أخبار - 2017.04.26

محـي‭ ‬الدّيـن‭ ‬القليـبـي: أوّل‭ ‬من‭ ‬نهج‭ ‬للعمل‭ ‬الميداني

محـي‭ ‬الدّيـن‭ ‬القليـبـي: أوّل‭ ‬من‭ ‬نهج‭ ‬للعمل‭ ‬الميداني

عرفتُه في عزّ قوّته: فارع القامة، وضّاح الوجه، في عينيه شُعلة من المرح والدّهاء؛ وفيهما، تارة بتارة، هيبة الوقار ولطف ذي القربى. لا أذكر أنّي سمعتُه يرفع عقيرته في وسط عائلي، أو يحتدّ في جدال مع أحد مِن أقاربه. وقال لي مَن يعرفه حميم المعرفة وهو عمّي إبراهيم شقيق زوجته إنّه لا يسأل حاجته إلى أحد، ولا يردّ سائله خائبا، مَهمَا كان الحال. وروى لي، عن ذلك، قِصصا عجيبة تشهد له بذلك.

كان يجمع بين الاعتداد بالنفس في مواجهة خصومه في السياسة وبين فرط التواضع إلى مَن سواهم.

لم يكُن له رزق ثابت غير ما يُنفق عليه والده. لكنّه من الذين «يحسبهم الجاهل أغنياء مِن التعفّــف»؛ حتّى لمّا تفـرّغ لإدارة الحزب، فإنّه لم يكــن يعتقد أنّ عمله ذاك يستحقّ عليـه الأجر ولم يفكّر أحد مِن زملائه في ذلك. وكان، مع كثرة شواغله، دوما في قضــاء حــاجات النّاس، سريع العطاء، رغم قِلـّة ذات اليد.

كان يسكن منزل والده، بضاحية من ضواحي مدينة المرسى، تُعرف بـ«بُرج الحُوكي». ولمّا أسندت إليه إدارة الحزب، كان هناك يستقبل وفودا من شُعب الحزب، من مختلف الآفاق. فيَحرصُ على إكرامهم، والإسهاب في التحدّث إليهم، دون تعجّل. فإذا جنّ الليل، يستبقيهم للعَشاء، على ما حضر من طعام. وكان والده، الشيخ المهيب اللحية، هو الذي يقوم على إعداد هذه الولائم المرتجلة، في بساطة وأريحيّة الأبوّة. وتُحدّث زوجته «لاّ محبوبة»، عمّتي أنّ ذلك كان أيضا ديدنه لمّا هاجر إلى  القاهرة، بعد الحرب العالميّة الثانية. فكانت الشقّة الصغيرة، التي اتّخذها منزلا، تغصّ، كلّ مساء، بالزوّار والضيوف، من أصدقاء مصريّين، وزملاء له، من مناضلي أقطار المغرب الكبير.

وممّا حكت أيضا أنّه، في إحدى زيارات رئيس «الإخوان المسلمين»، الحَسن البنّا، سمعَت زوجها يُندّد بما أخذ فيه أتباع الجمعيّة مِن اغتيالات لِخصومهم، مستشهدا بآيات وبأحاديث نَبَويّة، تَنهَى عن ذلك أشدّ النهي. كنتُ، وأنا في سنّ المراهقة، أطيل النظر في كُتبه التي كانت على رفوف بغرفته الخاصّة. وأذكر أنّ فيها مجموعات لِصحُف يوميّة. وممّا لفت نظري كِتاب في أجزاء كثيرة أثار عنوانه استغرابي وتساؤلي، وهو «يتيمة الدهر». فأخذتُ أتصفّحه. فلم أكد أتركه. وكنتُ أعود إليه كلـّما سَنحَت الفرصة، لأقرأ منه مقطوعات شعريّة، لم يكن لي عهد بمثلها. وأذكر أنّي اكتشفت، إذّاك، أبياتا رائعة لشاعر، هو اليوم مغمور، يُلقّب بـ«صريع الغواني».

ثمّ شاءت الصُّدف أن اهتمّ سي محي الدّين شخصيّا بتوجيهي إلى مناظرة الدخول لثانويّة الصادقيّة. فكان، على اكتظاظ أوقاته، يجلسني إليه، بعد الغداء، لقراءة صفحة من كِتاب «العبرات» ثمّ، في فترة لاحقة، من كِتاب «النظرات». فألهمني حبّ العربيّة، وعلـّمني تجاوز الألفاظ إلى ما ورائها وزرَع في نفسي شغفا بمطالعة الكُتب العربيّة.

وهو جانب من شخصيّة الرجُل، في ولوعه بالأدب، وحذقه لفنّ التدريس. فقد كان من فرسان السياسة، لكن كان أيضا من ذوي الذوق الأدبي، والحسّ الشعري، ومن أهل الدّراية بشؤون الكتابة. وقال لي عمّي، سي ابراهيم، إنّ محي الدّين كان يقول الشعر، ولكنّه لم ينشر منه شيئا ربّما باسمه؟

وله ثلاثة أبناء، كلّ منهم ورث عن والده ناحية من خِصاله: فعبدالقادر أستاذ وأديب مع خِصال كثيرة والأوسط، الناصر، كان نابغة في الرسم، والأصغر، زين العابدين، كان مُحبّا لِفنون البحر، كثير الزيارة لِموطن الأجداد مدينة قليبية. كان سي محي الدّين خرّيج الزيتونة. إلاّ أنّه لم يزاول بها تعلـّمه على النمط التقليدي. فقد كان يحضر من الدروس ما يتّصل باللغة، وبعلوم الدّين وبالتاريخ الإسلامي. فكان لذلك ينتقي التي تُصادف هوى في نفسه، إذ لم يكن همّه الحصول على شهــادة ما، بقــدر ما كان حريصا على اكتساب أدوات لِما يعتبره «ثقافة» حيّة كان يجد نماذج منها في المجلاّت التي تأتي من المشرق بقدر ما تسمح الإدارة الفرنسيّة بدخوله.

 

فكان لا شكّ مع ثلّـة من أترابه مثل الشابّي وكانت بينهما علاقة يتطّلع إلى ثقافة تمكّنه من خوض معترك المجتمع، ومعالجة القضايا التي تُواجه البلاد وخاصّة منها الناجمة عن استيلاء الجالية الفرنسيّة على مقاليد الحُكم، وتفشّي الجهل في الشَّعب، وانتشار الفقر والبُؤس في البلاد. وكان، منذ أوّل شبابه، مسكون الخاطر بهاجس الوطنيّة، يصبو إلى القيام بدَور في المجتمع، لمعالجة هذه القضايا.   وإذ لم يكن قد تعلـّم الفرنسيّة، فقد عوّض هذا النقص بنهم شديد إلى النظر في الصُحف والمجلاّت المصريّة واللبنانيّة، ومطالعة الكُتب الواردة من الخارج، وخاصّة منها المترجمة. ويُحدّثني عمّي عن سي محي الدّين، بإسهاب لا ينبض، وأنّه تميّز، منذ أوّل شبابه، بحيويّة فكريّة، وجُرأة في المواقف، لفتت إليه الأنظار في أوساط المثقّفين، وفي صفوف القادة الوطنيّين وبدون شكّ، أيضا، لفتت إليه الدوائر المكلّـفة بمراقبة الشبان الوطنيّين. وقد امتدّت ذيول هذه الملاحقة إلى عمّي إبراهيم نفسه، إذ كان يستعد لاجتياز امتحان الحاكميّة ؛ فاستدعاه المدير الفرنسي المشرف إذّاك على العدالة التونسيّة وكان يَستنجبه لجودة فهْمه للقانون، وحذقه للفرنسيّة فسأله عن قرابته بـ «محي الدّين»؛ فلمّا أجابه بأنّه ابن عمّ له، تغيّر وجه الرجُل، وأمره بالانصراف عن مجال العدالة، متوعّدا إيّاه بأنّه لن يكون له فيه حظّ البتّة.

 

وعن عمّي أيضا، كان، محي الدّين، منذ يقظة ضميره، يجمع، إلى الاهتمام بالقضايا السياسيّة، الحرص الشديد على متابعة الشؤون الأدبيّة والفكريّة. وإنّما بالجمع بينهما، اكتسب عمق النظر، وقوّة التعبير، وسعة الأفق. وما نُشر له من نصوص يُظهِر نبوغه في طرْق مواضيع متنوّعة، سياسيّة واجتماعيّة واقتصاديّة، مع مساهمة مرموقة في قضايا أدبيّة وفكريّة. فبَرهن، في كلّ ذلك، عن نضج فكري، وهمّة سياسيّة، وصبوة إلى صناعة الأدب. ومـــن هذه النصــوص التي نُشرت له بعناية إبنه الأكبر الأستاذ عبد القادر، يتّضح أنّه نهج في مقالاته نهجا يدلّ على أنّه فهم منزلة تونس، في خضوعها للإدارة الأجنبيّة، والابتزاز الاقتصادي، والمسخ الثقافي. وإنّما هذا الوعـــي هــو الذي أكسبه النَّفَس الكفاحي الذي لم يُفارقه إلى أن مات، بدمشق، حيث دُفِن بجوار مَن تربطه به أواصر كثيرة: محي الدّين بن عربي. وقد وقفتُ على قبرهما المتحاذيين في أوّل زيـارتي لِدمشق ؛ وكم أسفتُ لِنقل جُثمانه إلى تونس، حيث بقيَت رُفاته دون عناية محروما من ذاك الجوار الأكرم. كان كفاح سي محي الدّين متوجّها إلى ثلاثة محاور، مترابطة لديه ومتكاملة: الدّفاع عن سيادة تونس، والذود عن اقتصادها، وحماية هُويّتها الإسلاميّة العربيّة. وبذلك التوجّه، أدخل، على الكفاح الوطني، شواغل حضاريّة، لم تكُن متداولة، قبله، بذلك الوضوح وتلك القوّة. فكاد، في عهد بروز زعامته، ينفرد بهذا النهج، رغم أنّه لم يعش مثل بورڨيبة في مجتمعات أوروبية، عُرف فيها هذا الكفاح الشامل للأبعاد السياسيّة والاقتصاديّة والثقافيّة، والتي نسمّيها «الحضاريات».

 

ثمّ إنّ فكرة العروبة تكاد تكون غائبة في منهجه الكفاحي، إذ كان متوجّها إلى اتّخاذ التضامن الإسلامي منبع قوّة للكفاح الوطني. فكان، من أدوات الكفاح لديه، تقوية الرابطة الإسلاميّة، لتثبيت الهويّة. وعلى عكس التيّارات المشرقيّة التي تُنعت بـ«الإسلاميّة»، فقد كان الرعيل الأوّل من المكافحين الزيتونيّين متأثّرين بآراء الشيخين محمد عبده وجمال الدّين الأفغاني، يرون في الإســلام الرابطـة بين تُركيـا والبلاد العربيّة؛ ويُؤمنون بضرورة تطوير المجتمع الإسلامي، وتغيير العقليات المتحجّرة. ويقال في العائلة حيث محبّته تشمل الجميع إنّ سي محي الدّين كان إسلامه متّجها إلى الكلمة الطيّبة، وإعانة المحتاج، وخدمة الأقارب.

أمّا التضامن العروبي الذي نهجت له حركات في المشرق، فلم يكن، إذّاك، من المفاهيم السياسيّة الشائعة؛ بل كانت الدعوة إليه يُنظَر إليها بعين الريبة، باعتبارها من «دسائس الانجليز»، لضرب الدولة العثمانيّة، بإحلال التضامن العربي محلّ الرابطة الإسلاميّة.

ولا بدّ أن نتذكّر الأحداث التي هيمنت على المِنطقة في تلك الفترة. فالتبشير، في شمال إفريقيا، كان يزداد نشاطا بتزايد السيطرة الاستعماريّة. و«حوادث التجنيس» بتونس ارتجّت لها القلوب، مخافة على إسلاميّة البلاد.

ثمّ إنّ، في تلك الفترة، كان الاجتياح الإيطالي، لِولايتي طرابلس وبنغازي، على قدم وساق. والأبواق الإيطاليّة تعلن أنّ روما بصدد إحياء إرث الامبراطوريّة الرومانيّة، على ضفّة البحر المتوسّط الجنوبيّة وكانت تونس إذن مشمولة بهذه الخطّة. فكان الهجوم الإيطالي، على القـطـر الشقيـق المجاور شرقا، له أصداء عميقة في كلّ أوساط المجتمع التونسي. ونذكّر، في هذا الصدد، بتطوّع الأعداد الغفيرة من التونسيّين، التحقوا بطرابلس، متسلـّلين عبر الصحراء، خفية من السُلط الفرنسيّة. ولا شكّ أنّ محـي الدّيــن القليبــي كــان يُتابع الأخبار عن تلك الحرب الضروس، والعمليات الشنيعـــة التي يـــرتكبها الجيش الإيطالي. وكـــان يستمـــع لِما يرويــه أحد أقربائه عمـّي الناصر أخـــو زوجته عائدا من جهاد باسل، وفي ذاكـــرته قِصص عجيبة عمّا كان، بين المسلمين وجيــش الجنرال ڨرازياني، من مواجهات ملحميّة.

كلّ ذلك كان يُثير مشاعر الوطنيّة لدى سي محي الدّين، ويُنمّي في ضميره الإيمان بضرورة تضامن المسلمين لصدّ العدوان الأجنبي. فلمّا بلغ مبالغ الزعماء، كانت له تلك المشاعر نِبراسا لا ينطفئ. فكانت خُطبه تشعّ منها حرارة الغيرة على تلك الرابطة لِشعوب الأمّة، وتتدفّق منها مشاعر الأنفة من الظلم والهوان. وكانت مثل كتاباته الصحفيّة يقبل عليها النّاس بشغف.

والنزعة الإسلاميّة لديه، كانت من أجل الحفاظ على أواصر التضامن مع تُركيا، وحماية الهُويّة الحضاريّة، في تونس، مقرونة بنزعة تطويريّة بثّها محمّد عبدو وجمال الدّين الأفغاني، لتعصير المجتمع والنهوض به من الكبوة. ويروي صديقنا المرحوم الأستاذ الحبيب شيبوب وهو من كان في صحّة التوثيق وقوّة الذاكرة وشمول الإحاطة فقرات من خُطب الزعيم محي الدّين، يحفظها عن ظهر قلب. كما يُؤكّد أنّ الشيخ الثعالبي الذي كان لاحظ تميّز كتابات الشاب محي الدّين في أوّل خُطواته لفت انتباهه كذلك أسلوبه الخطابي. فقد كان يتميّز بسلاسة التعبير، وسهولة الارتجال، والتركيز على جوهر الموضوع، مُجتنبا حشو الكلام؛ يشدّ السامعين إليه بعِبارات أخّاذة، ترتسم في الأذهان، وبصِيغ من التهكّم، تسير أمثالا بعد كلّ اجتماع. ويقول سي الحبيب شيبوب إنّ محي الدّين كان يتصدّى لِخصومه السياسيّين، ممّن يقول عنهم إنّهم يمعنون في «خدمة ركاب السفارة الفرنسيّة» ؛ ويُهاجم رؤوس الجالية الفرنسيّة، الذين اعتادوا الغطرسة والتجبّر؛ فيَسخر من أولئك، ويُندّد بهؤلاء؛ والكلّ يَهاب شوكته؛ والكلّ يخشى الدخول معه في مُساجلات، كان له فيها دوما القدح المعلّى. وأذكر أنّ عمّي إبراهيم كان يقول لي إنّ محي الدّين شديد الخصام السياسي، بارع السخرية من مُنــاوئيه وإنّ العِبارة المتداولة عنه في الأوساط الحزبيّة أنّه «الخطيب المِصقع» فبفضل تدخّلاته في الاجتماعات العامّة، ومقالاته في الصحف السيارة، اكتسب سمعة، ما فتئت تعلو، داخل الحزب وخارجه، حتّى أصبح له شأن الزعماء، مُتقدّما على الكثير من القدماء. فكُلِّـف بإدارة الحزب، لمّا كثرت الانتقادات الموجّهة إلى اللجنة التنفيذيّة، لِقِلّـة اتّصالها بداخل البلاد، وعدم وجود مَن يَستقبل الوفود في المقرّ المركزي. واختير سي محي الدّين لهذه المسؤوليّة، لا فقط لأنّه قادر على الإضطلاع بها، ولكن أيضا كما يقول بورڨيبة لأنّ لا أحد، مِن سائر أعضاء اللجنة التنفيذيّة، كان مُستعدّا للتفرّغ لإدارة الحزب، والتخلّـي عن شؤونه الخاصّة أو أعماله المهنيّة.

في قيامه بهذه المسؤوليّة، أظهر محي الدّين باعا وتفانيا وحيويّة، جعلته الرجُل القيادي بعد هجرة الثعالبي، تؤمّه الوفود من كلّ مكان، وكانت تلك الفترة مليئة بأنواع الواجبات، مع بقائه على عادته في مدّ الصحف الوطنيّة بمقالات في مختلف مواضيع الساعة. وكان، خلال تلك السنوات، يعيش على عجل، طيلة يومه المكتظ. فكثيرا ما كان يُضطرّ إلى إملاء مقالاته على من يتولّـى إبلاغها إلى المطبعة، دون أن يجد هو مُتّسع من الوقت لمراجعتها، والتحرّي من نصوصها. فكانت في الغالب قصيرة وهي ميزة إيجابيّة، جعلت الجمهور يقبل عليها. ورغم ما قد يلاحظ في تحرير هذه المقالات، بسبب التعجّل، فإنّها شهادة حيّة على العصر، نفيسة بما تحمله من معلومات، وآراء سائدة آنذاك، وبما تشير إليه من أحداث وقضايا حيويّة كانت تشغل المجتمع التونسي. كما تتضمّن شهادة على اللغة السياسيّة الرائجة في تلك الفترة، مثل استعمال عِبارة «الأمّة التونسيّة» والحركة «الملّـية»... لكن الرجُل الذي أصبح يُعرف في كلّ الأوساط باسمه دون لقبه، كان نسيج وحده، لا فقط في نظرته إلى المجتمع، وإيمانه بضرورة تطويره، بل أيضا في توخّيه طريقة الاتّصال المباشر، وإيمانه بترابط مجالات الكفاح، السياسيّة منها والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة. فقد نهَج ربّما قبل الإبّان؟ لطريقة «الاتّصال المباشر» التي نظّـر لها بورڨيبة، وجعلها من أهمّ طُرُق المقاومة لنظام الحماية. وكان بورڨيبة كثير الحديث عن «محي الدّين»، يعترف له بالسبق إلى الاتّصال المباشر بالشعب؛ بل يقول «إنّ الرجُل، في الحزب القديم، الذي أتعبني هو محي الدّين : حيثما ذهبتُ وجدتُ أنّه سبقني، أو أنّ زيارته منتظرة عن قريب» وشهادة أخرى من بورڨيبة في حقّ الرجُل: فلمّا كان «الزعماء» جميعا مُبعدين في بُرج «الباف»، فإنّه كان من القلائل مع بورڨيبة الذين لم  يهنوا، ولم يستكينوا، ولم يَقبلوا بإمضاء وثيقة الإذعان التي فرضتها عليهم السُلط العسكريّة، شرطا لعودتهم مِن المَنفى.

كـان محي الدّين القليــبي طـــاقـــة وطنيّة، دومـــا في اندفــاع بفكـــره الوقـــّاد، وحماسه الفيّاض، وتضحيّته بمصالح عــــائلته، في سبيل الواجب الوطني؛ لا يَخُور له عزم، ولا تأخذه لومة لائم حتّى نالت منه العِلّـة، وأقعـــدته عــن مواصلة ما كان يُريد من كفاح.

الشـاذلي القليبي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.