تقرير الحالة الدينية في تونـس: هيكلته العامّة
تكتسي الحالة الدينية في تونس كما في عدّة بلدان أخرى أبعادا مختلفة ومتشعّبة نظرا إلى تنوّعها وتداخلها مع السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي في الوقت نفسه. وقد أغرى هذا التنوّع والتّشابك الباحثين بدراسة هذه الظاهرة في علاقتها بأبعادها المختلفة في محيطها ومحاولة فكّ رموز تلك العلاقة. وفي هذا الإطار نسلّط الضوء اليوم على ما ورد في آخر تقرير بحثي أكاديمي يصدر هذه الأيام عن مؤسسة «مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث»، التي يوجد مقرها الرسمي في الرباط بالمغرب بالتزامن مع معرض تونس الدولي للكتاب ويتناول الحالة الدينية في تونس.
ليست هذه الدراسة الأولى من نوعها حول هذه المسألة فقد أعدّ المرصد الوطني للشباب بالشراكة مع منتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية والمعهد العربي لحقوق الإنسان سنة 2015 تقريرا حول الحالة الدينية وحرية الضمير في تونس أفضى إلى نتائج هامّة بخصوص درجة التسامح والاحترام داخل المجتمع التونسي. كما أصدرت مؤسسة «مؤمنون بلا حدود» أيضا دراسة مماثلة حول الحالة الدينية المعاصرة في الفترة من 2010 إلى 2014 في مصر. ويأتي التقرير التونسي ليوثّق للحالة الدينية في تونس في الفترة الممتدّة من 2011 إلى 2015، ونورد منه، بصورة حصريّة، عدّة مقتطفات.
يمسح التقرير 1418 صفحة مقسّمة على 4 مجلدات وقام بالدراسات 35 مـؤلفا ومـوّلته مــؤسسة «مؤمنــون بلا حدود». وأشرف على فـريق العمـل د. منـير السعيداني أستاذ علم الاجتماع بجامعة تونس المنار وتضمّ لجنة القيادة إضافة إلى رئيس الفريق الأستاذين نادر الحمامي واحميدة النيفر. وشارك في التقرير أكاديميون وباحثون أحرار وخبراء وموظفون وتنوّعت اختصاصات الباحثين فنجد علم الاجتماع والأنتروبولوجيا والتاريخ والعلوم السياسية والعلوم القانونية والعلوم الحضارية والعلوم الثقافية وعلوم الإخبار والعلوم الدينية وينتمي الباحثون إلى جامعات تونسية مختلفة.
تكوّنت اللجنة المشرفة على التقرير في نوفمبر 2014 وبعد أن نظّمت أوّل اجتماع لها انطلق العمل الفعلي في جانفي 2015. وعلى مدى 25 اجتماعا تمّ الاتفاق على الخطوط العامة للتقرير وعلى الفترة التاريخية التي يغطيّها وعلى المواضيع التي سيتناولها وعلى هيكلته العامة وكذلك على قائمة الباحثين الذين يمكن أن يشتركوا في كلّ محور على أساس الكفاءة والاختصاص. وتمّت مناقشة هذا التصوّر مع الباحثين في اجتماع عام معهم عقد في أفريل 2015 وتواصلت النقاشات إلى شهر جوان من نفس السنة للوصول إلى اتّفاق حول المحاور والفترة المعنية بالبحث الذي اتفق على أن يغطّي السنوات 2011 – 2015. أمّا المسح الميداني فقد أجري في أواخر سنة 2015. وقام الباحثون بصياغة بحوثهم ملتزمين بالقواعد التحريرية والبحثية التي تمّ الاتّفاق عليها وهي نفس القواعد التي على أساسها وقعت مراجعة البحوث بعد الانتهاء منها. ولكن هذا الالتزام لم يمنع الباحثين في التحليل من التمتع بالحرية الأكاديمية والاعتماد على توجّهات منهجية وعلمية مختلفة تبرز أنّ لكلّ باحث طريقته الخاصّة ورؤيته المتميزة.
الهيكلة العامّة للتقرير
يضمّ التقرير أربعة مجلدات موزّعة كما يلي:
المجلّد الأوّل: تناول المستوى المؤسّسي للحالة الدينية في تونس في 438 صفحة وبمشاركة 10 باحثين. وفي هذا المستوى تركّز اهتمام الباحثين على وزارة الشؤون الدّينية والمجلس الإسلامي الأعلى والجمعيات الثقافية والجوامع والمساجد والمؤسسة الزيتونية ومناهج التعليم الديني والمشهد الإعلامي الديني ومواقع التواصل الاجتماعي والإنتاج العلمي حول الشأن الديني.
المجلد الثاني: خصّص للمستوى القانوني فتعرّض الباحثون وعددهم ثمانية إلى الاتفاقات الدولية وقانون الأحوال الشخصية والأحزاب ذات المرجعية الدينية والأحزاب الأخرى وموقفها من الدين والانتخابات والدستور والحركة الطلابية والنساء والتديّن والجمعيات والمنظمات المهنية الدينية. ويمتد هذا الجزء على 366 صفحة.
المجلد الثالث: تناول بالدرس التنوّع الديني والمذهبي في تونس على امتداد 414 صفحة أعدّها 9 باحثين. وتعرّض الباحثون لليهود واليهودية وللمسيحية والمسيحيين والمالكية والصوفية والحنفية والإباظية والدعوة والتبليغ والسلفية والشيعة...
المجلد الرابع: خصّص للعمل الميداني الذي أنجز تحاليله 6 باحثين على امتداد 200 صفحة من خلال مسح وطني ميداني بواسطة استبيانات عرضت على 1800 شخص أجابوا على 170 سؤالا.
قراءة المزيد:
تقرير الحالة الدينية في تونـس: هيكلته العامّة
مـنـيـر السـعــيـداني: تقرير الحالة الدينية في تونس يبني قاعدة صلبة لنقاش هادئ في الشّأن الديني
التعـدّدية الدّينيـة في تـونس من خـلال البحــث الميـداني
- اكتب تعليق
- تعليق