أخبار - 2020.12.27

جيلبار النقاش يغادرنا - لمسة وفاء أولى لروح مناضل تونسي أصيل

جيلبار النقاش يغادرنا - لمسة وفاء أولى لروح مناضل تونسي أصيل

فقدت تونس البارحة أحد أبنائها البررة جيلبار النقاش وشاءت الصدف أن ينزل الخبر الجلل مساء أمس  وأنا بصدد تحرير التقديم الذي شرفني الصديق الحبيب رمضان   لكتابه الذي  سيصدر قريبا متضمنا لحوالي 300 ترجمة لسير مناضلين انخرطوا لفترة قصرت أو طالت في صفوف الحزب التونسي التونسي . ومن بين التراجم التي تضمنها الكتاب المذكور نجد نبذة عن مسيرة فقيدنا نوردها أسفل بعد أن حصلنا على موافقة الصديق الحبيب رمضان.

وكما في في الترجمة بدأ جيلبار النقاش حياته السياسية  مبكرا في صفوف الحزب الشيوعي التوني  قبل أن يختلف معه لتكون له تجارب  نضالية سياسية أخرى جسدت كلها  حبه لوطنه و زادت من تعلقه به رغم ما لحقه من تعسف وسجون   دولة الاستقلال ورغم الضغوطات التي تعرض لها هو وعائلته  بسبب أصوله اليهودية من قبل بعض القوى السياسية والدينية المتعصبة التي ساهمت ولا تزال في بث الغموض والخلط  جاعلين من الانتماء لدين واحد أو لتيار سياسي شرط الانتماء للوطن الواحد. ورغم استقرار جيلبار نقاش في فرنسا منذ عقدين  شأنه في ذلك شأن العديد من التونسيين الآخرين فإنه ظل يكتب عن تونس ويعود إليها في كل مناسبة وغير مناسبة وخاصة منذ الثورة التي شارك فيها بقلمه ومحاضراته وكانت وصيته أن يدفن في أرضها. لابنه سليم ولزوجته الصديقة  عزة الغانمي ولكافة عائلته أينما كانوا والى كل من عرفوه  نتقدم بأحر التعازي وهذا التعريف السريع  بمسيرته هو لمسة وفاء أولى  لروح مناضل تونسي أصيل وجب على الأجيال  الجديدة التعرف عليه واعتباره جزءا من التراث النضالي المتعدد والمتنوع  من  حب تونس والإخلاص لها

(حبيب القزدغلي)

جوزاف جيلبار نقاش ( 15 جانفي 1939- 26 ديسمبر 2020)

تونسي من أصل يهودي ، ولد بتونس العاصمة في 15 جانفي 1939، درس بتونس في معهد كارنو أين تحصل على شهادة الباكالويا  ثم التحق بباريس سنة 1956 للدراسة  بالمعهد الوطني للزراعة حيث تخرج مهندسا فلاحيا وعاد الى تونس  في سنة 1962 ليعمل بوزارة الفلاحة بتونس ثم تم الحاقه في  1967  للعمل كباحث في المجال الفلاحي بمركز الدراسات الاقتصادية والاجتماعية (سيراس)  قبل أن يتم اعتقاله في سنة 1968  ضمن مجموعة برسبكتيف التي كان انضم اليها في سنة 1967.

بدأ الاهتمام بالسياسية  وهو لا يزال تلميذا حيث انخرط في صفوف الحزب الشيوعي التونسي سنة 1953 ولم يتجاوز عمره حينئذ 15 سنة. وفي كتابه الشهير  كريستال الذي كتبه في السجن  يتحدث  جيلبار نقاش  عن ظروف انخراطه في الحزب الشيوعي مع فريق من أصدقائه قائلا " تم ذلك بعد ان اختار  عدد آخر من أصدقائي اليهود الانخراط  في الحركة الصهيونية  فلم يبق أمامي سوى الشيوعية ، فأنا  لم أقبل بعنصرية المتفوقين الفرنسيين  القاطنين بتونس كما أن الحركة الوطنية التونسية كانت كثيرة التركيز على الاسلام  وبدت لي غير منفتحة على التونسيين اليهود  فالشيوعية كانت تمثل بالنسبة لي رفض العنصرية  ورفض عدم المساواة والظلم".  أثناء فترة الدراسة في باريس  نشط في صلب خلية الحزب الشيوعي لكنه سرعان ما انضم ألى جزء من  أعضائها الذين  أعلنوا  اختلافهم مع  الحزب وتوجهاته متأثرين بالتيار التروتسكي  وبعد فترة من النقاش بين أعضاء  الخلية وقيادة الحزب في تونس قرر الحزب الشيوعي التونسي حل هذه الخلية وإعادة بعثها على أسس جديدة في سنة 1959.

بعد عودته الى تونس سنة 1962  انضم جلبار النقاش في  سنة 1967 الى حركة  برسبكتيف - آفاق ( تجمع الدراسات والعمل الاشتراكي في تونس) وأصبح بسرعة عضوا في  هيئتها المديرة بجانب نور الدين بن خذر وابراهيم رزق الله.  اعتقل في شهر مارس  1968  وتمت محاكمته  في شهر سبتمبر من نفس السنة حيث مثل أمام محكمة أمن الدولة صحبة  عدد من  المناضلين المنتمين الى برسبكتيف  اضافة لمناضلين من الحزب الشيوعي التونسي ومن  القوميين والبعثيين...وقد حكمت عليه محكمة أمن الدولة بأحكام قاسية ،  تمتع سنة 1970 بعفو رئاسي خاص ووضع في الإقامة الجبرية والمراقبة الإدارية لكن تمت اعادته  الى السجن من جديد في 1973  ولم يفرج عنه إلا في أواخر سنة 1979 . اثر خروجه من السجن اسس دار نشر  صالمبو التي تولت نشر كتابه الشهير كريستال الذس يتحدث عن ذكرياته في السجن . اثر  ظروف صعبة  مهنية وعائلية مر بها استقر بداية من  2002 في فرنسا صحبة عائلته  حيث انهمك   في الكتابة ونشر عدة كتب كما أنه لم يتوقف  عن الاهتمام  السياسية لكن خارج أي تنظيم مبديا  آرائه   والعودة الى تونس من حين لآخر  للمشاركة في الندوات الفكرية والسياسية خاصة منذ الثورة

نشر عدة كتب منها:
 Cristal 1982, Le Ciel est par-dessus le toit (2005) ,  nouvelles, contes et poèmes de prison et d'ailleurs.  Qu'as-tu fait de ta jeunesse? Itinéraire d'un opposant au régime de Bourguiba (1954-1979) suivi de Récits de prison (2009), Vers La démocratie (2011), Le manchot et autres nouvelles (2013),   Comprendre m'a toujours paru essentiel, Entretiens avec Mohamed Chagraoui (2015).
كريستال -  نقلها إلى العربية الأساتذة فتحي العطوي وناصر الوسلاتي ومحمد صالح فليس 2018
المصدر : مقتطف من الترجمة  التي خصصها له  حبيب رمضان في كتابه تحت النشر الآن والذي سيحمل عنوان " تراجم نشطاء الحركة الشيوعية بتونس زمن الاستعمار الفرنسي وبدايات  عهد الاستقلال 1921 - 1963".

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.