أخبار - 2021.02.13

إحياء الذكرى الثامنة والخمسين لوفاة المناضل الوطني والشيوعي حسن السعداوي (صور)

إحياء الذكرى الثامنة والخمسين لوفاة المناضل الوطني والشيوعي حسن السعداوي

بقلم حبيب رمضان - بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لوفاة المناضل النقابي الوطني والشيوعي حسن السعداوي (1899 - 12 فيفري 1963)، انتظم صباح اليوم السبت 13 فيفري 2021 موكب خاشع حول ضريح الفقيد بمقبرة الجلاز دعت إليه جمعية "مؤسسة حسن السعداوي للديمقراطية والمساواة" وحضره عدد من منخرطي الجمعية وأحبائها ومن النقابيين وعدد من أفراد عائلته...  وتقدم الموكب أعضاء هيئة الجمعية: السيدة تونس السعداوي والسيدين حبيب القزدغلي وعبد الكريم العلاقي. وبعد وضع باقة زهور على قبر الفقيد والترحم على روحه الطاهرة وعلى أرواح كافة مناضلي تونس الأبرار، ألقى رئيس الجمعية السيد حبيب القزدغلي كلمة  بالمناسبة ذكر فيها  بدور حسن السعداوي في تاريخ النضال السياسي في صفوف الحزب الشيوعي التونسي والنضال الاجتماعي ضمن الحركة النقابية منذ نشأتها في العشرينات  رفقة محمد علي الحامي ومختار العياري وفينودوري والطاهر الحداد. ومما  جاء في كلمته " ان كل التضحيات التي قامت بها الاجيال السابقة من المناضلين قد حققت مكاسب لا بد من المحافظة عليها وتدعيمها على الدوام عبر مواصلة السير على خطاهم. وكما كان لهم شرف المساهمة في تحرير الوطن من الاستعمار وتأصيل  مبادئ النضال الاجتماعي والمطالبة بالمساواة والعدالة الاجتماعية، يتحتم اليوم على كل التقدميين والديمقراطيين السعي لتوحيد  الهدف من أجل تونس العدالة الاجتماعية  والحرية والمساواة والكرامة وإنجاح المرحلة الانتقالية وتجنيبها المنزلقات الخطيرة التي تهدد البلاد اليوم بالتدهور  والانهيار. ولعل مسيرة حسن السعداوي تعطينا أحسن مثال على نكران الذات والصدق في تقديم التضحيات في سبيل تحقيق هذه الوحدة المطلوبة لنيل المطالب وتحقيق الأهداف وتكريس المثل التي ما تزال تدفعنا إلى مزيد النضال وإن بأشكال أخرى تتغيّر بتغيرالظروف والأوضاع ".

بعد ذلك انتقل الحاضرون إلى ضريح المناضل والمصلح الكبير المرحوم الطاهر الحداد وقرأوا فاتحة الكتاب ترحما على روحه الزكية و إكبارا للدور الأساسي الذي لعبه في الحركة النقابية التونسية لدى انبعاثها وفي الحركة الإصلاحية والدفاع عن حقوق المرأة.

وبهذه المناسبة ولمزيد من التعريف بالزعيم النقابي والوطني والشيوعي  حسن السعداوي نورد ما جاء في كتاب " تراجم نشطاء الحركة الشيوعية بتونس في زمن الاستعمار الفرنسي وبدايات عهد الاستقلال 1921-1963" الذي سنصدره في مارس المقبل بمناسبة مئوية  بعث أول نواة شيوعية ظهرت بالبلاد التونسية في سنة 1921 والتي انضم الفقيد الى صفوفها في سنة 1923 كما هو مثبت  في ملخص مسيرته:

حسن السعداوي (1899- 12 فيفري 1963)

  ولد حسن السعداوي سنة 1899 بمجاز الباب وعمل بالعاصمة في بداية سنوات العشرين في مهنة السراجين، وساهم مبكرا في النشاط النقابي حيث كوّن سنة 1922 نقابة عمال الشبكة (Brodeurs) وكانت أول نقابة تدخل تلتحق بالإتحاد الإقليمي للكنفدرالية العامة للشغل (س.ج.ت) بتونس، ثم بجامعة عموم العملة التونسية بقيادة محمد علي الحامي عند تأسيسها سنة 1924  . انخرط بالحزب الشيوعي سنة 1923 وكان من المناضلين النشيطين في الحزب أثناء السرية بعد محاكمة الشيوعيين والنقابيين في خريف  سنة 1925، فقد عيّن، في غياب روبار باك المسجون أنذاك، عضوا في الهيئة المشرفة على نشاط التنظيم التي تم تكوينها في بداية 1926والتي تظم خاصة توسان فانتوريني وفكتور زانا وقدور، وقد كُلف في إطارها بالإشراف على نشاط فرع الإسعاف الأحمر الدولي بتونس خاصة، وقد قيّمت اللجنة الإستعمارية التابعة للحزب الشيوعي الفرنسي بتاريخ 18 أكتوبر 1926 دوره كما يلي "..أما السعداوي وقدّور فلهما مهمات عديدة تتجاوز طاقتهما...." . هاجر إلى فرنسا فيما بين سنتي 1926/1927 وعمل بشركة سيتروان وناضل في الصفوف النقابية و في جمعية "نجم شمال إفريقيا"، وإثر عودته إلى تونس أرسلته الجامعة الشيوعية إلى جامعة شعوب الشرق بموسكو التابعة للأممية الشيوعية حيث قضى الفترة المتراوحة من 1931 إلى 1933 في التكوين النقابي والسياسي، وبعد رجوعه إلى أرض الوطن أصبح أحد أبرز النقابيين النشطاء ومن زعماء الإتحاد الإقليمي للكنفدرالية العامة للعمل الموحد (س.ج.ت.و) بتونس مما جعله عرضة للقمع أثناء حكم المقيم العام الفرنسي "بيروتون"، فتم اعتقاله في يوم 03 سبتمبر 1934 مع خمسة من الشيوعيين: ليون زانا، روجي قابيزون، موريس زارقا، لوسيان فالنزي والطيب الدباب، بجانب ثمانية من قادة الحزب الدستوري الجديد من بينهم الحبيب بورقيبة ومحمود الماطري ويوسف الروسي...، أودع محتشد قبلي مع الحبيب بورقيبة وروجي قابيسون، ثم نقلوا إلى "برج البوف"، أطلق سراحه في 2 سبتمبر 1935 مع عدد من المبعدين الدستوريين والشيوعيين (لوسيان فالنزي وليون زانا)، وسرعان ما تم إبعاد العناصر الشيوعية المفرج عنها إلى الجنوب في 16 من نفس الشهر بدعوى عودتهم للنشاط السياسي.

وكان قد تم في شهر فيفري من نفس السنة، انتخابه عضوا في قيادة الاتحاد الإقليمي للكنفدرالية العامة للشغل (س.ج.ت) بعد التوحيد النقابي بين الاتحادين الإقليميين للكنفدرالية العامة للشغل (س.ج.ت) والكنفدرالية العامة للعمل الموحد (س.ج.ت.و)، وكان أحد أعضاء الوفد النقابي الذي تم اختيارهم في الإجتماع العام النقابي الذي انعقد بساحة قمبطا في أوت 1936، ليسافر إلى باريس للتفاوض مع السلطات الفرنسية حول المطالب العمالية، وبالفعل لم تنته حركة الغليان الإجتماعي إلا بعد أن تم الإمضاء على اتفاق شبيه باتفاق ماتنيون عرف باتفاق القصبة تحصلت بموجبه الطبقة العاملة في تونس على عدد من الحقوق واستفادت من بعض التشريعات الاجتماعية. وأخذ في سنة 1936 موقفا معارضا لفكرة إعادة تكوين جامعة عموم العملة التونسية داعيا العمال التونسيين إلى الانضمام للاتحاد الإقليمي للكنفدرالية العامة للشغل (س.ج.ت) لتحقيق الوحدة النقابية من أجل صد هجومات الأعراف المتكررة على الحق النقابي، وأن الظروف قد تغيرت مما كانت عليه في العشرينات. أنتخب عضوا في المكتب السياسي للحزب الشيوعي التونسي إثر المؤتمر الأول المنعقد في ماي 1939 باريانة، وبعد صدور قرار 18 فيفري 1940 القاضي بإبعاد الشيوعيين إلى مناطق مختلفة داخل البلاد، تمّ اعتقاله في 19 فيفري 1940 وإبعاده إلى الكاف وبقي هناك تحت الإقامة الجبرية، لكن احتكاكه بعمال الجهة جعل السلط ترمي به في المحتشد بنفس المدينة ومنه إلى محتشد "القطار" بجهة قفصة خلال شهر ديسمبر 1941، ثم أطلق سراحه في 21 نوفمبر 1942 فحاول التحول إلى التراب الجزائري حيث قوات الحلفاء فتم إيقافه في تبسّة وأودع السجن بقسنطينة ولم يتم الإفراج عنه إلا في غرة جوان 1943. أنتخب في ماي 1944 وخلال مؤتمر الاتحاد الإقليمي للكنفدرالية العامة للشغل (س.ج.ت) كاتبا عاما مساعدا ثم رئيسا للاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي (U.S.T.T) منذ تأسيسه في أكتوبر 1946 إلى يوم حله في  2سبتمبر 1956.  انتخب عضوا في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي التونسي والمكتب السياسي في المؤتمر الثاني للحزب (1946)، ثم باللجنة المركزية في المؤتمرات المتتالية: الثالث (1948)، الرابع 1951)، والخامس (1956)، وعين على رأس إدارة صحيفة الحزب "الطليعة" بعد حل الاتحاد النقابي وخلفا لمحمد جراد. وعندما حُلّ الاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي في سنة 1956، كان عمره يتجاوز 57 سنة وبقي عاطلا عن العمل مدة سنتين فاشتغل عاملا بسيطا في مستشفى "الصادقية" (عزيزة عثمانة) بالعاصمة ينظف القاعات ويساعد الطباخين مما اضطره إلى الإستعانة بأحد أبنائه الذي انقطع عن التعليم، ولحقت بهما زوجته شريفة دالي السعداوي، المناضلة النسائية، للعمل لمساعدة العائلة في ظرف كان يشكو فيه من مرض القلب الذي كان قد اضطرّه للسفر إلى موسكو للعلاج خلال سنتي 1958 و1959.

ترشح في الانتخابات البلدية (1957) ضمن قائمة الحزب الشيوعي التونسي في دائرة تونس المدينة، وإثر منع نشاط الحزب الشيوعي التونسي من طرف الحكومة التونسية، حجِز جواز سفره، وتم جلبه يوم 12 فيفري 1963 إلى مركز الشرطة حيث توفي إثر إزمة قلبية، ورفضت كل الصحف يومها الإعلان عن وفاته وعن موعد تشييع الجنازة، فلم يحضر موكب تشجيع جثمانه إلا أفراد العائلة وعدد قليل جدا من رفاقه وأصدقائه منهم علي جراد والهادي جراد ومحمد جراد ومحمد حرمل ومحمد النافع وخميس الكعبي وقلاديس عدّة والدكتور أحمد بن ميلاد الذي أبّنه بقوله: " لو كانت الظروف عادية لسارت الجماهير بالآلاف وراء هذا الرجل العظيم".

وفي إطار المحافظة على الذاكرة الوطنية، بادرت بلدية العاصمة في سنة 1989 بإطلاق اسمه على أحد أنهج حي المنزه التاسع  من جملة عدة أسماء وطنية أخرى أطلقت على شوارع مثل: سليمان بن سليمان، صالح بن يوسف، الطاهر بن عمار...

وبعد ثورة 2011، شرِع في تنظيم يوم سنوي لإحياء ذكرى وفاته بمقبرة الجلاز يلتقي فيه العديد من التقدميين وأفراد عائلته بحضور ممثل عن الاتحاد العام التونسي للشغل، وتأسست منذ أكتوبر 2015 جمعية باسمه: "مؤسسة حسن السعداوي للديمقراطية والمساواة"، وبادر الاتحاد العام التونسي للشغل من جهته بإعادة الاعتبار له حيث انتظمت يوم 28 فيفري 2015 تظاهرة نقابية في الغرض بالمقر المركزي للاتحاد، كما تم افتتاح يوم 25 مارس 2016، مركز ثقافي عمالي يحمل اسم حسن السعداوي  في المقر السابق للاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي (شارع اليونان) بالعاصمة والذي كان  تبرع به السعداوي في سبتمبر 1956 إلى الاتحاد العام التونسي للشغل على إثر حلّ الاتحاد النقابي لعملة القطر التونسي نفسه.

حبيب رمضان

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.