في حفل اختتام أسبوع ابن خلدون عام 1932
كاد شارع باب الجديد يصبح شارع ابن خلدون .... وخميس الترنان يقطع العزف لأداء الصلاة
في شهر أفريل من عام 1932، احتفلت تونس بذكرى مرور ستة قرون على ولادة العلامة الكبير عبد الرحمان ابن خلدون(1332-1406م). وقد أقامت الجمعية الخلدونية، لإحياء هذه الذكرى، تظاهرة باسم "أسبوع ابن خلدون" شارك فيها أدباء ومفكرون من تونس والمشرق العربي، وقدمت فيها محاضرات عديدة من قبل علماء أجلاء، يذكر من بينهم الشيخ محمد الفاضل ابن عاشور والأستاذ المؤرخ والباحث حسن حسني عبد الوهاب.
وقد تميزت الجلسة الختامية لهذا الأسبوع بمناقشة موضوع طريف يتعلق بإطلاق اسم ابن خلدون على أحد أنهج العاصمة، تكريما للرجل وإحياء لذكراه.
وقد نقلت مجلة " العالم الأدبي " ( لصاحبها زين العابدين السنوسي) أصداء هذا النقاش، في عددها الصادر يوم 9 ماي 1932، على هذا النحو :
" اغتنم رئيس تحرير هاته المجلة، الأستاذ أحمد الدرعي، الجلسة الختامية لأسبوع ابن خلدون، فقدم اقتراحا باسم " العالم الأدبي" لتسمية أحد أنهج العاصمة باسم الرجل العظيم الذي تحتفل به تونس، فلقي هذا الاقتراح من جميع المحاضرين الموافقة والانشراح، وأيده جناب رئيس تلك الجلسة ( نائب المعارف).
أين ابن خلدون؟
ابن خلدون اليوم لا يحتل من مدينة تونس إلا زقاقا غير نافذ في طرف من أطراف المدينة القديمة ( زنقة ابن خلدون ). فاقترح رئيس الخلدونية قسمة " نهج تربة الباي " إلى قسمين فيخصص أعلاهما بابن خلدون، حيث الدار التي ستحتفل إدارتا الخلدونية والآثار بوضع رخامة تذكارية باسمه، حيث يرجح أنها دار سكناه، وهي الدار التي تحمل اليوم رقم 47.
ومع ذلك، فإن ذلك النهج، زيادة على عدم ملاءمته لاسم ابن خلدون، فإننا نكره أن يزاحم عالمنا العالمي العائلة المالكة في نهج تقوم فيه تربة آباء الملك التونسي.
ونرى أن يعطى الرجل العظيم شارعا كبيرا مناسبا لعظمته، وأن يكون هذا الشارع من السعة والعظمة وضمانة المستقبل بحيث يتناسب بعض التناسب مع الخالد الكبير.
ويرتئي بعضهم أن يعطى أهم شارع يحوط المدينة العربية، ونعني به " شارع باب الجديد" فيتسمى باسم "شارع ابن خلدون"، وهو أمر لا بأس به. فإذا جاز إبدال " شارع الصبايا" باسم " نهج الزواف الرابع"، فلماذا لا نبدل هذا "الباب الجديد" ، الذي أكل الدهر عليه وشرب، بابن خلدون الذي يذكرنا اسمه بالطريق الأقوم للبقاء والعمل، والذي يطيل أعناقنا ويهز من نفوس شبابنا؟".
حضور لافت للتريكي والترنان
أما مأدبة العشاء التي أقيمت، بالمناسبة نفسها، في " قاعة بغداد" الواقعة تجاه المعهد الزيتوني، فإن ما يجلب الانتباه فيها هو حضور الموسيقى، ممثلة في شخصي محمد التريكي وخميس الترنان. فقد "كان السيد "تريكي" ، كما كتبت مجلة " العالم الأدبي" في العدد نفسه، يشنف الأسماع بكمنجته بين مقاطع الخطب طيلة السهرة التي امتدت إلى حول منتصف الليل، والسيد " ترنان" بعوده، وآلة الراديو تريح الجميع".
لكن خللا طرأ على الراديو جعل الحاضرين ينتبهون إلى أن الشيخ خميس الترنان يحسن التوفيق بين تعاطي الموسيقى وأداء الصلاة. ونترك الكلمة لمحرر " العالم الأدبي" ليصف لنا ما حصل : " في أحد الأدوار التي كان منتظرا أن يتكلم فيها الراديو، طرأ خلل على الآلة يستدعي دقائق إصلاح، فطلبوا للأنغام التونسية أن تتحرك، ولكن السيد خميس ترنان كان قد اغتنمها فرصة لأداء فريضته، فتعطلت الحفلة خمس دقائق لصلاة المغني المطرب، صاحب العود "... من دون تعليق.
عادل الأحمر
- اكتب تعليق
- تعليق