اقتصاد - 2020.11.03

رضا الشكندالي : مشروعي موازنة الدولة لسنتي 2020 و2021 بين عقم الحلول الجبائية وإمكانية اللجوء الى آليات السياسة النقدية

رضا الشكندالي : مشروعي موازنة الدولة لسنتي 2020 و2021 بين عقم الحلول الجبائية وإمكانية اللجوء الى آليات السياسة النقدية

بقلم أ.د. رضا الشكندالي

ملامح مشروع ميزانية الدولة التكميلية لسنة 2020

حدد مشروع ميزانية الدولة التكميلية لسنة 2020 ب 51.7 مليار دينار أي بزيادة قدرها 9.5 مليار دينار مقارنة بسنة 2019 و4.5 مليار دينار مقارنة بقانون المالية الأصلي لسنة 2020. فمقارنة بسنة 2019، تراجعت الموارد الذاتية للدولة ب 2.3 مليار دينار وخاصة منها الموارد الجبائية والتي تقلّصت ب 2.8 مليار دينار وهو ما سيجبر الحكومة التونسية على تعبئة موارد إضافية بمبلغ 11.6 مليار دينار.

وسيغطي هذا المبلغ الإضافي لميزانية الدولة، وهو في حدود 9.5 مليار دينار، نفقات إضافية ب 6 مليار دينار بعنوان نفقات التصرف منها 3 مليار دينار للزيادة في الأجور و 1.8 مليار دينار كتدخلات إضافية و 1 مليار دينار كنفقات طارئة إضافية. كما ستغطي هذه الزيادة في حجم الميزانية الترفيع ب 0.8 مليار دينار في نفقات التنمية وتضخم حجم خدمة الدين العمومي ب 2.2 مليار دينار.

وهو ما سيعمق عجز ميزانية الدولة بعجز إضافي بنفس الزيادة في ميزانية الدولة وهو 9.5 مليار دينار ليصبح العجز في مستويات خيالية لم تعشها تونس منذ عقود طويلةوهو 15.3 مليار دينار عوضا عن 4 مليار دينار في سنة 2019 أي 13.8% من الناتج عوضا عن 3.5% السنة الفارطة و3% مقدرة في قانون المالية الأصلي لسنة 2020.

وبالتالي ستزداد أزمة الدين العمومي سوءا، حيث سيرتفع حجم الدين العمومي ب 17.4 مليار دينار ليصبح 99.9 مليار دينار مقابل 82.7 مليار دينار السنة الفارطة وهو ما يمثل 90% من الناتج الداخلي الخام مقابل 72.5% في السنة الفارطة.

وإذ تبدو هذه الأرقام مفزعة للغاية، فإن البعض منها يدعو للاستغراب خاصة فيما يخص نفقات التنمية والتي ارتفعت ب 800 مليون دينار والحال أن حكومة الفخفاخ، عبر رسالة النوايا الشهيرة والموقعة في 2 أفريل 2020 من طرف وزير المالية، السيد نزار يعيش ومحافظ البنك المركزي التونسي، السيد مروان العباسي، في نقطته السادسة، تعهدت بتخفيضهاب 3.4 مليار دينار (أنظر مقالي المنشور بموقع ليدرز بالعربية حول رسالة النوايا في نقطتها السادسة : "نقوم بتنفيذ إعادة جدولة مؤقتة وموجهة بقيمة 3.4 مليار دينار في نفقات التنمية لفتح مساحة إضافية للنفقات المتعلقة بـ كوفيد-19مع تأخير المشاريع ذات الأولوية الدنيا وسيتم تنفيذها من خلال التوجييهات الصادرة للوزارات المختصة ذات الصلة")

نتائج تنفيذ ميزانية الدولة الى موفى أوت 2020 تشير الى صعوبة تنفيذ مشروع ميزانية الدولة التكميلية

أهداف ميزانية الدولة التكميلية لسنة 2020 تستوجب الحد من تراجع الموارد الذاتية للدولة الى ما دون 2.3 مليار دينار، منها تراجع ب 2.8 مليار دينار للموارد الجبائية وزيادة ب نصف مليار دينار في الموارد غير الجبائية. إلّا أن نتائج تنفيذ ميزانية الدولة الى موفى أوت 2020 أظهرت تراجع كبير في الموارد الجبائية (-12.2 مليار دينار) والموارد غير الجبائية ب 1.5 مليار دينار مقارنة بما تمّ تحصيله في سنة 2019 وهو ما يلزم تعبئة موارد ذاتية إضافية ب 11.4 مليار دينار منها 9.4 مليار دينار كموارد جبائية و2 مليار دينار كموارد غير جبائية في الفترة الممتدة من سبتمبر الى موفى سنة 2020، وهو أمر بالغ الصعوبة.

علاوة على ذلك، فإن الحكومة التونسية، والى موفى أوت من هذه السنة، لم تتمكن من تعبئة إلا 300 مليون دينار كموارد اقتراض وخزينة من جملة 500 11 مليون دينار لتنفيذ مشروع ميزانية الدولة التكميلية لسنة 2020 ويلزمها تعبئة 200 11 مليون دينار في غضون الأربع أشهر المتبقية من هذه السنة.

وبالنسبة لنفقات التنمية، فتشير نتائج تنفيذ ميزانية الدولة الى موفى أوت 2020، أنها تقلصت ب 2.9 مليار دينار والحال أن مشروع الميزانية التكميلية يتوقع زيادة ب 800 مليون دينار مقارنة بحجم نفقات التنمية لسنة 2019 وهو ما يتطلب تنفيذ ما قيمته 3.7 مليار دينار فيما تبقى من السنة خلافا لما تعهدت به الدولة التونسية تجاه صندوق النقد الدولي.

كسر الحجر الصحي الشامل لا يمكّن لوحده من بلوغ أهداف الميزانية التكميلية بل لا بد من مكافحة جوائح أخرى لا تقل أهمية

يرتكز مشروع ميزانية الدولة التكميلية على تحقيق نسبة نمو اقتصادي ب -7.3% في سنة 2020 عوضا عن 2.7% كانت مقدرة في قانون المالية الأصلي لسنة 2020 وذلك بالمواصلة في كسر الحجر الصحي الشامل الى نهاية هذه السنة وكأن المتسبب الوحيد في تهاوي النمو الاقتصادي الى حدود -21.6% في الربع الثاني من هذه السنة، الجائحة الصحية أو الكوفيد الصحي. إلا أن المتابع للأحداث السياسية والاجتماعية في تونس خاصة في هذه السنة، يرجّح وجود جوائح أخرى تسببت في الأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس. فعلاوة على الجائحة الصحية، والتي تسببت في تعطل سلاسل التوريد العالمية وأضرت بالصادرات التونسية وبتوفير مستلزمات الانتاج من مواد التجهيز والمواد الأولية الموردة، فإن الجائحة السياسية والجائحة الاجتماعية كانتا من المعطلات الهامة للنمو الاقتصادي في تونس فالجائحة السياسية ، والمتمثلة في فقدان الثقة بين المؤسسات الدستورية للدولة، رئاسة الجمهورية من جهة ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة من جهة أخرى، أثّرت بصورة مباشرة على مناخ الأعمال إذ بدون ثقة لا يمكن بناء الاقتصاد وبدون ثقة لا يمكن للمستثمر أن يستثمر في تونس. أما الجائحة الاجتماعية فقد تمثّلت في التسيب في دواليب الإدارة والعزوف عن العمل في الوظيفة العمومية وفي المؤسسات العمومية وإغلاق لحقول النفط وحقول الفوسفاطمن طرف المحتجين، وهو مناخ غير ملائم للاستثمار وخلق الثروة.

والى جانب الجوائح الثلاث المذكورة آنفا، لا بد من الإشارة الى أن السياسات الاقتصادية التي طبقتها حكومات ما بعد الثورة ولا تزال، كانت هي الأخرى من المعطلات الرئيسية للنمو الاقتصادي في تونس. فالسياسة النقدية الحذرة، والتي أدت الى الترفيع في نسبة الفائدة الى مستويات مرتفعة رفّعت في كلفة الاستثمار وفي كلفة الاقتراض الداخلي للدولة وللمواطن التونسي. أما سياسة الصرف المرنة فقد تسببت في تراجع كبير في قيمة الدينار التونسي وأضرت بالاستثمار حيث أصبحت مواد التجهيز والمواد الأولية الضرورية للانتاجذات كلفة عالية. كما أضرت بالمواطن التونسي حيث أسهمت في التهاب الأسعار وأضرت بميزانية الدولة حيث ضخمت في حجم استخلاص الديون الخارجية. ومن الأسباب الأخرىوالتي خنقت ولا تزال الاقتصاد التونسي ومنعته من تحقيق نسب نمو عالية، البيروقراطية وسلاحها الفتاك نسب الأداءات العالية. هذه الجائحة تجعلك تندم شديد الندم عندما تقدم على أي مشروع يحسن مستوى عيشك وعيش الآخرين وتدفعك على أن تبقى حيث أنت وإلا فهي لك بالمرصاد. بنفس الأساليب البيروقراطية لا يمكن أن نحقق إلا نسبة نمو تقارب الصفر، فالصفر هو الجمود وهذه الجائحة تعشق الجمود.

ومن الفرضيات الأخرى لمشروع ميزانية الدولة لسنة 2020، الاعتماد على سعر العالمي لبرميل النفط ب 43 دولار عوضا عن 65 دولار مقدرة في قانون المالية الأصلي وسعر الصرف لشهر سبتمبر 2020. كما أن الدولة تنوي خلال هذه السنة تسوية متخلدات سابقة بقيمة 4.1 مليار دينار تجاه الشركة التونسية لتكرير النفط ((STIRومتخلدات دعم لصالح ديوان الحبوب بمبلغ  1.6 مليار دينار لكل منهما ومتخلدات الدولة تجاه المزودين (500 مليون دينار) وتجاه المقاولين (300 مليون دينار) ومتخلدات دعم  تجاه شركات النقل (100 مليون دينار). ولعل الصعوبة التي ترافق تنفيذ مشروع الميزانية التكميلية قد لا يمكن الحكومة التونسية من تسوية أغلب هذه المتخلدات وهو ما قد يهدد أغلب المؤسسات العمومية بالإفلاس.

لتنفيذ الميزانية التكميلية، هل تتمكن الحكومة من توفير الموارد اللازمة

على كامل السنة، ولتنفيذ ميزانية الدولة التكميلية لهذا العام، الحكومة التونسية مطالبة بتوفير 12.4 مليار دينار. وأمام تراجع الترقيم السيادي لتونس وعدم الاستقرار الذي يميّز المشهد السياسي والمشهد الاجتماعي وتراجع كل المؤشرات الاقتصادية الأساسية، اضطرت الحكومة التونسية لأول مرة منذ الثورة الى الاعتماد أساسا على الاقتراض الداخلي وهو ما يستوجب تعبئة 9.7 مليار دينار. وإن لم تتوضح بعد مصادر التمويل الأساسية من الداخل، فالمشروع لم يحدد بعد مصدر الاقتراض إلا لنصف المبلغ المطلوب وهو 4.7 مليار دينار ( 2 مليار دينار تجديد BTC و0.7 مليار دينار كرقاع خزينة و1.2 مليار دينار BNA و 0.8 مليار دينار BCT). ويبقى قدرة الدولة على تعبئة المبلغ المتبقي، وهو 4.9 مليار دينار، أمرا بالغ الأهمية.

أمّا الاقتراض الخارجي، وهو في حدود 2.7 مليار دينار، فالقليل منهذا المبلغ إمّا ينتظر المصادقة من طرف مجلس الشعب كالقروض الممنوحة من طرف البنك الدولي أو البنك الإفريقي للتنمية وهي في حدود 500 مليون دينار أو قروض بصدد الإمضاء مع الاتحاد الأوروبي (300 مليون دينار).

فرضيات هشة تجعل من مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021 أمرا صعب التحقيق

يهدف مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021 للتقليص من عجز ميزانية الدولة ب 6.5 نقاط كاملة ليمثل 7.3% من الناتج الداخلي الخام.ويرتكز هذا المشروع على أربع فرضيات هامة،نمو اقتصادي ب 4%، سعر عالمي لبرميل النفط ب 45 دولار وتطور واردات السلع ب 9.2%.ويعتمد المشروع لتحقيق نسبة نمو اقتصادي ب4%على قدرة الدولة على استعادة نسق الإنتاج في حقول النفط والغاز وخاصة في حقل نوارة وحقل المنزل واستعادة انتظامية لنشاط استخراج الفوسفاط في الحوض المنجمي وتزويد المجمع الكيميائي وتعافي تدريجي للمؤسسات التي تضررت من جائحة الكورونا، وهو أمر صعب للغاية مع تواصل الاحتقان الاجتماعي في عديد الجهات التونسية وخاصة منها الفقيرة والمهمشة وهي مناطق غنية بالثروات الطبيعية. كما أن الموجة الثانية القوية للجائحة الصحية قد تزيد من أتعاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة والتي توقف نشاطها من جراء الموجة الأولى للكوفيد-19 ولا تمكن من تحقيق نسبة النمو المفترضة للواردات مع مزيد تعطل سلاسل التوريد في العالم في صورة توجه الدول الشريكة مع تونس نحو غلق الحدود من أجل التوقي من الجائحة الصحية. كما تتطلب فرضية النمو الاقتصادي تفعيل المشاريع في قطاعات الطاقة المتجددة عبر آلية الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وهو كذلك أمر صعب إذا لم يتوفر المناخ الملائم للاستثمار.

السياسة الجبائية، الآلية المعتمدة في مشروع ميزانية الدولة لسنة 2021، سياسة عقيمة في الأزمات الكبرى

لتحقيق أهداف ميزانية الدولة لسنة 2021، اعتمدت حكومة المشيشي على الآليات الإدارية التقليدية وهي تطوير الإدارة الجبائية وتحديث المنظومات الإعلامية ورقمنة الإجراءات ومقاومة التهرب الضريبي. كما يقترح المشروع توحيد الضريبة على الشركات ب18% على أن تطبق على الأرباح المحققة في سنة 2012 والمصرح بها سنة 2022 وتعويض النظام التقديري الخاص بالمؤسسات الفردية الصغيرة (ما عدى الباعة المتجولون وحرفي الصناعات التقليدية) بنظام جبائي خاص بما أن عددهم كثير (400 ألف) لكنهم لا يساهمون إلا ب 40 مليون دينار على أن يطبق على المرابيح المحققة في سنة 2021 والمصرح بها سنة 2022. كما سيتم الترفيع في المعلوم على استهلاك الخمور والجعة والمنتجات البترولية واحداث معلوم على السكروترشيد الامتيازات الجبائية وذلك بتعديل الضريبة الدنيا المستوجبة. علاوة على ذلك يقترح المشروع تحفيز الأشخاص الطبيعيين على اقتناء مساكن عن طريق الاقتراض من خلال منحهم تخفيض في الضريبة في حدود 100 دينار شهريا شريطة ابرام عقدي اقتناء المسكن والقرض خلال سنة 2012.

وستمكن هذه الإجراءات من التقليص من عجز ميزانية الدولة لسنة 2021 ب 8.9 مليار دينار أي الى حدود 7.3% من الناتج الداخلي الخام والى حجم الدين العمومي ب 112.3 مليار دينار أي بنسبة 92.7% من الناتج الداخلي الخام.

ثغرات كبيرة في مشروعي الميزانية التكميلية لسنة 2020 وميزانية الدواة لسنة 2021

يفتقد المشروع الأول والثاني الى رؤية اقتصادية واجتماعية شاملة تحدد الأهداف الأساسية للمرحلة القادمة وتعالج أهم القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها تونس في هذه الأيام وخاصة منها تفاقم البطالة الى ما فوق 20% وتوقف عديد المؤسسات الاقتصادية عن النشاط على إثر الجائحة الصحية التي مسّت العالم وتراجع المقدرة الشرائية للمواطن التونسي بالرغم من الزيادات الأخيرة في الأجور. ويعتبر مشروعي قوانين المالية المعروضة على أنظار لجنة المالية بمجلس النواب، أن الهدف الأساسي هو إيقاف نزيف المالية العمومية والحال أن هذه الأخيرة هي نتاج لحسن اشتغال الاقتصاد الحقيقي ودفع الاستثمار والنمو الاقتصادي. ولا تخلو الحلول المقترحة في المشروعين، وهي حلول جبائية صرفة، من نبرة إدارية بعيدة عن الواقع المعاش إذ لا تمكّن نسبة الضغط الجبائي العالي من تحصيل موارد جبائية إضافية خاصة وأن جل الأطراف الاقتصادية من مؤسسات وأفراد يمرّون بصعوبات مالية جمة، فالمؤسسات الاقتصادية تكاد تكون شبه متوقفة ولا تتوفر لديها السيولة اللازمة لتحريك عجلة انتاجها والأفراد يعانون منذ سنوات من تدهور مستمر في مقدرتهم الشرائية ولا يمكن اثقال كاهلهم بالمزيد من الأداءات كاشتراط التصريح السنوي للمداخيل عند الحصول على رخصة الجولان.

ومن المفارقات العجيبة في مشروعي قوانين المالية لسنتي 2020 و2021، أن الأول يقدر زيادة في موازنة الدولة ب 500 9 مليار للحصول على نسبة نمو سالبة ب - 7.3% والثاني يقلّص من حجم ميزاني الدولة ب 000 1 مليار والنتيجة نسبة نمو اقتصادي ب 4% وهو أمر خارج المنطق الاقتصادي المتعارف عليه، إذ أن تضخيم ميزانية الدولة بهذا الشكل يقتضي على الأقل تحصيل أهداف اقتصادية دنيا كالترفيع من النمو الاقتصادي والتقليص من البطالة أو التخفيض من اللجوء الى التداين الخارجي.

الحلول متوفرة في أدوات السياسة النقدية

أمام انسداد الحلول الجبائية والحاجة الملحة الى تعبئة الموارد المالية للدولة، لم يبقى أمام الحكومة التونسية إلا اللجوء الى آليات السياسة النقدية لدفع الاستثمار والنمو الاقتصادي. فالمؤسسة الاقتصادية تحتاج هذه الأيام الى السيولة النقدية لتتمكن من خلاص أجور موظفيها واقتناء ما يلزمها من وسائل الإنتاج لخلق الثروة ودفع ما تخلد من ذمتها من أداءات للدولة. ويمكن للمؤسسات الاقتصادية اللجوء الى التداين الميسّر لدى البنوك وبنسبة فائدة ضعيفة مع فترة إمهال بسنة حتى تسترجع أنفاسها وتتعافى كليا من تداعيات أزمة الكورونا، شرط توفير السيولة النقدية اللازمة من طرف البنك المركزي.

آليات السياسة النقدية لا تقتصر فقط على توفير السيولة النقدية للمؤسسات بل كذلك إقراض الدولة عبر تغيير الفصل 25 من القانون الأساسي للبنك المركزي والذي نحتاجه في هذا الوقت العصيب ليلعب دورا مهما يتعدى الهدف اليتيم الذي سجن نفسه فيه وهو استهداف التضخم المالي. إذ يمكن للدولة أن تقترض مباشرة من البنك المركزي عبر إصدار رقاع الخزينة شريطة أن تستعمل هذا القرض لأهداف تنموية بحتة كخلاص المزودين والمقاولين، ويمكن إحداث هيئة مستقلة تراقب استعمالات الديون من طرف الدولة حتى لا توجه الى تمويل نفقات التصرف. ويبقى هذا الحل رهين تقديم الحكومة أو للأطراف الداعمة لها لمبادرة تشريعية لتغيير الفصل 25 من القانون الأساسي للبنك المركزي التونسي. إلا أن التعهدات الأخيرة للدولة التونسية تجاه صندوق النقد الدولي للحصول على قرض ب   743 مليون دولار والمدونة في رسالة النوايا الممضاة من طرف محافظ البنك المركزي ووزير المالية في حكومة الفخفاخفي  أفريل 2020 تمثّل عقبة كبيرة نحو التوجه الى هذا الحل يمسّ من مصداقية الدولة التونسية تجاه المانحين الدوليين.

أ.د. رضا الشكندالي
أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية


 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.