أخبار - 2021.02.15

ليبيا .... هل فتحت أبواب المستقبل؟

ليبيا .... هل فتحت أبواب  المستقبل؟

بقلم عبد اللطيف الفراتي - لعل أكبر خبر مفرح في إطار التسوية الليبية الليبية، هي تلك المتمثلة، في سقوط قائمة يرأس حكومتها، باشا آغا  وزير الداخلية حتى آخر لحظة في حكومة السراج، الذي لا يفتخر بأنه ليبي،  بل يفتخر بأنه ينحدر من أصول تركية، ويعتبر أحد رؤساء القادة الذين دمروا ليبيا على مدى سنوات، ليس ذلك فقط، بل هو أيضا رجل المهمات القذرة في ما سيطر عليه من أراض في الغرب الليبي، تحت لواء حكومة السراج، التي فقدت شرعيتها منذ سنوات، وبقيت تحظى الميليشيات  فيها  بحماية خاصة، و التي اكتوينا في تونس بنار لهيبها، عديد المرات، وخاصة في محاولة بائسة لإقامة إمارة إسلاموية في بن قردان، يتم الزحف بواسطتها على أي جزء من الأرض التونسية، عرف باشا آغا بميلشيات اشتهرت بأمرين اثنين القتل والتقتيل، والفساد، وإخضاع الناس من غير ميليشياته إلى النهب، بحيث اعتبر واحدا من أغنى الأغنياء في ليبيا، وربما في المنطقة، وهو صنيعة أردوغان، الذي بات يهدد، بعد المصالحة الليبية، بأنه لن يسحب قواته، من "مدربين" من الضباط الأتراك، و من مرتزقته من السوريين ومن التركمان من مختلف أنحاء المناطق المنتسبة للجنس التركي،  ومن تحركهم لا مبادئ ولا هم يحزنون، بل من يدفع أكثر، وتركيا أردوغان  رغم تدهور أحوال اقتصادها،  ما زالت وستظل تدفع من مالها الخاص، على حساب قوت الأتراك، إن بقي لها أموال  في ظل أزمتها الاقتصادية الخانقة، ومن مال عربي، كانت تحركه الولايات المتحدة في إطار التناقضات العربية، وسيكف عن ذلك بعد اتفاقية العلا.

للمرء أن يتساءل كيف حصلت المصالحة الليبية الليبية، للواقع أن المصالحة تمت بواسطة، مبعوثة الأمم المتحدة، وهي دبلوماسية أمريكية، شديدة الاطلاع على الشأن الليبي، قادت خطوات لقاءات متعددة انتهت إلى اختيارها، لـ 75 ليبيا "يمثلون كل الأطياف" نظريا، ولكن تم تمكينهم من القرار، المعلوم النتائج مسبقا، فالولايات المتحدة لها مصالح كبرى في ليبيا ، ولذلك فإن المصلحة تخدم ـ أغراضها، وقد قدرت ولا شك أن رئيس الحكومة "دبيبة" كفيل بخدمة تلك المصالح، أكثر من أي واحد من رؤساء القائمات الأربع   التي ترشحت لنيل رئاسة الحكومة، ونجاح رئيس الحكومة الجديد والذي كان من المقربين للقذافي وخاصة ابنه سيف الإسلام، ويعتبر رجل أعمال في قمة الثراء، وهو والمجلس الرئاسي قادرون على البلوغ بليبيا إلى بر الأمان، وتهدئة الأوضاع وأربعتهم تنتظرهم مهمة رئيسية، شاقة  هي الوصول بالشعب الليبي، إلى موعد الانتخابات العامة المقررة لـ 24 ديسمبر المقبل،  ذكرى  استقلال ليبيا، عبر تجريد الميليشيات من أسلحتها، وإدماج كل القوات الأخرى في جيش ليبي موحد وأن ليبي موحد ، وهي مهمة ليست سهلة، ولكن في المتناول باعتبار الضمانة الأمريكية، والأوروبية، والعربية بعد تحييد قطر.

وإذا أتم رئيس الوزراء وفريقه المهمة  يكون قد حقق لليبيا، عودة دولتها الموحدة، ولكن وفق الرغبة الأمريكية بالعودة إلى ما كان عليه القطر الليبي قبل 1953 من أقاليم ثلاث، طرابلس وبرقة و فزان.

***

في هذا الإطار ستبحث كل دولة على مصالحها، وعدا الدول العظمى أي الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي والمنافسة الداخلية بين مكوناته كبيرة، وروسيا، فإن مصر هي في حد ذاتها ونيابة عن دول الخليج قد وضعت قدما راسخة ببرامج واسعة لإعادة الاعمار الليبي، وهو برنامج يسيل اللعاب  من أجله ، فيما بقيت تونس والجزائر المترددتان  دوما، واللتان كانتـا أقرب للسراج، في وضع المراهنتان عليه وعلى ميليشياته ، في أرجوحة تأرجحهما، وبالنسبة لتونس بالذات، ورغم فشل أحصنتهما  الخاسرة، تبقى لديهما حظوظ من الكعكة  المغرية، إن عرفتا كيف تناوران، بدبلوماسية تعرج في البلدين، إما للغياب الطويل للرئيس الجزائري الذي يتداوى في ألمانيا منذ أشهر، أو دبلوماسية الهواة التي يقودها الرئيس قيس سعيد.

وفي تونس بالذات فإن رجال الأعمال وخاصة المقاولات التونسية لهما تجربة عريقة في ليبيا، والمتوقع رغم كل شيء أن ترجع الحيوية للجنوب التونسي، وتخف  المطلبية  السكانية المفرطة فيه ، فيما ستكون عملية الاعمار الليبية في حاجة كبرى لليد العاملة والخبرات التونسية، خاصة في المنطقة الغربية، حيث يتركز أكثر من نصف عدد السكان الليبيين، وحيث مشروعات الاعمار الكبرى الناتجة عن الدمار الذي أصاب كل شيء فيها، حيث غابت الدولة تماما، ولعله من المفيد أن تسعى تونس ربما مع الجزائر لإقامة منطقة حرة ليبية تونسية جزائرية، على  غرار ما يجري في الشرق الليبي في منطقة السلوم وما والاها في مصر وليبيا، وهو أمر شرع فيه من فترة، وسيستمر بعد الاتفاق الأخير.

عبد اللطيف الفراتي


 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.