الهادئ بن نصر يأبّن السفير والوزير السفير الطاهر صيود

وفاء لروح السفير طاهر صيود
سلاما تاما وسكينة مستدامة لروحك الزكية الطاهرة أيّها المنعّم بمشيئة الله عزيزنا الراحل الطاهر صيود الإنسان النبيل والوزير الوطني الغيور والسفير اللامع.
أودّ ابتداء أن أتقدم بفائق معاني الشكر وعميق الامتنان للعائلة الكريمة لفقيدنا الغالي ولكافة آل صيود لتفضلهم بإتاحة الفرصة لمشاركتهم في هذا الموكب الخاشع لتكريم روح الراحل سي الطاهر الذي وإن كان غائبا عنا جسدا فإن طيب ذكره ونبل خصاله ومحبته الكبرى حاضرة في وجدان وكذلك أفئدة كل أعضاء أسرته الصغرى وأهله وأحبابه وكامل المنتسبين لأسرته الكبرى من قدامى الدبلوماسية التونسيّة؛ وباسمهم جمعيا ونيابة عن الجمعيّة التونسية لقدماء السفراء والقناصل العامين وجمعيّة الدراسات الدوليّة والجمعيّة التونسيّة للأمم المتحدة وكذلك النادي الدبلوماسي وأصالة عن نفسي أتقدّم مجددا بخالص التعازي ومعاني المواساة في هذا المصاب المؤلم ولا اعتراض على قضاء الله وقدره.
إنّه لمن حق فقيدنا علينا أن نستحضر مناقبه وخصاله الجمّة ومهما حرصنا على الإطناب فيها فلن نفيه حقّه كاملا.
لقد حظي راحلنا الغالي بمسار حياة زاهر بالنجاحات والتفوّق في طور الدراسة بمختلف مراحلها سواء بأرض الوطن أو خارجه. كذلك كان أيضا مسار حياته المهنيّة منذ عودته لأرض الوطن من فرنسا بعد إتمام دراساته الجامعيّة ثريّا في تنوعه وحافلا بالتألق في مختلف المسؤوليات الرفيعة والسّامية التي تقلدها وأدّاها بكل اقتدار وتفان في خدمة الوطن وإسهاما في ترسيخ أركان الدولة الوطنيّة في تونس المستقلّة الفتيّة.
وفعلا إنّ سي الطاهر صيود تقلّد مسؤوليات رفيعة وسامية عدّة شملت قطاع الإعلام ثم قطاع المصارف حيث كان من الاطارات الوطنيّة العليا القادرة على الإسهام في إرساء مؤسسات مصرفية عموميّة عدة من خلال موقعه الرفيع في البنك المركزي كنائب محافظ.
ثم التحق الفقيد بمجال الدبلوماسيّة الوطنية التونسية من بابها الواسع استنادا إلى معارفه المتينة وخبراته الواسعة في مجال الاقتصاد والمالية والاستثمار وبحكم ذلك اضطلع بمهام عدّة رفيعة صلب وزارة الشؤون الخارجية مكلّفا بشؤون التعاون الدولي وكللت مهامه في الوزارة بخطة كاتب دولة.
وكان سي الطاهر صيود من ألمع سفراء تونس حيث عمل بدولة الإمارات العربيّة المتحدة وكان له دور رائد في تطوير علاقات تونس مع البلد المعني وخاصة في بعدها الاقتصادي والاستثماري.
كما تقلد مهام سفير ممثل قار لتونس لدى الاتحاد الأوربي و كذلك سفيرا لدى دول البنيلوكس.
وفي مهامه الدبلوماسيّة السامية كان سي الطاهر قائدا ماهرا لتحرّك الدبلوماسية التونسية باتجاه الاتحاد الأوربي ورائدا في وضع أسس وأطر علاقات الشراكة مع الفضاء الأوروبي الجامع وكذلك في تطوير العلاقات الثنائية مع الدول الأوروبية التي اعتمد لديها.
وجدير بالعلم أن الراحل العزيز السفير والوزير الطاهر صيود كان يحظى بفائق التقدير لدى مسؤولي هياكل ومؤسسات الاتحاد الأوروبي ويقرون له بدوره المحوري في إرساء أسس علاقات الشراكة بين تونس والاتحاد الأوروبي وتكليلها بتوقيع اتفاقية الشراكة في عام1995 و التى انقضى عليها في هذا الشهر 30 سنة.
وبعد تقلده مهام وزير للتجارة لم يفك سي طاهر صيود أواصره المتينة مع الدبلوماسية حيث كان له دور فعّال في خدمة الاقتصاد التونسي ودأبه على تحقيق حسن تموقع المؤسسات التونسية في الساحة العراقية أثناء خضوع العراق لنظام العقوبات و الحصار الشامل ولاسيما طوال تنفيذ برامج النفط مقابل الغذاء . وقد سعدت كثيرا آنذاك بالتعرف عن كثب على سي الطاهر صيود كوزير للتجارة؛ وتوثقت علاقتي به بحكم زياراته المنتظمة للعراق حيث كنت أزاول مهامي هناك كسفير لتونس.
وفي مناسبة الاحتفاء بيوم أوروبا الذي أقيم يوم 9 ماي / أيّار الجاري بتونس وشارك فيه معالي السيّدين محمد علي النفطي وزير الشؤون الخارجية ومنذر بالعيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي وحضره السفير المندوب القار للاتحاد الأوروبي رفقة كافة سفراء الدول الأوروبية العضو في الاتحاد الأوروبي والمعتمدين لدى تونس أثنى هؤلاء جميعا لدى السيّد وزير الخارجية على دور الوزير والسفير الطاهر صيود في قيام الشراكة التونسيّة الأوروبيّة وثمّنوه عاليا وعبروا عن خالص تعاطفهم ومواساتهم في رحيله إلى عائلته الصغرى وكذلك للعائلة الدبلوماسية التونسيّة الكبرى وحيّوا بحرارة روحه الطاهرة.
إنّ سي الطاهر صيود بقي وفيا للدبلوماسيّة التونسيّة التي خدمها لعقود طويلة وبقي معنّى بشؤونها حتى النخاع بعد انفكاكه عن الخدمة العمومية والإحالة على شرف المهنة.
ووفاؤه العميق للمهنة الدبلوماسية يتجلى في مشاركته في تأسيس الجمعيّة التونسية لقدماء السفراء والقناصل العامين ودأبه على رعاية الجمعيّة وإسنادها معنويا وماديا منذ تأسيسها في سنة 2011 وقد تولّى رئاستها لقرابة عقد ونصف من الزمن وقد كنت معتزا بالعمل إلى جانبه كعضو في الهيئة المديرة للجمعيّة ثم ككاتب عام وأخيرا كنائب له في رئاستها وإني لجدّ ملتاع برحيله ولكني واثق بأن الله العلي القدير قد تلقاه بواسع غفرانه ورحمته وسيلهم عائلته الكريمة وكافة أهله وأحبائه وزملائه موفور الصبر والسلوان وسيبقى طيب ذكره في عمق الوجدان والأفئدة.
والسلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته.
10 ماي 2025
الهادئ بن نصر
سفير متقاعد
نائب رئيس جمعيّة قدماء السفراء والقناصل العامين وعضو الهيئة المديرة للجمعيّة التونسيّة للدراسات الدوليّة.
- اكتب تعليق
- تعليق