بلاغة الـتّــفنـيد في كتاب صورة المجتمع العربيّ الإسـلاميّ من خلال كتــــب أخبار الأدب لحمّادي صمّود
بقلم د. الحبيب الدّريدي - لا يخلو التّعامل مع نصوص التّراث ولا سيّما نصوص أخبار الأدب من صعوبة مأتاها الأساسيّ هو ضرورة الإلمام بخصائص السّياق الثّقافيّ الحاضن لها والنّظام الجماليّ الذّي أنتجها. ثمّ إنّها نصوص يلتبس فيها التّسجيل بالتّخييل والواقع المحض بالتّصرّف زيادة ونقصانا بما يجعل تخليص الحقيقة التّاريخيّة ممّا تفرضه مقتضيات الصّياغة الأدبيّة الإبداعيّة والتّشكيل الفنّيّ أمرا غير متاحٍ لكلّ قارئ أو دارسٍ. ولذلك تختلف أوجه الاستفادة من هذه النّصوص وتتنوّع طرائق تدبّرها واستقرائها بحسب الأدوات التّي يمتلكها قرّاؤها والعُدد المنهجيّة التّي يُواجهونها بها.
وقد صدر مؤخّرا عن المجمع التّونسيّ للعلوم والفنون والآداب (بيت الحكمة) كتابٌ جديد للأستاذ حمّادي صمّود، أستاذ البلاغة وعلوم الخطاب ونظريّات الأدب،يعرض قراءة طريفة لهذا الضّرب من الكتب لفتتنا فيه قضيّتان محوريّتان : المقاربة المنهجيّة الجديدة التّي استنطق بها المؤلّف أخبار "كتاب الأغاني" للأصفهاني، والأبعاد الثّقافيّة والفكريّة التّي استخلصها وعارضها على نحو حجاجيّ جعلنا نُدرج نصّه ضمن بلاغة مخصوصة هي بلاغة التّفنيد.
المسألة المنهجيّة
لعلّ أوّل ما يسترعي الانتباه من جهة المنهج والمقاربة أنّ الكتاب يتنكّب عن المسلك المعتاد في التّعامل مع الخبر الأدبيّ فيعدل عن المقاربة السّرديّة المتعارَفة التي تعالج الخبر باعتباره جنسا من أجناس القصّ فتستنبط الأسس التّي يقوم عليها وما يتعلّق بذلك من نُظم تحكم إنتاجه وتلقّيه، فإذا هي تدرس مكوّناته الثّلاثة وهي الخبر أو المغامرة l’histoireأي الموضوع الذّي تؤدّيه القصّة أو مادّتها ومتنها الذّي يُقَصُّ، والخطاب discours ، أي محمل القصّة أو جملة العناصر اللّسانيّة أو النّظام اللّغويّ المخصوص الذي يُؤدّي هذا المحتوى، والقصّnarration ، وهو عمليّة اضطلاع الرّاوي أو من ينوبه بتقديم المحتوى، وعلى هذه العمليّة يتوقّف اختيار نظام الخبر وما يتّصل به من مسائل مثل الرّؤية والصّوت وغيرهما...
هذه المقاربة السّرديّة زهد فيها المؤلّف ورغب عنها ربّما لأنّها استُهلكت وقُتلت بحثا، والغالب على الظّنّ أنّها ليست من أهدافه ومراميه ولا تدخل في خطّة الكتاب وخطابه. ولعلّ بعض القرّاء المطّلعين على أعمال الأستاذ حمّادي صمّود المنشورة والعارفين بمجاري أبحاثه انتظروا مقاربة تستند إلى البلاغة وعلوم الخطاب. إلّا أنّه تخيّر بدلا من ذلك كلّه مقاربة مخصوصة ليست هي بالمقاربة التّاريخيّة التّي عُرفت عند قوستاف لانسون وتان Taine وغيرهما من أعلام المنهج التّاريخيّ وإنّما هي مقاربة أدنى ما تكون إلى ما يُسمّى اليوم التّاريخانيّة الجديدةNew Historicismأو التّحليل الثّقافيّCultural Analysis ، وهو منهج ينظر إلى النّصّ الأدبيّ باعتباره جزءًا من سياق تاريخيّ يتفاعل مع مكوّنات الثّقافة الأخرى من مؤسّسات ومعتقدات وموازين قوًى وما إلى ذلك.
ومن ثمّة رأينا المؤلّف، في المقدّمات التّي أنشأها لكتابه وفي أعطاف بحثه وثناياه، يتلطّف في رسم معالم هذه المقاربة وفي تأصيلها والسّعي إلى تثبيت قواعدها وتحديد إطارها، وقد ألحّ في أكثر من موضع على عبارات من قبيل " طريقة القراءة ومذاهب التّأويل" (ص.9) و "مستلزمات القراءة وشروط التّأويل" (ص.9) و"الانتباه إلى ما في النّصوص من مستور المعاني وخفيّ الدّلالات" (ص. 10) و "حاجتنا إلى مذهب في القراءة ونهج في التّأويل قادرَيْن على اشتقاق ملامح المقول فيه من كيفيّة القول" (ص. 12).
وانطلاقا من الوعي بأنّ الأخبار الأدبيّة طريقة مخصوصة في تناول الواقع والإحاطة بمكوّناته والإعلام به، وأنّها شكل من أشكال تمثّل المجتمع لا يُطابق موضوعه تمام المطابقة ولا يُفارقه كلّ المفارقة صار على القارئ الحصيف أن يستجلي حقيقة المجتمع المندسّة في كلّ نصّ وأن يستلّها من ثنايا الأخبار ويستنبطها من مظانّها ويُشكّل معالمها حتّى تشفّ عن خصائص ذاك المجتمع عقائدَ ومواقفَ ومعاملاتٍ وأوجهًا في السّلوك والتّصوّر والتّفكير.
وعلى هذا حدّد المؤلّف بعض الشّروط ليظفر الدّارس بطلبته من نصوص أخبار الأدب ومن بينها:
• إعادة بناء السّياق الحاضن الذي يجب أن تتمّ فيه عمليّة التّأويل والقراءة (ص. 19)
• الاهتداء إلى نسق يردّ التّفاصيل إلى جُمل والشّتات إلى قوانين بما يقتضي حُسن اختيار المدخل المُوصل والنَّظْم المحيط (ص. 41)
• التّحرّر من أسر الخطاب السّائد القائم على الاجترار والتّكرار الحامل لقراءات طقوسيّة تسلب القراءة اللّازمة لفائدة القراءة الواجبة (ص. 217)
وحتّى يُحصّن النّتائج التي سينتهي إليها ويُهيّئ لها ضمانة تكفل صحتّها ووجاهتها خصّص المؤلّف إحدى المقدّمات الأربع التي مهّد بها للكتاب للقيام بعمليّة "جرحٍ وتعديل" دقيقة مستفيضة انتهى منها إلى الإقرار بأنّ الأصفهاني "ناقل أمين يحرص على إحاطة ما يُورد بالملابسات الدّقيقة الخاصّة به سواء تعلّق الأمر بمصادره المكتوبة أو بمن أخذ عنهم المعرفة مُشافهَة (...) فكان متيقّظا حذرا يُحيط ما يُورد بأكثر ما يُمكن من الضّمانات حتّى مكّننا من أن نستخلص من كتابه ميثاقا للتّصحيح والتّحقيق " (ص. 63)
والمحصّل أنّ المؤلّف حرص من خلال التّأصيل المنهجيّ الذي لا يخلو من مظاهره فصل من فصول الكتاب على أن يتجاوز قلقا منهجيّا رافق بعض قراءات هذه النّصوص وجعل قرّاءها لا يظفرون منها بطائل أو يسوقونها عنوة إلى نتائج فيها من الإسقاط والتّعسّف الشّيء الكثير.
المسألة الثّقافيّة الفكريّة
يطرح الكتاب في هذا الباب قضيّتين محوريّتين من منطلق أنّ التّحليل الثّقافيّ المستوفَى لا بدّ أن يذهب إلى ما هو أبعد من النّصّ ليُحدّد الرّوابط بين النّصّ والقيم من جهة وبين المؤسّسات والممارسات الأخرى في الثّقافة من جهة ثانية.
وأُولى القضيّتين تتّصل بالعلاقة بين الشّرائع والقوانين والأحكام وبين تصاريف حياة النّاس وحركة اجتماعهم، فقد انتهى المؤلّف من قراءة متأنّية في نصوص كتاب "الأغاني" إلى أنّ التّحوّلات الكبرى مهما كانت أهميّتها، ولتكن رُسُلا وأديانا، لا تُحدِث في المجتمعات التّي جدّت فيها انقلابا كليّا، وإنّما هي حركة تفعل فعلها على المدى الطّويل، والنّواميس الخفيّة المتحكّمة في حركة اجتماع النّاس وترافدهم لا يُمكن أن يُطوّقها القانون من كلّ جانبٍ ويُخضعها لمشيئته في الجُمل والتّفاصيل.
وقد يُفسَّر هذا الأمر بعوامل عدّة منها ما يعود إلى طبائع الأفراد ومنها ما يعود إلى ديناميّة الجماعات.
فالنّفس البشريّة جُبِلت على الحريّة إذ هي تأبى التّضييق والتّقييد وتأنف من الحدّ والحصر والمنع وتكره الانقياد والخضوع للضّوابط والإلزامات، وعلى هذا النّحو لا يمكن للتّعاليم والأحكام والمقرّرات أن تبسط سلطانها بشكل كلّيّ على النّفس لأنّ "النّفس راغبة إذا رغّبتها" و "إذا تُردّ إلى قليل" قلّما تقنع وتكتفي ذلك أنّها قُدّت من ميول ونوازع ورغائب وشهوات وأهواء لا تنضبط بالضّرورة لكلّ قمع وكفٍّ ولا تسكنُ غالبا لكلّ زجر وردعٍ. وكذلك الجماعات تمضي في حركيّتها إلى ابتداع ما به يكون أفرادها سُعداء لأنّ فيهم غريزة خفيّة تحملهم على السّعي إلى اللّهو والانشغال لمواجهة ما ينشأ عن منازعات الاجتماع وأعماله الجسورة من تعاسة وشقاء، وكثيرا ما يصطدم هذا السّعي بالأحكام والقوانين والشّرائع تَصْرِف عنه وتصدّ عن السّير في مسالكه فينشأ التّوتّر بين القانون والحياة.
وقد استحضر المؤلّف من الأخبار التّي يزخر بها كتاب " الأغاني" ما أقام بها الدليل على المسافة الواقعة بين مقرّرات النّصّ وحياة النّاس ومن ثمّة على العلاقة المتوتّرة أحيانا بين القانون وإرادة الحياة، فقد أورد صاحب "الأغاني" أخبارا عن أعمال تدخل في باب المعاصي أتاها رجالٌ من الصّحابة والمقرّبين، من ذلك خبر عمر بن الخطّاب مع جماعة شربوا الخمر فيهم الصّحابيّ أبو محجن الثّقفي، وقد عُرف ببقائه على شرب الخمر واستمساكه بمعاقرتها بعد الإسلام وهو القائل:
إذا مِتُّ فادفنّي إلى جنبِ كرمَة
تُروّي عظامي بعد موتي عُروقُها
ورغم إقامة الحدّ عليه وجلده فقد قال لعمر:
وإنّي لذو صبرٍ وقد مات إخوتي
ولستُ عن الصّهباء يومًا بصابرِ
أو خبر الوليد بن عقبة أخي عثمان بن عفّان لأمّه، وكان واليا بالكوفة، فقد شرب وصلّى بالنّاس وهو سكران فزاد في الصّلاة وشُهد عليه بذلك عند عثمان فجلدهُ الحدَّ. أو خبر عمر بن الخطّاب مع الصّحابيّ المغيرة بن شعبة وقد تعلّقت به قضيّة في الزّنا شهدها أربعة شهود، غير أن عمر اجتهد في تجنيبه الرّجم والقتل بالضّغط على الشّاهد الرّابع لأنّ المغيرة من الصّحابة المهاجرين. أو خبر عمرو بن عثمان بن عفّان وهو أوّل من أخذ مالا بِرِبًا في الإسلام، فقد أتاه عبد اللّه بن الزّبير في ثياب رثّة فاقترض مالا بِعِينةٍ (والعِينة هي الرّبا) ليتفضّل به على عبد اللّه.
أمّا القضيّة الثّانية فمدارها على بيان الاختلاف، بله التّناقض والتّباين، بين صورة المجتمع العربيّ الإسلاميّ كما تحدّدت معالمها في نصوص أخبار الأدب وبين صورة مموَّهة مغلوطة تروّج لها اليوم بعض الأوساط المتشدّدة. ذلك أنّ الصّورة التي تُستخلص من كتاب "الأغاني" هي صورة مجتمع يسوده قدرٌ وافرٌ من التّسامح والانفتاح والتّحرّر والتّبسّط وأخذ الأمور بالرّفق والملاينة سواء اتّصل ذلك بمكانة المرأة ووضعها، أو بالغناء والمواقف منه، أو بسلوك أولي الأمر وغيرها بخلاف ما تُشيعه عن هذا المجتمع طوائف من الواغلين على التّاريخ الإسلاميّ من صور التّحجّر والتشدّد والانغلاق والقسوة والغلظة.
بلاغة التّفنيد
وها هنا يصير الكتاب ظاهر الانتساب إلى المحاجّة والخصومة والمقارعة، فالمؤلّف يستدلّ على ما يذهب إليه بأخبار كثيرة أوردها الأصفهاني في كتابه، ولكنّه يوطّئ لما يعرضه من أخبار بخطاب تحكُمُه بلاغة مخصوصة يُمكن أن نطلق عليه بلاغة التّفنيد والتّنديد. فهو يُشير إلى خصومه في مواطن كثيرة وبتسميات مختلفة منها المكنيّ ومنها الصّريح، فهم في بعض المواطن "أناس" (ص.9)، وهم أحيانا أصحاب "التّأويلات المجحفة والجاهلة" (ص.65)، وهم أحيانا أخرى "من لا علم لهم بالتّاريخ" (ص.97)، وهو يُسمّيهم تارة "بعض الأوساط" (ص. 148)، وتارة أخرى "المتحدّثون باسم الإسلام والمسلمين" (ص. 167)، وربّما أطلق عليهم "دعاة الصّحوة الإسلاميّة" (ص.218).
ثمّ إنّه يصم هؤلاء الخصوم بعيوب عديدة مثل الجهل : "الصّورة التّي يُروّجونها عن فترات الإسلام الأولى مبنيّة عن جهل بما وصلنا عنها عن طريق الأخبار" (ص. 11)، وينسبهم إلى الإجحاف : "ما أصبح يُروَّج في بعض التّأويلات المجحفة بل والجاهلة" (ص. 65)، ويصف ما يروّجون له بالتّهافت : " ويهمّنا من ذلك بالخصوص بيان تهافت كثير ممّا تروّج بعض الأوســـــــاط..." (ص. 148)، ثمّ إنّه يرميهم كذلك بالغلط :"وهي نصوص تؤكّد غلط الصّورة" (ص. 149)، ويصمهم بالكذب: "ويمكن أن نعدّد النّصوص المكذّبة لهذه المقالة" (ص. 149)، وكذلك " فهم إمّا يكذبون على التّاريخ أو لا يعرفون التّاريخ..." (ص. 218)
وبعد أن يُشير إليهم كناية وتصريحا ويصمهم بعيوبهم المتنوّعة يعرض مطاعنه عليهم ونقضه لمذهبهم، فقد وقعوا في الإيهام والتّمويه لأنّهم "يُحدّثون عن طرق في العيش وضروب من المعاملات وصور للعلاقات في المجتمع العربيّ الإسلاميّ لا يُثبتها النّاس ولم يجدوا لها أثرا في ما قرأوا من نصوص" (9 – 10). وقد جنحوا إلى البهتان لأنّهم يروّجون أحكاما يدّعي أصحابها أنّها أحكام الشّريعة" (ص.65)،ووقعوا فوق ذلك في الإرجاف ومغالطة عموم النّاس " هذه صورة المجتمع الإسلاميّ كما تُصوّرُها نصوص التّراث جميعا ونصوص كتب أخبار الأدب لا الصّورة التّي يُريد من لا علم لهم بالتّاريخ عامّة وبتاريخ المدن الإسلاميّة على وجه الخصوص أن يقنع بها النّاس العزّل العارين عن كلّ معرفة بحقائق الأشياء" (ص. 97)
ومن مطاعنه عليهم ما يعمدون إليه من مغالطة وقلب لحقائق الأمور بما يبلغ حدّ التّعارض مع النّصوص التّي يدّعون الاحتكام إليها ومع واقع المجتمع في عصور الإسلام الأوّل " وليس الأمر في أصول التّشريع وفي ما كانت عليه حياة النّاس في دار الإسلام على ما يُصوّرون" (ص.149)
وهو يؤاخذهم فضلا عن ذلك بالانتقاء وتغييب ما تجري به حياةُ النّاس في سيرها اليوميّ :" وهي نصوصٌ تؤكّد غلط الصّورة التّي تنبني فقط على ما في بطون التّشاريع والقوانين وغلط التّضحية بحياة النّاس في يوميّها ممّا تزخر به الكتب"(ص. 149)
وإذا استعرض الأخبار التّي تبرهن على بطلان دعواهم وتؤكّد ما انتهى إليه من استقراء النّصوص وتدبّرها فإنّنا واجدون ما تقوم به الحجّة عليهم وما يحملهم على الإذعان والتّسليم. ففي باب مكانة المرأة ووضعها يُصادف القارئ في أخبار عائشة بنت طلحة وسُكينة بنت الحسين بن علي شواهد على ما كان للنّساء قديما من عظيم السّطوة وبعيد التّأثير. وفي مجال اختلاط الرّجال بالنّساء قديما يجد ما يُغني في أخبار المجنون وجميل بثينة وبشّار بن برد، أو في خبر طريف يذكر إعجاب الفرزدق بجارية لسكينة بنت الحسين بن علي إعجابا بلغ حدّ الإفحاش في القول ولكنّ سكينة لقيت ذلك الإفحاش بأن ضحكت وأمرت للشّاعر بالجارية. أو في خبر حجّ زوجة الخليفة الوليد بن عبد الملك وتعلّقها في الحجّ بوضّاح اليمن وتغزّله بها، أو في خبر تعلّق أبو دهبل الجمحيّ بعاتكة بنت معاوية بن أبي سفيان وتلطّف معاوية في صرفه عنها. أمّا في الغناء والمواقف منه فيعرض المؤلّف خبرا عن الإمام مالك بن أنس كيف نشأ وهو غلام حدثٌ يتبع المغنّين ويأخذ عنهم، وخبرا عن غنائه في عرس رجل من أهل المدنية يُكنّى أبا حنظلة، وخبرا عن الخليفة عمر بن عبد العزيز كيف صنع في أيّام إمارته على الحجاز سبعة ألحان يذكر سعاد فيها كلّها، وخبرا عن سعيد بن المسيّب وهو من كبار الفقهاء والمحدّثين وقد كان يسمع الغناء وينتشي له ويستمتع به.
والمحصول من قراءة هذا الكتاب أنّه كتاب منهاج وكتاب حجاج: كتاب منهاج لأنّه يقترح مسلكا جديدا في التّعامل مع أخبار الأدب، فهو يُشرع بابا فسيحا في مقاربة هذا الضّرب من النّصوص من خلال ما تفتحه القراءة التّاريخانيّة والثّقافيّة من أوساع وما تعد به من آفاق. وهو كتاب حجاج لأنّه يُصحّح صورة عن المجتمع العربيّ الإسلاميّ أراد بعضهم أن يجعلها صورة غلظة وفظاظة وتزمّت والحال أنّها،عند الاحتكام إلى النّصوص، تُسفر سماحة كلّها وبهجة وسعادة.
د. الحبيب الدّريدي
- اكتب تعليق
- تعليق