أخبار - 2025.10.16

سامي بن عامر، عميد الفن التشكيلي ومبدع "الأرض الروحية"

سامي بن عامر، عميد الفن التشكيلي ومبدع "الأرض الروحية"

بقلم عبد العزيز قاسم - سامي بن عامر فنان تشكيلي عالي المنزلة بين رفاق دربه فهو أستاذهم وإمامهم وحامي حماهم. تخرج من جامعة السربون وعمل أستاذا بالمعهد العالي للفنون الجميلة بتونس ثم تولى إدارة هذه المؤسسة الجامعية العريقة. حدثني عن خُلقِه وعن بيداغوجته قدماء طلبته بمودة وإجلال. انتخب أمينا عاما لاتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين لدورتين. أشرف على العديد من المعارض وقدم لها. ويقام معرض أعماله الخاصة من 3 إلى موفي أكتوبر الجاري في بقصر خير الدين بالمدينة العتيقة بالعاصمة بعنوان "الأرض الروحية".

سامي بن عامر باحث مكتمل الثقافة يحذق اللسانين العربي والفرنسي، يعرف خبايا التراث ويتابع تطور الفنون في العالم. بإشرافه وإسهامه نشرت جامعة تونس كتابا جماعيا ضخما ثنائي اللسان في أربعة مجلدات بعنوان "الفنون التشكيلية بتونس، مسيرة أجيال ورهانات اسطيتيقية وثقافية".من مؤلفات سامي بن عامر الأساسية "معجم مصطلحات الفنون البصرية" (نشر دار المقدمة، 2021). لقد أبحرت وكدت أغرق في  هذه الأنسكلوبيديا علما بأنها ليست ترجمة عن الفرنسية أو غيرها بل هي إبداع شخصي من فكر صاحبه ومن مخزونه الثقافي. وأنا أدعو الأدباء والكتاب وعموم القراء إلى قراءة هذا الكتاب الثري دعما لثقافتهم العامة وتواصلا مع مجال لا نعرف عنه الكثير. هناك قطيعة ينبغي تداركها.في الماضي، منذ القرن الثامن عشر الأوروبي إلى ثلاثينات القرن الماضي كان الكتّاب والفنانون بمختلف اختصاصاتهم متلازمين في أندية مشتركة يتبادلون تجاربهم وتتجاوب أعمالهم فالحركة الرومانسية أو الرمزية أو السريالية، على سبيل المثال، كانت تجمع الشاعر والموسيقي والفنان التشكيلي. ثم حصلت القطيعة فانطوى المبدعون وتشتتوا.ذات مساء خريفي من شهر أيلول الماضي أخذني الصديق المثقف بوبكر بن فرج إلى ورشة الفنان الجامعي سامي بن عامر. وما أن دخلنا حتى استقبلتنا رائحة الدهن المتحول إلى كيمياء الجمال تحت فرشاة المبدع. وهكذا حظيتُ حصريا بمشاهدة مجموعة لوحات كبيرة الحجم معدة للمعرض المذكور واستمعت إلى البيانات الخاصة بها، بيانات تنم عن اتساع دوائر المعرفة لدى الرسام ومدى تجذره الثقافي الإنسانوي. وكما جاء على لسانه: "من هنا، يأتي معرض "الأرض الروحية" دعوةً إلى استعادة هذه الرموز الكبرى التي شكّلت مرآةً لروح الإنسان، وتجلّت في مختلف الحضارات والثقافات والديانات، محمّلة برسائل عميقة عن وحدة المصير الإنساني." وكانت غزة بكفاحها وأوجاعها تنزف عبر لوحات مكثفة الرموز. وبالفعل ليست هذه الأعمال الناضجة "موضوعا فنيا فحسب" إنما هي "فعل مقاومة جمالية في وجه النسيان والتهميش والفراغ والعنف المجاني والتصفية العرقية".وغادرت الورشة وبي من لوحة "عجلة الزمن" دوار يذكرني بقول الشاعر: طفتُ بالشمسِ إلى أنْ عصفَتْ بي الكُرَوِيَّةْ.

عبد العزيز قاسم

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.