أخبار - 2022.11.14

أيام دراسية هامّة: أيّ موقع استراتيجي لتونس في العالم

أيام دراسية هامّة: أيّ موقع استراتيجي لتونس في العالم

تحليل التحديات وتحسس الفرص وبناء موقع راسخ مفيد تعتمد عليه تونس في عالم جديد سريع التغير: هذا هو محور أيام التفكير حول "التموقع الاستراتيجي لتونس" التي تنطلق أعمال دورتها الأولى يوم الأربعاء 16 نوفمبر 2022 لتتواصل طيلة يومين.

وتأتي هذه التظاهرة بمبادرة من المجلس التونسي للعلاقات الدولية الذي يترأسه وزير الشؤون الخارجية الأسبق خميّس الجهيناوي، وتتناول الأشغال بالدرس أربعة محاور رئيسية هي الجغرافية السياسية والجغرافية الاقتصادية والجغرافية الطاقية والأمن.

ويشارك في هذه التظاهرة من خلال تقديم ورقات عمل ونقاش، عدد من المهتمّين بالشؤون الاستراتيجية في شتّى القطاعات ومن بينهم مصطفى كمال النابلي وأحمد ونيّس وعفيف شلبي وحكيم القروي وصوفي بسّيس والمنذر القرقوري ومصطفى الحداد ومحمد النابلي وأحمد الكرم وصالح الحناشي وهاجر قلديش وراضي المدب ومنصف البعطي وعبد السلام عيّاد ومحمود المزوغي ومنصف العامري ونبيل صميدة وفوزي اللومي وخالد قدور وغيرهم من الخبراء والباحثين والدبلوماسيين.

ورقة المفاهيم

تتطور تونس في سياق إقليمي ودولي يتسم بسرعة التغير. فما بين جائحة كوفيد 19 والحرب في أوكرانيا نشهد عالما جديدا في طور التشكل يتسم بصعود الشعبوية، والأزمة البيئية، وأوجه جديدة للصراعات، وانتشار الحركات الإرهابية وأخيرا وليس آخرا الأزمة التي تشهدها الديمقراطية التمثيلية. إن زمن النظام العالمي الذي ساد إبّان الحر الباردة يبدو أنه قد ولّى.

بالنسبة لتونس وجميع البلدان بطور النمو، فإن التحولات الجارية - السياسية، البيئية، الرقمية والديموغرافية - تشكل العديد من التهديدات بقدر ما تمثل فرصا. فهي من جهةتسمح بتوفير إمكانية اللحاق بالركب الذي طال انتظاره، بيد أنها تشكل تهديدا من جهة أخرى، إذ أنه بإمكانها ترسيخ فجوة بين عالم يجيد وضع قوته في خدمة الديمقراطية والتنمية وعالم آخر محكوم بشكل سيئ وغير مهيأ للتغييرات التي ستحل في حالة التبعية والأزمات.

أصبح من الضروريفي السياق العالمي تحديد موقع جديد لتونس. ففي مواجهة تعقيدات بيئية دولية وأمام المنافسة الشديدة بين الدول، أصبح بلدنا مدعوّا لتأكيد رؤية استراتيجية طويلة المدى، وبغاية الوصول إليها يجب الشروع في التفكير والقيام بتشخيص معمق من أجل استخلاص النتائج من التجارب الماضية لتحديد المحاور التي ينبغي أن توجه عمل الدولة وتعبئة التونسيين حول نموذج تنموي جديد.

الهدف من كل هذا هو ضمان تموقع تونس على المسرح الإقليمي والعالمي وتزويد اقتصادنا بالأدوات اللازمة لبدء الانتعاش والاندماج في الاقتصاد العالمي. نحن ندرك أن تغيير موقع تونس يتطلب قبل كل شيء مراقبة مستمرة لمتابعة تطور سلسلة القيمة العالمية بالإضافة إلى قراءة ذكية وموضوعية لاتجاهات وتجارب التحولات الجارية في المنطقة والعالم وهنا تبرز أهمية الرؤية العالمية والحاجة إلى إرادة سياسية حقيقية وقيادة ملتزمة لتحديد مقاربة مصممة بشكل أفضل.

بالإضافة إلى ذلك، يكتسي تقييم القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي مقارنة بمنافسيه أهميّة بالغة إذ أنه من ناحية يمكّن من تحديد نقاط القوة والضعف في اقتصادنا ومن ناحية أخرى يوفر مصدرا لاستلهام الخبرات وأفضل الممارسات من بلدان منافسة سجلت آداءا اقتصاديا متميزا. حيث إنه سيتم تحليل بعض التجارب الناجحة مثل سنغافورة والمكسيك وكوريا الجنوبية وأيرلندا والهند والمغرب ورواندا والاستئناس بها كمصادر للإلهام للنموذج الاقتصادي الذي قد تتبناه تونس للسنوات قادمة.

يجب أن يوفّق موقف تونس على الساحتين الإقليمية والدولية بين المصالح الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية. سيكون من الضروري تعميق التفكير في هذه الركائز الثلاث من خلال تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف في بلدنا مقارنة بالدول المنافسة بالإضافة إلى تحديد مجالات النمو التي يجب التركيز عليها خلال الفترة القادمة.

سيتعين على تونس أيضا إدارة عواقب التغير المناخي، فالمياه والأشكال الجديدة للطاقة ستكون حاسمة لاستدامة التنمية. كما يتطلب التحول البيئي وانتقال الطاقة رؤية لموقف تونس بقدر ما تتطلب استراتيجية وحوكمة تستند إلى الوضع الداخلي والخارجي.

أخيرًا، و في مواجهة التفاعلات بين العديد من الميادين (الصحية،والاقتصادية،والأمنية، وما إلى ذلك) و بروز جهات فاعلة جديدة غير حكومية في الميادين السابق ذكرها تتبلور امكانية بروز تصور جديد للمسألة الأمنية. وأمام كل هذا سيتعين على تونس اتخاذ موقف لحماية نفسها من تهديدات البيئة الجغرافية المحيطة بها لا سيما من افريقيا جنوب الصحراء وايضا من الظواهر العالمية المرتبطة بتغير المناخ،والهجرة، وتصاعد الإرهاب والعنف.

على الرغم من إنحراف التحول السياسي بسبب النقاشات الأيديولوجية التي أدت إلى عدم الاهتمام الواضح بالقاعدة الشعبية وعلى الرغم من تعرض البلاد لإحدى أسوإ الأزمات الاقتصادية في تاريخها فإنه يتعيّن على تونس أن تجد طريقها في العالم الجديد الذي يتشكل أمام أعيننا. إذ يجدر أن تنظر وتؤكد ميزاتها النسبية على جميع المستويات من أجل إنعاش الاقتصاد وترسيخ العملية الديمقراطية وتعزيز موقعها الاستراتيجي على المستويين الإقليمي والعالمي.

يقترح برنامجنا تحليل كل هذه التحديات والتفكير في وضع تونس في عالم متغير حيث ستركز جهود البحث التي ستستمر عدة أشهر على العديد من المحاور والمواضيع الفرعية الجيوسياسية والاقتصادية. وعليه، يتركب مؤتمر نوفمبر 2022 من أربع محاور رئيسية: الجغرافيا السياسية، علم الاقتصاد الجغرافي، الطاقة الجيولوجية وأخيرا المحور الأمني.

https://tcir.org/

قراءة المزيد

Journées de réflexion : Quel positionnement stratégique de la Tunisie

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.