عبد الواحد العبّاسي: المنظومة الصحيّة، من الحوار المجتمعي إلى مشروع السياسة الـــوطنية للصحّــة

لن ينطلق إصلاح المنظومة الصحيّة من فراغ بل سيجد القائمون على هذا الإصلاح مادّة ثريّة للغاية لرسم سياسة وطنية جديدة للصحّة تتمثّل بالخصوص في مخرجات الحوار المجتمعي حول الصحّة الذي ينتظر الجميعنتائجه على الميدان. ومن بين أعضاء اللجنة الفنيّة للحوار الدكتور عبد الواحد العبّاسي، وهو طبيب من قدماءالصحّة العمومية قام بتطوير استراتيجية الرعاية الصحيّة الأساسية في تونس في سبعينات القرن الماضي. عمل موظّفا دوليّا في منظّمة اليونيسيف لمدّة 12 سنة ومثّلها في عدّة بلدان خاصّة في أفريقيا.كما عمل في مقرّالمنظمة مكلّفا بالعلاقات مع المنظّمات الصحيّة الموجودة في جنيف. كما عمل في منظّمة الصحّة العالمية بجنيف وكان منسّقا للشراكة من أجل الصحّة. وهو عضو مؤسّس للجمعية التونسية للدفاع عن الحقّ في الصحّة التي أنشئت سنة 2012 وعضو كذلك بالجامعة المغاربية للصحّة العمومية.

يحدّثنا الدكتور عبد الواحد العبّاسي عن مراحل الحوار المجتمعي وأهمّ ما انبنى عليه مشروع السياسة الوطنية للصحّة المنبثق عن الحوار.

مراحل الحوار المجتمعي للصحّة

«انطلقت المرحلة الأولى للحوار في شهر أكتوبر من سنة 2012  وانتهت في سبتمبر 2014 بتنظيم الندوة الوطنية التي أشرف عليها رئيس الحكومة آنذاك مهدي جمعة وصدر عن اللجنة الفنية الكتاب الأبيض لقطاع الصحّة وفيه تقييم للوضع القائم وتوصيات لإصلاح المنظومة . وقد تبنّت الندوة الوطنية ذلك.

وانطلقت المرحلة الثانية للحوار إثر ذلك لصياغة سياسة صحّية وطنية جديدة تأخذ بعين الاعتبار توصيات الندوة الوطنية مع تشريك كلّ المعنيين في 24 ولاية لضمان انخراطهم في بناء المشروع الجديد. وتمّ تقديم المشروع خلال الندوة الوطنية التي انعقدت في جوان 2019 وخرجت الندوة بنداء يركّز على أهميّة أخذ هذا المشروع بالجدّ اللازم وإنجازه كما ينبغي لصالح المواطن والبلاد. وتبنّت وزارة الصحّة «مشروع السياسة الوطنية للصحّة» وأنشأت وزيرة الصحّة آنذاك لجنتين تتولّى الأولى توظيف توصيات مشروع السياسة الصحّية في إعداد مخطّط التنمية القطاعي للصحّة، وتتولّى الثانية إعداد مشروع قانون جديد للصحّة ليعرض لاحقا على مجلس النوّاب للمصادقة، علما أنّه لا يوجد قانون يؤطّر المنظومة الصحيّة ويحدِّد التوجّهات العامّة للصحّة منذ 1991.

أهمّ التوصيات الواردة بمشروع السياسة الوطنية للصحّة

انبثقت عن الندوة الوطنية لسنة 2014 ثلاث توصيات هامّة لتطوير القطع وهي أوّلا اعتبار المواطن في قلب المنظومة الصحيّة ليكون هدفها الأساسي وثانيا تقليص التفاوت وعدم المساواة في مستوى النفاذ إلى الخدمات الصحيّة الجيّدة من الناحية الاجتماعية ومن الناحية الترابية على مستوى الجهات من أجل تحقيق التغطية الصحيّة الشاملة وثالثا دعم النهوض بصحّة المواطن والمحافظة عليها وإعطائها الأولوية القصوى التي تستحقّها قبل الإصابة بالأمراض من خلال سياسية للوقاية منها، ذلك أنّ 83 % من مصاريف الصحّة تستنفذها الأمراض المزمنة تتسبّب في 8 وفيات تقريبا من كلّ 10 وفيات مبكّرة.  ويمكن التقليص من حجم هذه الأمراض ووقاية المواطن منها قبل وقوعها بتحفيز المواطن على الإقلاع عن التدخين أو توعيته بالتخفيض من استهلاك السكّر والملح أو حثّه على ممارسة الرياضة ...الخ ..

وقد تمّ خلال الحوار المجتمعي ما بين 2014 و 2017  تقييم الوضع وتسجيل استمرار أزمة قطاع الصحّة وعدم إنجاز أيّ إصلاحات لتغيير الوضع وتواصل الحوار بنسق مطّرد من صيف 2017 إلى جوان 2019  وتمخّض عنه « المشروع الوطني للسياسة الصحّية « سنة 2019 .

وإذا أردنا النجاح في الإصلاح علينا إعادة الاعتبارإلى الخط ّالأول للصحّة الذي يضمّ مراكز الرعاية الأساسية والمستشفيات المحليّة وأطبّاء الطبّ العامّ في القطاع الخاصّ واعتماد صحّة العائلة والجوار بوابة للمنظومة الصحيّة وعلينا إعادة الاعتبار للقطاع العمومي وتوفير الموارد البشرية وتحفيزها وإيجاد الموارد المالية والتمويل اللازم ، فضلا عن دعم المستشفيات العمومية حتّى تساهم في تحقيق الإنصاف المرجو ولتضطلع بدورها في التكوين والبحث العلمي».

د. عبد الواحد العبّاسي
عضو اللجنة الفنية للحوار المجتمعي حول الصحّة

قراءة المزيد

صلاح الدين السلامي: هكذا يـمـكـن أن نحقِّق  التغـطـيـة الصحيّــة الشـامـلـة

الشاذلي الدزيري: بعــث وكالـة وطـنـيّــة للبحـــث فـــي المجال الطـبّــي

أبو بكر زخامة: التكامل الفعلي بين القطاعين العامّ والخـاصّ يفتح آفاقا عـلاجية أرحب للمواطنين

سهيّل العلويني: تخصيص حـوالي 10 بالمــائة من ميـــزانية الدولة لقطاع الصحّة

حبيبـة بــن رمضــان, وزيرة الصحّة ســابقا: النــظام الصـحّي  التـونســي والتحوّلات الكبـرى

خالد الكريشي, رئيـس لجنة الصحّة والشؤون الاجتماعية بالبرلمان: إحداث توازن في المنظومة الصحيّة

أيّ منظومة صحيّـة نريد؟