اقتصاد - 2020.10.06

ما ينتظر مـــن الصنـدوق التونسي للاستثمار بعد تركيزه

ما ينتظر مـــن الصنـدوق التونسي للاستثمار بعد تركيزه

بتركيز الصندوق التونسي للاستثمار أيّاما قليلة قبل استلام حكومة هشام المشيشي مهامّها تكتمل حلقات منظومة الاستثمار في تونس كما حدّد ملامحها وصيغ اشتغالها القانون عدد 71 لسنة 2016 المؤرخ في 30 سبتمبر 2016 المتعلّق بالاستثمار كما ضبط الأمر الحكومي عدد 388 لسنة 2017 المؤرّخ في 9 مارس 2017 القواعد التنظيمية لآليات حوكمتها الثلاث، والمتمثّلة في المجلس الأعلى للاستثمار والهيئة التونسية للاستثمار والصندوق التونسي للاستثمار. وعلى الرغم من مرور قرابة أربع سنوات على صدور هذا القانون الذي يرمي بالخصوص إلى النهوض بالاستثمار وتشجيع إحداث المؤسّسات وتطويرها وإحداث مواطن الشغل والرفع من كفاءة الموارد البشرية وتحقيق تنمية جهوية مندمجة ومتوازنة وتنمية مستدامة، فإنّ اتّخاذ التدابير الضرورية لوضعه موضع التنفيذ شهد تأخيرا لا نرى له مبرّرا سوى البيروقراطية القاتلة وانشغال الحكومة السابقة بتصريف الشأن اليومي ومجابهة الطوارئ، في ظلّ التجاذبات السياسية التي ألقت بظلال كثيفة على عملها، وتأجيل ما لم يكن بدّ من الإسراع بإنجازه، بينما كان من أوكد أولويّات الحكومة توجيه عناية خاصّة إلى محرّك أساسي من محرّكات التنمية- ألا وهو الاستثمار- الذي أصابته أعطال منذ سنوات، ممّا كان له أسوء الأثر في النموّ الاقتصادي للبلاد.

لم يشأ سليم العزابي وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي السابق أن يترك منصبه دون أن يتدارك هذا الوضع، بل دفعه حسّه الوطني وشعوره العميق بالمسؤولية إلى أن يشرف، قبل مغادرته الحكومة بأيّام قليلة، على الجلسة التأسيسية للصندوق التونسي للاستثمار الذي يعتبر صندوق الصناديق الموجّه للقطاع الخاصّ وآلية مهمّة من آليات التنمية الاقتصادية وبذلك مهّد السبيل لزميله في الحكومة الجديدة علي الكعلي وزير المالية والاقتصاد ودعم الاستثمار الذي سيجد أمامه منظومة استثمار مكتملة الأركان والتي على أساسها سيعمل من أجل تعبئة استثمارات داخلية وخارجية، البلاد هي اليوم في أوكد الحاجة إليها.

وقد تمّ خلال الجلسة التأسيسية للصندوق تنصيب هيئة الرقابة التي سيعمل هذا الهيكل تحت مراقبتها بإشراف الوزير المكلّف بالاستثمار. وتضمّ الهيئة ممثّلين عن مختلف المتدخّلين في مجال الاستثمار وثلاثة خبراء مستقلّين في المجال المالي والاقتصادي، وهم: 

الحبيب الحويج : مدير عام بوزارة المالية
عمر بوزوادة : مدير عام وكالة النهوض بالصناعة والتجديد
عبد الرحمان الشافعي : مدير عام وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية
محمد الفاضل درويش : كاتب عام البنك المركزي التونسي
بليغ بن سلطان : رئيس الهيئة التونسية للاستثمار
صالح الصايل : رئيس هيئة السوق المالية
بثينة بن يغلان : المديرة العامة لصندوق الودائع والأمانات
الحبيب بالحاج قويدر : رئيس الجامعة المهنية التونسية للمؤسسات البنكية والمالية
محمد صالح فراد : رئيس الجمعية التونسية للمستثمرين في رأس المال
مجدي حسن : خبير في المجال الاقتصادي والمالي.

وقال سليم العزابي وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي في حكومة إلياس الفخفاخ إنّ تركيز الصندوق التونسي للاستثمار لئن أخذ شيئا من الوقت إِلَّا أنّه كان من بين أولوياته منذ تعيينه على رأس الوزارة، باعتبار هذا الصندوق المخاطب الوحيد للمستثمرين خاصّة فيما يتعلّق برصد منح الاستثمار وصرفها. وأقرّ الوزير في تصريح لليدرز بوجود صعوبات يواجهها المستثمر اليوم للحصول على منح نصّ عليها قانون الاستثمار لسنة 2016 والتي تسمح له بالتسريع بإنجاز مشروعه، ملاحظا أنّ تركيز الصندوق يعتبر آخر حلقة في تطبيق هذا القانون، ومن أهدافه استحثاث نسق الإجراءات لصرف المنح وضمان نجاعة أكبر في التعاطي مع المستثمرين والقدرة على مدّهم بسرعة بالمنح التي لهم الحقّ في الحصول عليها. 

وأكّٰد سليم العزّابي أنّ منظومة الاستثمار في تونس بصدد التطوّر بعد اكتمال حوكمتها بحلقاتها الثلاث (المجلس الأعلى للاستثمار الذي يرأسه رئيس الحكومة والهيئة الوطنية للاستثمار والصندوق التونسي للاستثمار) وكذلك إثر تعيين مدير عام للصندوق وتركيز هيئة الرقابة التي سيعمل تحت مراقبتها والتي تضمّ ممثّلين عن المتدخّلين في منظومة الاستثمار. وذكر أنّ الجلسة التأسيسية لهيئة الرقابة ستتلوها جلسة ثانية في غضون شهرين لتدارس الاستراتيجية والرؤية اللتين سيستند إليهما عمل الصندوق التونسي للاستثمار ولا سيّما آليات التعامل مع كلّ المتدخّلين في مجال الاستثمار.     والجدير بالذكر أنّ سليم العزابي كان قد عيّن في شهر جويلية الماضي محمد الورتتاني، مديرا عاما للصندوق التونسي للاستثمار. وكان محمد الورتتاني (38 سنة) قد شغل خطّة مدير عام مساعد لوكالة النهوض بالصناعة والتجديد وهو متحصّل على الماجستير في المالية وإدارة المخاطر وماجستير مهني في قانون الأعمال، كما تحمّل خلال مساره المهني عديد المسؤوليات في علاقة بالاستثمار وبعث المشاريع وخاصّة منها ببنك تمويل المؤسّسات الصغرى والمتوسّطة.

باستكمال آخر حلقاتها بعد تركيز الصندوق التونسي للاستثمار تدرك منظومة الاستثمار في تونس مرحلة مهمّة تتمثّل في تحويل النصوص التشريعية إلى إجراءات عملية توضع بالسرعة المطلوبة وفِي كنف الشفافيّة المطلقة ليستفيد منها المستثمر منذ إيداع ملفّه إلى غاية حصوله على الحوافز والمنح لإنجاز مشروعه، وهو يتعامل مع مخاطب وحيد بعيدا عن كلّ التعقيدات الإدارية. ذلك ما ينتظره المستثمر اليوم دون تأخير أو إبطاء من حكومة المشيشي ومن القطب الوزاري الاقتصادي والمالي الذي يشرف عليه علي الكعلي، في وقت بات فيه من الضروري التشجيع على بعث المشاريع دفعا لحركة النمّو وحماية للاقتصاد الوطني من الانهيار، من خلال السعي إلى الحفاظ على ما تبقّى من مؤسّسات في مختلف القطاعات وتعزيز قدرتها على الصمود في سياق أزمة ماليّة خانقة زادتها جائحة "كورونا" حدّة وضراوة لتضمن لنفسها شروط الديمومة والبقاء.

عبد الحفيظ الهرﭬـام

قراءة المزيد

تونس: ماهي آليات حوكمة الاستثمـار

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.