أخبار - 2020.07.02

بعد مصادقة مجلس الأمن على مشروع قرار تونسي فرنسي حول جائحة الكورونا, هل هي عودة إشعاع الدبلوماسية التونسية؟

بعد مصادقة مجلس الأمن على مشروع قرار تونسي فرنسي حول جائحة الكورونا, هل هي عودة  إشعاع الدبلوماسية التونسية؟

بقلم : جيهان غديرة - مثلت جائحة كورونا زلزالا صحيا واقتصاديا شلّ العالم مما دعا إلى تنسيق دولي للحدّ من ارتداداته، و هو ما عملت عليه الديبلوماسية التونسية التي استغلت موقعها صلب مجلس الأمن الدولي فقدمت مشروع قرار مشترك مع فرنسا لتنسيق الجهود العالمية لمكافحة الجائحة، الذي يشكل أول تحدّ لها لاسترجاع مكانتها وتعديل بوصلتها.

مجلس الأمن يتبنى مشروعا تونسيا فرنسيا

تعتبر عضوية تونس غير الدائمة لمجلس الامن الدولي لمدة سنتين تحديا حقيقيا لديبلوماسية خاصة بعد تجاوز أول امتحاناتها بسلام، حيث تبنى مجلس الأمن الدولي، مساء الأربعاء 1 جويلية 2020، بالإجماع المشروع التونسي الفرنسي المتعلق بمكافحة جائحة “كوفيد 19"، و الذي يهدف إلى تعزيز التعان الدولي، ودعم المبادرة التي طرحها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في 23 مارس الماضي.

كما يدعو القرار إلى "هدنة إنسانية ووقف شامل للنزاعات المسلحة لمدة 90 يوما متتالية على الأقل، للتمكين من إيصال المساعدات"، مؤكدا أنّ حالات العنف وعدم الاستقرار الناجمة عن هذه النزاعات يمكن أن يؤدى إلى تفشي الوباء واستعصاء احتواء آثاره، إضافة إلى أنّ عدم التمكن من محاصرة هذه الجائحة و ستكون له من ناحية أخري انعكاسات خطيرة علي الامن والسلم الدوليين. كما تضمن تأكيدا على دور الأمم المتحدة والجهات المانحة في تفعيل التضامن الانساني ودعم النظم الصحية للدول النامية لمجابهة الوباء.

وتعتبر مصادقة مجلس الأمن على مبادرة انطلقت تونسية وتحمل بعدا نبيلا يكرس التضامن الدولي، إضافة  الى توسيع مفهوم السلم والامن وربطه بمسائل لها علاقة بالصحة والاوبئة خطوة هامّة للديبلوماسية التونسية على درب استعادة سالف إشعاعها

وتعديل بوصلتها وتصحيح مسار السياسة الخارجية لبلادنا وعودتها إلى ثوابتها ، مع تغيير المقاربات والأساليب. خصوصا في ظل الانتقادات التي طالتها على خلفية الارتباك الذي عرفته إدارتها في الأشهر الأخيرة .

تونس تنجح في تمرير قرار دولي لمجابهة كورونا

بدت المفاوضات بطيئة ومتعثرة  وامتدت لأكثر من أربعة أشهر منذ طرح المشروع التونسي الفرنسي في ظل الخلافات القائمة بين الصين والولايات المتحدة بشأن ما إذاكان القرار سيتضمن أم لا إشارة إلى منظمة الصحة العالمية، التي تتهمها واشنطن بالفشل في التعامل مع الجائحة لعدم انتهاج الشفافية والتأخر في تحذير العالم من تداعيات كوفيد-19، وفي المقابل تريد بكين تضمين النص التشديد على أهمية المنظمة في مكافحة الجائحة . فمثل المشروع المصادق عليه حلا وسط لنيل الموافقة النهائية للولايات المتحدة والصين عليه ، اذ لا تشير صياغته مباشرة إلى منظمة الصحة العالمية وانما تذكرها فقط بشكل غير مباشر من خلال الإشارة إلى "الضرورة العاجلة لدعم جميع الدول والكيانات ذات الصلة ضمن نظام الأمم المتحدة، بما فيها وكالات الصحة المتخصصة ".

وتعتبر هذه المصادقة  إنحازا كبيرا للدبلوماسية التونسية التي نجحت في قيادة هذه المفاوضات وتجاوزت خلافات وصراعات عديد الدول الاعضاء حول الشكل والمضمون بتوحيد مواقف مجموع الأعضاء حول المشروع .

والجدير بالذكر أنّ هذا المشروع  أتى بعد مفاوضات استغرقت نحو شهر بشأن مشروعين متنافسين، الأول تقدمت به الدول العشر غير دائمة العضوية بمبادرة من تونس، والثاني مبادرة من فرنسا مع دول أخرى دائمة العضوية قبل التوصل إلى صيغة مشتركة.

قرار غير قابل للتطبيق

رغم التصويت بأغلبية مطلقة على مشروع القرار التونسي الفرنسي في ظلّ الانتقادات الموجهة إلى نظام العولمة الذي أعطى الأولوية للتسلح على حساب قضايا الإنسان بمايضرب صورة أي دولة قد تعارض مبدأ التضامن الانساني الذي يرتكز عليه مشروع هذاالقرار، فإنّ البعض يرى أنّه غير قابل للتطبيق لعدة اعتبارات أولها مواجهة العالم لعدو خفي لا يملك آليات واضحة لمحاربته غير قواعد الوقاية، وثانيها انحسار دورالمنظمات وتراجعها نتيجة الأزمة الحالية واختيار كل دولة الانغلاق على نفسها وهو ماتجسّد في وقف الولايات المتحدة لتمويلها لمنظمة الصحة العالمية ومعارضة الاتحادالاوروبي لتمويل ايطاليا واسبانيا نتيجة أزمة الثقة التي تعصف بوحدته ، إضافة إلىالدور السياسي لمجلس الأمن الدولي الذي لا يملك سلطة قرار تفرض توجها تضامنيا على الدول الأعضاء وإقراض البلدان المتضررة أو مساعدتها اقتصاديا باعتبار أنّ المسألة سيادية بالأساس وميثاق مجلس الأمن يمنع على هذا الهيكل التدخل فيالشؤون الداخلية للدول بما يطرح إشكالا حقيقيا في علاقة بتجسيد هذا القرار فعليا.

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.