هذه الجرائم حكومة الترويكا الأولى برئاسة حمادي الجبالي الذي عوضه في رئاسة الحكومة علي لعريض القيادي النهضاوي الذي استعاض عن الرصاص بالرش كما في سليانة، معتبرا أن تشويه الأجساد بالجراح أهون من القتل بالرصاص الحي.

الطيب البكوش

الطيب البكوش في ورقات جديدة من مذكراته: بين وزارتي التربية والخارجية (الحلقة الأولى)

الطيب البكوش: موقف الاتحاد العام التونسي للشغل من الحكومة الانتقاليّة (جانفي 2011) (الحلقة الثالثة)

الطيب البكوش: بين لجنة الإصلاح السياسي وهيأة حماية الثورة (الحلقة الرّابعة)

الطيب البكوش: استغلال الثورة لبث الفوضى (الحلقة الخامسة)

الطيب البكوش: مباشرة مسؤولياتي في وزارة التربية (الحلقة السادسة)

الطيب البكوش - جانفي 2011: عقد ندوة صحفية بمقر وزارة التربية (الحلقة السّابعة)

الطيب البكوش: قضية مديري المعاهد الثانوية (الحلقة الثّامنة)

الطيب البكوش: قضية النقاب في المؤسّسات التربوية خلال إشرافي على وزارة التربية (الحلقة التّاسعة)

الطيب البكوش: قضية الكاباس وقضايا الانتدابات في التعليم الثانوي (الحلقة العاشرة)

الطيب البكوش: بذل مجهود لتقريب الأزواج في قطاع التعليم وحل إشكاليات المناطق الأثرية في قرطاج وسيدي بوسعيد (الحلقة الحادية عشر)

الطيب البكوش: اتخذت قرارات هامّة لصالح قطاع التعليم عند إشرافي على وزارة التربية بعد الثورة (الحلقة الثّانية عشر)