أخبار - 2023.02.27

الطيب البكوش: قضية مديري المعاهد الثانوية (الحلقة الثّامنة)

الطيب البكوش: قضية مديري المعاهد الثانوية (الحلقة الثّامنة)

هذه القضية أسالت الكثير من الحبر وأثارت جدلا طويلا. انطلاقها كان بتكاثر الشعارات المطالبة بتنحية عشرات المديرين المتهمين حقا أو باطلا بخدمة الحزب الحاكم قبل مصلحة المؤسسة التي كُلفوا بإدارتها. وكنت أتفهم تخلّي هؤلاء المربين عن مسؤولياتهم، لا بالاستقالة وإنما بالغياب، لأن كرامتهم قد ديست، إما من زملاء لهم أو من الإدارة أو العَملة. فأعطيت الإدارات الجهوية تعليمات لجمع الأساتذة في المؤسسة المعنية وتمكينهم من اختيار أحدهم لتسيير المؤسسة مؤقتا.

وأذكر أن مديرة بأحد معاهد تونس تتميز بالكفاءة والجدية والحزم الذي اعتبره بعض العاملين في المؤسسة مفرطا، واقتنعت بأن عودتها للتدريس قبل سنتين من بلوغها سن التقاعد يضعها في موضع محرج فوافقت على نقلها الى الوزارة مكلفة بأحد الملفات الإدارية.

وقد علمت أن حملة الترحيل تُغذيها عناصر من نقابة التعليم الثانوي خاصة. فدعوت أعضاءالنقابة الى الاجتماع. وحملتهم مسؤولية الفشل في إنقاذ السنة الدراسيّة والباكالوريا.  فسنة بيضاء خسارة للوطن بأكمله. فقالوا إننا ضد تعيين المديرين على أساس الانتماء الى الحزب الحاكم، ولماذا لا يفتح الانتداب لجميع الكفاءات الراغبة في تحمل هذه المسؤولية؟ فقلت : أنا موافق على هذا المبدأ. نكوّن لجنة تضبط كراس شروط ونفتح باب الترشح ويتقدم المترشحون أمام لجنة متناصفة من ممثلي السلك والإدارة. فقبلوا الصيغة لكنهم اشترطوا عدم ترشح المديرين الحاليين. فرفضت هذا الشرط واعتبرته إقصاءاً وعقابا جماعيا لا مبرر له، وليتساوى الجميع.  بعد جدل، تم الاتفاق، فقلت لهم، لنبدأ بضبط الشروط، ثم نفتح باب الترشح بعد انتهاء امتحان الباكالوريا لنتفرغ لإعداد السنة الدراسية القادمة.

وكان الامر كذلك، وترشح من المديرين المباشرين نصفهم ونجح منهم النصف، وبذلك زالت عنهم وصمة التعيين السياسي وأصبحت لهم شرعية التناظر على غرار ما يوجد في الجامعة.

وتبين لي فيما بعد في بداية السنة الجديدة أن بعض الناجحين لم يكونوا واعين بثقل المسؤولية الإدارية والتزاماتها فطلبوا الإعفاء وعُوّضوا بمن تلاهم في ترتيب المناظرة.

والغريب أنه رغم الشرح الإعلامي الضافي في الموضوع فان بعض المديرين السابقين ممن لم ينجحوا أو لم يترشحوا أو المتعاطفين معهم بقُوا الى اليوم يدّعون باطلا بأنهم عُزلوا بجرة قلم لأنهم ينتمون الى حزب التجمع الذي كان حاكما.

قراءة المزيد

الطيب البكوش: الحكومة الأولى الانتقاليّة والمجلس الوزاري الأول، جانفي 2011 (الحلقة الثانية)

الطيب البكوش في ورقات جديدة من مذكراته: بين وزارتي التربية والخارجية (الحلقة الأولى)

الطيب البكوش: موقف الاتحاد العام التونسي للشغل من الحكومة الانتقاليّة (جانفي 2011) (الحلقة الثالثة)

الطيب البكوش: بين لجنة الإصلاح السياسي وهيأة حماية الثورة (الحلقة الرّابعة)

الطيب البكوش: استغلال الثورة لبث الفوضى (الحلقة الخامسة)

الطيب البكوش: مباشرة مسؤولياتي في وزارة التربية (الحلقة السادسة)

الطيب البكوش - جانفي 2011: عقد ندوة صحفية بمقر وزارة التربية (الحلقة السّابعة)



 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.