وزيـرة التعليم العالـي والبحث العلمي الجديدة ألفة بن عودة في حديث المصـارحـة: هذه خطّتنا
ربع مليون طالب وطالبة يتأهبون هذه الأيام لارتياد ما لا يقلّ من 172 مؤسّسة تعليم عال تحت إشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي (وغيرهم لمؤسّسات جامعية تابعة لوزارات أخرى) حيث ينتظرهم 18 ألف أستاذ من شتّى الدّرجات والاختصاصات و19 ألف إداري وفنّي وعامل من عدّة أصناف.
الجميع يقبل وعائلاتهم معهم، على هذه السنة الجامعية الجديدة بتوق للترقي في مدارج العرفان والبحث ولكن أيضا بوجل مخافة انتشار عدوى الوباء ومغبّة انقطاع سير الدروس وغلق المبيتات والمطاعم وإقرار حجر صحّي، إن لن يكون عاما، قد يتوجّب جهويا مع منع التنقّل بين الولايات.
الهاجس الأساسي الذي لا يبرح الأفئدة هو كيف نحكم التوقّي مــــن سريان الكوفيد- 19 من جهة، ونضمن من جهة أخرى استرسال التعليم ولو عن بعد، ونؤكّد القيمة الثمينة للشهادة التونسية المعترف دوليا بجودتها العالية؟
منطق الممكن
في الطابق الثالث من مبنى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، بشارع أولاد حفوز بالعاصمة، تعكف الوزيرة الجديدة، ألفة بن عودة صيود على استنباط الحلول لإدارة كلّ الاحتمالات.
أكيد أنّ تخصّصها الجامعي في علوم التصرف التي توّجته برسالة دكتورا نالت جائزة رئيس الجمهورية وتجربتها قبل تعيينها مؤخّرا، رئيسة لجامعة قرطاج وتمرّسها على الخطّة بصفة نائبة للرئيس، تمنحها جاهزية فعّالة وقدرة متميّزة لتقييم الموقف واختيار السبل، على الرغم من التحوّلات السريعة التي تستوجب تحيينا يكاد يكون يوميّا.
" طبعا نرنو جميعا إلى الأفضل والأقصى والأرشد، ولكنّ الواقعيّة تفرض علينا إكمال منطق السعي نحو الممكن والحرص على تحقيقه في أحسن الظروف وأقرب الآجال " باختزال شديدة تفصح الوزيرة عن المبدإ الذي اهتدت إليه. وتواصل حديثها الحصري لمجلة ليدرز العربية، والأوّل منذ تولّيها الوزارة، بنبرة هادئة صادقة أنّ مجالات التحرّك تبقى محدودة في مواجهة المجهول بكلّ احتمالاته ولكن تجربة السنة المنقضية حملت عديد الاستنتاجات والعبر التي تستنير بها."
بروتوكول صحّي خاصّ وتطهير بالكامل
" عودة قويّة للعدوى، لا قدّر لها، لن تباغتنا هذه المرّة، لأنّه من المفروض أنّنا نكون قد تنبّهنا للنّقائص واستعددنا لتلافي كلّ المعوّقات"، تضيف الوزيرة "أوّل جهد يتركّز حاليّا على وضع البروتوكول الصحّي الخاص المقرّر من قبل وزارة الصحّة، لمؤسّسات التعليم العالي ومبيتاتها ومطاعمها، موضع التنفيذ العقلي، انطلاقا من تنظيف الفضاءات وتطهيرها واحترام حمل الكمّامات وقواعد التباعد الشخصي وتوفير وسائل حفظ الصحّة. وهناك مشاورات حكومية جارية اليوم لتنسيق مداخلات الوزارات المعنية الأخرى من تربية وغيرها. بخصوص ظروف توفير الكمّامات وسوائل التطهير وتقييم انعكاساته المالية ومدى مساهمة التمويل العمومي في تكلفته".
حق النفاذ إلى التعليم عن بعد
وتواصل السيدة ألفة بن عودة صيود قائلة بأنّ التّحدّي الأكاديمي المرادف لحماية الصحّة هو استرسال التعليم دون انقطاع وهو ما يفرض تطوير أنظمة التعليم عن بعد وصياغة محتوياته وبرمجياته وشبكاته مع تسهيل النفاذ إلى الخدمات الرقمية لكافّة الطلبة، أينما كانوا بأقلّ التكاليف مع اسعاف المعوزين منهم. وتلحّ الوزيرة في هذا الصدد على واجب التضامن والتعاون، مفتاحا لإنجاح التدريس عن بعد، عند الطوارئ بالخصوص، وذلك بإحكام الشراكة بين المؤسّسات الجامعية فيما بينها بما يسمح لأيّ طالب اللجوء إلى أقرب مؤسّسة جامعية لمحلّ سكناه الأصلي، للنفاذ إلى الأنترنات وتحميل الدروس والتواصل عبر الفيديو وغيرها. وتضيف مؤكّدة أنّ التضامن لا بدّ من أن يتنامى بين الطلبة أنفسهم حتّى يساعد كلّ طالب زميله، وهي تعوّل كثيرا في هذا المجال عل دور نوادي الطلبة والجمعيات وسائر مكوّنات المجتمع المدني، مع أفراد العائلة برسالة أساسيّة في دعم كلّ هذه الجهود سواء للإحاطة بأبنائها أو أيضا لإسناد المؤسّسات الجامعية.
قاطرة علم واقتصاد ونفس مقاييس النجاح
وتعتبر السيدة ألفة بن عودة صيود، وهي أستاذة علوم التصرّف أنّ التعليم العالي هو قاطرة رئيسية للاقتصاد، فضلا عن العلم أو المعرفة والبحوث، وهو ينبني على منظومة مؤسّسات لا تختلف كثيرا في طبيعتها وحكومتها وتسييرها عن أيّ مؤسّسة اقتصادية وهي تلتزم بجودة المنتوج، وهنا العلمي منه ومقاييس النجاح بتمكين أقصى عدد ممكن من الطلبة من إنهاء دراستهـــــم بتفوّق وتألّق. ومن هذه المنطلقات، تؤكّد الوزيرة حرصها على تشريك كلّ الأطراف الجامعية والأسرية والمجتمعية والاقتصادية في صياغة توجّه جديد يؤسّس لإنجاح العودة الجامعية والسنة الجديدة بمجملها وتقول وهي المفعمة إيجابية وأملا، إنّ الأزمة الوبائية وتداعياتها التعليمية، تحمل ضمن أبعادها المهمّ توظيفها ضرورة الانخراط الجماعي في مسار التفاعل السريع مــــع التحوّلات الطارئة والتكاتف الجماعي بروح الفريق الواحد.
توفيق الحبيّب
- اكتب تعليق
- تعليق