عادل الأحمر: لا أتـدخّــل... لا أتكلّـم... لا أهتمّ

بقلم عادل الأحمر - العيّاش بالجوّال ، وبعد التحيّة والسلام قال :" قرّرت اليوم وقد انتصف بي تقريبا العمر ، أن أراجع نفسي وموقفي من البشر" ، فقلت :" ما الحكاية وأنا الذي أعرفك ما تحبش تخزر لروحك في المراية؟" ،

فقال:" اقتنعت أخيرا أنّ لا فائدة في الفرار، من واقع الأمر وحكم الأقدار". قلت :" وماذا اتخذت من قرارات مصيرية ، بعد وقفتك التأمّلية ؟" ، فقال : " أوّل القرارات ،هو أن أقف من كل ما حولي موقف المحايد، ، محايد مثل سويسرا أو أكثر بزايد ، محايد مثل الأمم المتحدة وقبعاتها الزرقاء، عنــدما كانت الأمم المتحدة – يا حسرة – لا تميل لا من هنا ولا من هنا ، محايد مثل الدول غير المنحازة ، طبعا قبل أن تقرأ عليها صلاة الجنازة ...محايد يعني :لا مع اليسار ولا مع اليمين ، لا مع هاذوما ولا مع لخرين ، ولا أريد حتى أن أعرف من هؤلاء يكونون ، ومن هم الآخرون ... سأبقى في الوسط قد قد ، لا أتزحزح منه ولا من غادي ولا أتجاوز الحد . وإذا لزم الأمر سوف أغمض على كل شيء عيني، حتى لا أحمل على اتخاذ مواقف بالسيف عليّ...وبفضل هذا الحياد نقعد أحباب مع الناس الكل ،لا أعداء لي لا في الضوء ولا في الظل، وأظل فرايجي في كل الماتشوات ، لا ألعب دور الحزاز في العركات ، لأنّي أعلم أنّ الحزاز ياكلها في أغلب الحالات.

قلت :" وماذا عن ثاني القرارات ؟ ، أجاب العياش :" ثاني اختياراتي الجديدة في الحياة ، هو التزام الصمت في كل المناسبات ، ما عدا الحديث عن الأحوال الجوية ، وذلك اجتنابا لزلات اللسان العفوية : فكم مرة قلت كلمة وندمت عليها ،بل خلّصت حقها دوبل وزدت عليها، وكم مرة أذعت سرّا فوجدته تفشّى مثل النار في الهشيم ، مدعّما بذكر مصادر الخبر كما يقتضيه العمل الصحافي السليم...أمّا الطقس فلا خوف من أخباره، ولا حرج من أسراره ، سواء أشرقت الشمس في السماء، وإلا صبّت في العشية الشتاء. ولقد وجدت في حكمة الأجداد والجدات، ما يشجعني على اختيار "السكات "، من نوع "لسانك صوانك،  إذا صنتو صانك ، ويذا خنتو خانك "  ، وكذلك في كلام العرب : " إن كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب " ، هذا   إضافة إلى أمثال أخرى طنانة ،مثل :" الفم المسكر ما تدخلوش ذبانة "...وعلى هذا الأساس اقتنعت أنّ الصمت حكمة ، وخير من ألف كلمة وكلمة ".

عادل الأحمر

ودون انقطاع أضاف العيّاش :" ونتيجة للصمت والحياد، قررت بالطبع أن أعيش دوبي دوب روحي ما نكلمشي لعباد، ما نجبد حد، ما  نقطع حد ، ما نريش حد، ما نتكولف في حد ، صباحا مساء ويوم الأحد ، كيما قال أولاد أحمد ، وما نكثرشي م الكلام ، وما نجيب  على حد ملام ،مبدئي في الحياة : خلّي كل واحد بحياتو فرحان، ولي تشوفو راكب فركة قلو مبروك الحصان، والأفضل أن لا تقول له أي شيء من أصلو، بل تتركه يعوم بحرو، مع علمك أنّ الفركة ما تعومشي، فضلا عن أنّها طبعا ما تركبشي ، ولا تمت للخيول باتصال ، ما عدا صلة الخيال أو  لهبال".ثم طفق العيّاش منشدا : " تحب تنجح ارقد في الخط ، وامشي ديما الشط الشط ،ما تعملشي روحك بط، وانت ما تعرفش تعوم، ابعد ديما ع الحضبات ،وما تدخلشي في العركات ،سلّكها وحدك بسكات ،واش يهمك فلي لوم، غمّض عينك كي ترى عوج، وما تعملشي برشة هرج،بعد الشدة يجي لفرج ،حكمة عاودها كلّ يوم"..
ع.ل.