أخبار - 2023.03.31

الطيب البكوش: كيف كانت استعدادات حركة النداء للاستحقاق الانتخابي (الحلقة الحادية والعشرون)

الطيب البكوش: استعدادات حركة النداء للاستحقاق الانتخابي

كان على حركة النداء أن تستعد لعقد مؤتمر ها التأسيسي، فتكونت لجنة في الغرض ترأسها العميد لزهر القروي الشابي. وبدل أن يتم الاتفاق على تاريخ المؤتمر التأسيسي بعد ضبط آلياته ومراحله، فاجأنا الباجي قايد السبسي في أحد اجتماعات المكتب السياسي بالإعلان عن تاريخ قريب لا أدري مع من تشاور فيه. فالتفتُ إليه، وهو جالس على يميني، وقلت له «كيف تقرر وحدك تاريخ المؤتمر دون تشاور بيننا ودون تقييم درجة الاستعداد لذلك وتوفر شروط إنجاحه؟» فقال «يجب عقده في هذا التاريخ».

فقلت له : «أعترض على هذا القرار ولن أشارك في إنجازه»، ولازم كل منا مكتبه وأشغاله دون حوار.

بعد أيام زارني محام تكفل تطوعا بالدفاع عن القضايا العدلية التي تهم الباجي قايد السبسي شخصيا. وسعى إلى جس نبضي في موضوع المؤتمر، وأتصور أنه كُلّف بذلك.

وأثناء الحديث طرح عليّ السؤال الأساسي : «إذا تمسك الباجي بموقفه لإنجاز هذا المؤتمر، ماذا ستفعل؟»

قلت له بحزم: «سأدعو لمقاطعته علنا وإفشاله ويتحمل الباجي تبعات تصرفه» فقال : "ربي يستر" ولاشك أنه سارع بإبلاغه بموقفي.

وما لم أجد له تفسيرا مقنعا ان شخصين قرّبهما الباجي منه كثيرا آنذاك وهما رضا بالحاج المدير التنفيذي ومحسن مرزوق المكلف بالتكوين، اتصلا بي فرادى هاتفيا للتعبير على موافقتهم على موقفي.

بعد أسبوع، وبمناسبة انعقاد المكتب التنفيذي الموالي، تكلم الباجي في بدايته قائلا : «لقد اقترحت عليكم في الاجتماع السابق تاريخا للمؤتمر، ولا يمكن أن أتجاهل أن ركيزتين أساسيتين في الحركة لا يوافقان، لذلك أتراجع عن اقتراحي».

وهكذا تم الاستعداد للانتخابات دون عقد المؤتمر التأسيسي للحركة.

شعرتُ أن موقفي يحمّلني مسؤولية كبرى إذا ما فشلت حركة النداء ويُستعمل تأجيل المؤتمر بعد الانتخابات ذريعة لتحميلي شخصيا المسؤولية. فضاعفت جهودي لإنجاح الانتخابات وعقدت عديد الاجتماعات في عديد الجهات من البلاد شرقا وغربا وشمالا وجنوبا. والنتيجة كانت شاذة في التقاليد السياسية وفي العالم إذ فازت حركة النداء بدون عقد مؤتمرها التأسيسي بالرتبة الأولى، أي بأوفر عدد من المقاعد في البرلمان، لكن دون أن يمكّنه من الحكم بمفرده.
وكان الباجي قد عرض عليّ أن أرأس بالتشريعية قائمة سوسة، فقلت له: أنا لا أهتم بتمثيل جهة لأنني أهتم بكامل الوطن. وأمام إلحاحه رأيت أن أساهم في اختيار أعضاء القائمة متظاهرا بأني ربما أقبل اقتراحه. فنصحني بالتنسيق مع سيدة أعمال في الفضاء السياحي بالجهة. وعندما عرضت عليها النظر معا في القائمة، قالت لي: أنا سعيدة بأن ترأس أنت القائمة التي هي الآن جاهزة ولا تقبل تغييرا. فقلت لها، لست معنيا برئاستها. ولما كانت جاهزة فأنا سعيد بأن ترأسها امرأة مثلك، تشجيعا للمرأة التونسية لكي تتبوأ رئاسة القائمات.

جرت الانتخابات التشريعية في 26 أكتوبر 2014 على أساس دستور 2014 وتلتها الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها مرشح نداء تونس الباجي قايد السبسي في انتخابات 23 نوفمبر 2014 بفارق ضئيل أمام منافسه منصف المرزوقي المسنود من حركة الإخوان التي احتلت المرتبة الثانية تشريعيا.

الاتحاد من أجل تونس حزبا؟

في هذا الجو من إفشال الائتلافات الضرورية لإنقاذ تونس، دعتني سميرة بن قدور رفقة زوجها إلى منزلها قبل الانتخابات حيث وجدت سمير الطيب أمين عام حزبها "المسار" وذلك للتشاور حول الانتخابات.

لبيت الدعوة لأني لم أقطع الامل بعد في الاتحاد ولتقديري لدور سميرة في التنسيق الإداري للاتحاد من أجل تونس.

وبعد النقاش اقترحتُ على "المسار" أن نرتقي بالاتحاد من أجل تونس إلى مستوى حزب مستقل ليقيني من أن الحزبين الآخرين الاشتراكي والعمل الوطني سيوافقان. فقال لي سمير: من سيتبعك من النداء؟ قلت :أغلبية المؤسسين الأوائل في كامل جهات البلاد الذين آمنوا بالنداء ودخلوه لثقتهم في شخصيا بحكم ماضي النقابي والحقوقي والتربوي، لكن بدأ يخيب ظنهم لما رأوه من فساد بدأ ينخر الحركة، إذ أصبحت الترشحات للبرلمان تُباع وتُشرى من قبل بعض المحيطين بالباجي. فقال لي سمير: "الفكرة جيدة، لكن ننفذها بعد الانتخابات". فقلت: "إن بقيت صالحة بعد الانتخابات". ورأيت في هذا الموقف الضربة الثالثة للاتحاد.

الطيب البكوش

الطيب البكوش في ورقات جديدة من مذكراته: بين وزارتي التربية والخارجية (الحلقة الأولى)

الطيب البكوش: موقف الاتحاد العام التونسي للشغل من الحكومة الانتقاليّة (جانفي 2011) (الحلقة الثالثة)

الطيب البكوش: بين لجنة الإصلاح السياسي وهيأة حماية الثورة (الحلقة الرّابعة)

الطيب البكوش: استغلال الثورة لبث الفوضى (الحلقة الخامسة)

الطيب البكوش: مباشرة مسؤولياتي في وزارة التربية (الحلقة السادسة)

الطيب البكوش - جانفي 2011: عقد ندوة صحفية بمقر وزارة التربية (الحلقة السّابعة)

الطيب البكوش: قضية مديري المعاهد الثانوية (الحلقة الثّامنة)

الطيب البكوش: قضية النقاب في المؤسّسات التربوية خلال إشرافي على وزارة التربية (الحلقة التّاسعة)

الطيب البكوش: قضية الكاباس وقضايا الانتدابات في التعليم الثانوي (الحلقة العاشرة)

الطيب البكوش: بذل مجهود لتقريب الأزواج في قطاع التعليم وحل إشكاليات المناطق الأثرية في قرطاج وسيدي بوسعيد (الحلقة الحادية عشر)

الطيب البكوش: اتخذت قرارات هامّة لصالح قطاع التعليم عند إشرافي على وزارة التربية بعد الثورة (الحلقة الثّانية عشر)