الدور المحوري لعلي بن خليفة النفاتي في معركة صفاقس ضد المستعمر الفرنسي
بقلم علي الجليطي - تطرقنا في العدد الماضي إلى انتصاب الحماية الفرنسية سنة 1881 وتمرّد "عجوز الجنوب" علي بن خليفة على سلطة الباي معتبرا القبول بالأمر الواقع خروجا عن الدين وهتكا لسيادة البلاد وهو ما دفعه إلى الانطلاق في حشد جهود القبائل لمقاومة المستعمر الأجنبي.
ولما كان يوم 25 جوان 1881 في طريق العودة إلى مقر قيادته في "دار الفريق" بقابس، اعترض علي بن خليفة فيلق عسكري من الحامية التونسية فرده على أعقابه بعد معركة قصيرة بأرض «المهاذبة» جنوب صفاقس. واستطاع الشيخ علي اثر هذه المعركة توسيع قواته لتشمل فرسانا من قبائل أخرى ومنهم قبائل "ماجر" و"المهاذبة" و"أولاد سعيد" و"جلاص" و"السواسي" و"المثاليث" و"الحزم". فيما اختار فرسان قبائل أخرى مثل "أولاد عيار" بمكثر، و"الفراشيش" بسبيطلة، و"أولاد رضوان" بقفصة، سبيل المقاومة المنفردة، على الرغم من اعترافهم بالشيخ علي بن خليفة ممثلا رسميا للسلطان العثماني.
وفي هذا السياق، اتصل بعلي بن خليفة النفاتي العديد من قادة المقاومة على غرار منصور الهوش قائد قبائل ورغمة والشيخ بن سديرة قائد قبائل الهمامة وابراهيم الساسي قائد قبائل بني زيد. وبعدما تم عزل الشيخ علي بوعلاق قائد أولاد يعقوب وسجنه بتونس وتعيين مكانه غريمه احمد بن بلقاسم "قايدا" على كامل نفزاوة، تمكن الشيخ بوعلاق من الفرار وأعلن التمرد على الباي ووقوفه في صف الثورة ضد الاستعمار.
وعندما بزغ فجر 2 جويلية 1881، تحرّك المقاوم الثائر الشيخ علي بن خليفة على رأس جيش قوامه مائتي فارس لنجدة مدينة صفاقس المنتفضة ضد المغتصب. وجعل مركز قيادته خارج المدينة حتى يبقى له مجال للمناورة والتحرك. ووقف فرسانه سدا منيعا أمام الجيش الفرنسي واجبروه على المكوث في الميناء محتميا بمدافع البواخر. وبتاريخ 13 جويلية 1881 تم ترويج منشور وارد من الباي إلى أعيان صفاقس يدعوهم فيه إلى الطاعة والاستسلام. وعندئذ خشي الشيخ علي من انعكاسات هذا البلاغ على نفسية الأهالي والمقاومين، فقام بدعوة كبار الأعيان من صفاقس إلى معسكره خارج المدينة وهدّدهم بالانسحاب مع أتباعه في صورة إذعانهم لأوامر الباي وبذلك يصبحون عرضة للغزاة الفرنسيين. إلا أنهم طمأنوه ببقائهم على العهد وعلى وعدهم معه للدفاع عن المدينة.
وعليه خاض فرسانه هذه المعركة بكل شجاعة وبسالة وأبلى علي بن خليفة وأنصاره البلاء الحسن في الدفاع عن مدينة صفاقس. وكان من آثار ذلك أن انكسرت رجل القائد علي بن خليفة وعاش بعد ذلك أعرج. وجرح ابنه راشد كما أصيب أخيه صالح بكسر في رجله وجرح ولداه محمد والعوني. وكتب المؤرخ الفرنسي مارتال في كتابه "حدود تونس الصحراوية الطرابلسية" معلقا على معركة صفاقس بالقول" لقد وقف فرسان الشيخ علي الأبطال سدّا منيعا أمام الجيش الفرنسي بمدافعه وتجهيزه الحربي الكبير حيث اضطروه إلى القبوع في مواقعه والاحتماء بسفنه 15 يوما ولولا وصول المدد ونفاد الذخيرة عن المجاهدين لكانت أحواز صفاقس مقبرة للفرنسيين ولانقلبت الآية لصالح الثوار".
وهكذا انتهت هذه المعركة يوم 17جويلية 1881 وانسحب علي بن خليفة مع أتباعه إلى منطقة ودران غرب مدينة الصخيرة تمهيدا لإعادة تعزيز الصفوف والاتصال بعروش الوسط والساحل..
علي الجليطي
قراءة المزيد
"المقاوم الثائر" علي بن خليفة النفاتي: صفّا يوسف وشدّاد
المقاوم التونسي الثائر: علي بن خليفة النفاتي
علي بن خليفة النفاتي و ثورة بن غذاهم
انتصاب الحماية في تونس و ردّة فعل علي بن خليفة النفاتي
- اكتب تعليق
- تعليق