أخبار - 2025.10.22

صدر أخيرا: فتاة من القيروان قصة حياة حفيظة بن رجب لاتا

صدر أخيرا: فتاة من القيروان قصة حياة حفيظة بن رجب لاتا

من وراء أسوار عاصمة الأغالبة في السنوات الأربعينية من القرن الأخير، تحمل إلينا حفيظة بن رجب لاتا، أسرار عائلة قيروانيّة أصيلة يمتحنها الدّهر بوفاة الجدّ، الشاعر الكبير صالح السويسي فتضطرّ الأسرة لكسب قوتها من غزل الصوف ونسجه زرابي رائعة تبيعها في السوق. ومن هنا تبدأ قصّة حياة مثيرة لعدد من أفراد العائلة، بما فيها من متاعب الدنيا، والزواج التقليدي، بحثا عن الأمل، والاستئثار بالتركة وغيرها من صروف الزمان... هكذا تبدأ حفيظة بن رجب لاتا سرد قصة حياتها في كتاب مشوّق تحت عنوان "فتاة من القيروان" صدر حديثا عن دار ليدرز.

وسرعان ما أيقنت حفيظة وهي طفلة صغيرة أنّ السبيل الوحيد للنجاة من هذه المعاناة هو الانكباب على الدراسة، وفعلا نجحت فيها وحصلت على الباكالوريا وابتسم لها الحظ فكانت من أولى الفتيات التي تمّ قبولهن في المدرسة الوطنية للإدارة، غداة الاستقلال.

وكان الانتقال من القيروان إلى العاصمة تحوّلا هاما في حياتها جعلها تكتشف لأول مرّة متعة التعرّف على طلبة مثلها وشباب من عديد الدول أوفدوا للعمل بتونس ضمن المنظمات الدولية والمراكز الثقافية والبعثات الديبلوماسية. واندمجت حفيظة بكل سهولة، بفضل شخصيتها المتميزة وذكائها في هذه الأجواء خاصة وقد تخرجت بنجاح من المدرسة الوطنية للإدارة وعيّنت بوزارة الشؤون الثقافية والأخبار وسرعان ما استنجبها الوزير، الأستاذ الشاذلي القليبي وضمّها إلى ديوانه.

أحبت حفيظة عملها الجديد وتألّقت فيه كما أحبت عالمها المفعم باللقاءات والصداقات وتعرفت على العديد من الديبلوماسيين الأجانب وخاصة منهم الملحقين الثقافيين إلى أن رمتها سهام شاب وسيم، دافيد لاتا، هو ممثل منظمة المجلس البريطاني، التي تعنى بالثقافة وتعليم اللغة الانقليزية، وهو من أصل أسكتلندي. وسرعان ما توطدت العلاقة بينهما مُفضية إلى حب عميق تُوّج بالزواج. وبانتهاء مدة عمل دافيد بتونس، كان لزاما على حفيظة أن ترافقه في حلّه وترحاله، إلى ستّة بلدان مختلفة من الباكستان إلى دار السلام، مع محطات توقف بلندن لبضعة سنوات، بين الفينة والأخرى. وبقدرة فائقة على التأقلم وكسب الصداقات وإطلاق المشاريع الاجتماعية، عرفت حفيظة كيف تجعل من كل بلد تصحب إليه زوجها، بلدا متميّزا تندمج في صميم مجتمعه، وتكتشف تراثه، وتترك في نفوس أهله أطيب أثر.

وبقيت حفيظة بعد تقاعد زوجها وعودتها للإقامة بالمملكة المتحدة، تفيض بالحيوية والنشاط، ضمن العديد من الجمعيات والمراكز الثقافية وتنظم المهرجانات والاحتفالات المحلية وتغتنم هذه الفرص للتعريف بتونس وإبراز تراثها وكذلك تقديم مأكولاتها. وقد توفقت إلى إصدار كتابين باللغة الانقليزية خصصت الأول لتاريخ تونس والثاني لأكلاته.

وفي تقديمها للكتاب، خطّت الأستاذة أنيسة البرّاق:" سوف تستمتعون كثيرا، وتستفيدون أيضا من مطالعة هذه الشهادات الصادقة حول مسيرة تحرر المرأة وإرادتها، ومن خلال ذلك حقبة مليئة بالتحولات العميقة في تونس والعالم. "

سيرة ذاتية رائعة، جاءت بأسلوب قصصي شيّق، يشد إليه القارئ ويكتشف من خلالها شخصية فتاة ذات عزيمة قويّة، عرفت كيف تشقّ طريقها من وراء أسوار القيروان، إلى أرجاء العالم، وكيف تصنع سعادتها وسعادة أسرتها، وكيف تحول كل دقيقة من حياتها إلى هناء وسرور.

فتاة من القيروان 
لحفيظة بن رجب لاتا
منشورات دار ليدرز للنشر، 400 صفحة، 60 د.
متوفر لدى المكتبات وعلى المنصة الإلكترونية www.leadersbooks.com.tn 

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.