عماد الحمروني: التشيّع في تونس
قال عماد الحمروني: «التشيّع في تونس حالة نخبوية، ومازال شيعة تونس في حالة تبلور وتكوّن، لا يوجد دعم خارجي، وإني كثيرا ما أضحك عندما أقرا مقالات وتحليلات صحافية تونسية وعربية يزعم كاتبها أنّ شيعة تونس يتلقّون الدّعم الكبير من إيران بل منهم حتّى من كتب أنّنا مدعومون من طرف النظام السابق!. إنّها اتّهامات مجانية وغبيّة مازال يردّدها إلى الآن بعض الغوغائيين في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الغاية منها التّشكيك في وطنية شيعة تونس».
ويرفض محدّثنا فاكر الصفاقسي أحد شيعة بنزرت فكرة ارتهان شيعة تونس بالإيرانيين واعتبارهم تابعين لهم مسلوبي الإرادة. وقال في هذا السياق: «لماذا نربط الشيعة بإيران؟ لماذا لا يتمّ الحديث عن الجماعات الشيعية الكبرى الأخرى في العراق وتركيا وباكستان والكويت والبحرين؟ لماذا هذا الحرص على ربط التشيّع بالعنصر الفارسي؟ التشيّع في تونس سبق التشيّع الإيراني. ليس لي علاقة بإيران، ولم أزرها أو أزر مؤسّساتها الرسمية الموجودة في تونس ولو مرّة واحدة، لكن لا أخفي إعجابي بعدد من مواقف الجمهورية الإسلامية المساندة لحركات التحرّر في العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية».
ونفى محمد صالح الهنشير أيّة صلة له مع الإيرانيين الرّسميين وغير الرّسميين، وأكّد أنّه لم يزر إيران ولو مرّة واحدة، وأنّ سفارتها ومركزها الثقافي في تونس لم يوجّها إليه دعوة لأيّ مناسبة، على الرّغم من أنّه من الوجوه الشيعية البارزة. وعبّر الهنشير عن رفضه ربط التشيّع التونسي بالتشيّع المشرقي عامّة على الرغم من زياراته المتعدّدة إلى العراق وحضوره المستمرّ في المناسبات الشيعية الكبرى. وأكّد ضرورة ربط هذه الحالة الدينية بسياقها التونسي المتجذّر في التّاريخ لضمان انسجام شيعة تونس مع مجتمعهم، وتجنّب أخطاء جماعات شيعية أخرى أولت روابطها المذهبيّة أولوية على حساب روابطها الاجتماعية والتّاريخية في أوطانها.
وقد تجنّب محدّثنا توضيح هذه النقطة على الرغم من محاولاتنا، وبرّر ذلك بحرصه على عدم الخوض في شؤون الآخرين احتراما للخصوصية وحفاظا على الحياد وتجنب الجدل. ويلتقي الهنشير في هذا الطرح مع عبد الحفيظ البناني الذي أبدى حرصا في مقابلتنا معه على ربط التشيّع بسياقه التونسي. وحين سئل امبارك بعداش إن كانت العمامة التي يرتديها تعبّر عن انتمائه المذهبي قال: أوّلا العمامة تقليد عربي، وثانيا ما أضعه على رأسي هو عمامة تونسية لها وظائف صحيّة، ومن أهمّها الحماية من العوامل الطبيعية مثل الحرارة والرياح بحكم انتمائه إلى بيئة صحراوية (جرسين-قبلي)، وأكّد أنّ عمامته تختلف عن العمامة العلمية التي يرتديها الإيرانيون والمشارقة.
وتحرص الوجوه الشيعية البارزة على ربط التشيّع بسياقه التونسي عن وعي بأهمية هذا الأسلوب في إنجاح خلق بيئة شيعية كانت في المدى القريب من المحظورات التي يعاقب عليها العرف والعادة والقانون.
تقرير الحالة الدينية في تونس
(المجلّد الثالث ص 309)
قراءة المزيد:
تقرير الحالة الدينية في تونـس: هيكلته العامّة
مـنـيـر السـعــيـداني: تقرير الحالة الدينية في تونس يبني قاعدة صلبة لنقاش هادئ في الشّأن الديني
التعـدّدية الدّينيـة في تـونس من خـلال البحــث الميـداني
- اكتب تعليق
- تعليق