أخبار - 2020.09.04

محمد قدري : قطاع الفسفاط ومشتقاته بين الأمل والقلق

محمد قدري : قطاع الفسفاط ومشتقاته بين الأمل والقلق

يعيش قطاع الفسفاط عديد الصعوبات بعد الثورة رغم أنه يضطلع بدور بارز  في المنظومة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد التونسية منذ فجر الاستقلال إلى اليوم، حيث يساهم بنحو 10 % من إجمالي عائدات الصادرات الوطنية. وظهرت هذه الصعوبات خاصّة بعد الثورة نتيجة للاضطرابات والاحتجاجات الاجتماعية التي مرت بها البلاد بصفة عامة ومنطقة الحوض المنجمي ومواقع التحويل بصفة خاصة. فقد شهد هذا القطاع تراجعا حادا في نشاطه منذ سنة 2011 وإلى غاية السداسي الأول من سنة 2020، حيث لم يتجاوز معدل إنتاج الفسفاط على امتداد التسع سنوات الفارطة حوالي 40 % من الطاقة التصميمية لشركة فسفاط قفصة (8 مليون طن) أي 3,2مليون طن في السنة.

1. تطور إنتاج الفسفاط التجاري

تحسن إنتاج الفسفاط التجاري خلال شهر أوت 2020

خلال شهر أوت 2020، بلغ إنتاج الفسفاط حوالي 300 ألف طن مسجلا بذلك تحسّنا بـ150 % مقارنة بإنجازات شهري جوان وجويلية من نفس السنة وذلك نظرا لعودة أغلب المغاسل إلى الإنتاج خاصة مغسلتي المتلوي وكاف الدور، وبلغ المعدّل اليومي لإنتاج الفسفاط خلال شهر أوت 2020 حوالي 10 آلاف طن يوميا مسجّلا بذلك ارتفاعا قدره 150 % مقارنة بالشهر السابق وزيادة بـ 9 % مقارنة بنفس الفترة من سنة 2019.

وتختلف الكميات المنتجة حسب المغاسل، حيث  أنّ مغاسلي الرديف وأم العرائس لا يوفران سوى نسبة 19 % من جملة إنتاج المغاسل ويشتغلان بنسبة لا تتجاوز 36 % من طاقتهما التصميمية وهي نسبة ضعيفة نظرا للتوقف شبه التام خاصة لمغسلة الرديف طيلة السنوات الأخيرة وتذبذب الإنتاج بمغسلة أم العرائس بسبب الاضطرابات الاجتماعية بهذه المناطق.

ورغم التأثيرات السلبية لجائحة كورونا على المستوى العالمي والوطني، فقد حقق قطاع الفسفاط تحسنا في الإنتاج، حيث بلغ إلى موفى شهر أوت 2020 حوالي 2,4 مليون طنا مسجلا بذلك تحسّنا بـ 10 % مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية ولكن يبقى هذا التحسّن دون الهدف المرسوم الرامي إلى إنتاج حوالي 3,7مليون طنا خلال نفس الفترة وذلك بتراجع قدره 36 %، وتعود أسباب هذا التراجع بالأساس إلى التوقيف المتواتر لعمليات استخراج وإنتاج الفسفاط من طرف المعتصمين بالحوض المنجمي.

وفي هذا الشأن، قامت وزارة الطاقة والمناجم والانتقال الطاقي بمعية السلط الجهوية والمحلّية بولاية قفصة ونواب الجهة والأطراف الاجتماعية بمجهودات كبيرة أفضت إلى تعليق الاعتصامات بكامل منشآت شركة فسفاط قفصة مما مكن من استرجاع نسق الإنتاج والنقل والتحويل بجميع أقاليم الحوض المنجمي.

وتجدر الإشارة إلى توفر ما يقارب من مليوني طنّ من الفسفاط التجاري بمعتمديتي الرديف وأم العرائس جاهزة للوسق نحو مصانع المجمع الكيميائي التونسي بكل من قابس والصخيرة منذ سنوات، إلاّ أن بعض المعتصمين بالجهة يرفضون نقل هذه الكمّيات بواسطة الشاحنات، وهو الخيار الوحيد المتاح لشركة فسفاط قفصة في الوقت الحالي باعتبار تعطّل نشاط الخطّ الحديدي عدد 15 الذي يربط بين الرديف وأم العرائس بسبب فيضانات شهر أكتوبر من سنة 2017 وقد استؤنفت أشغال إعادة تهيئة وإصلاح هذا الخط منذ شهر جوان 2020 بعد  تعطلها خلال فترة الحجر الصحي.

نقل الفسفاط

إلى موفى شهر أوت 2020، بلغت الكميات المنقولة إلى مصانع التحويل بكل من المجمع الكيميائي التونسي وشركة تيفارت قرابة 1.7 مليون طنا وتوزعت كالآتي:

53 % بواسطة السكك الحديدية

44 % بواسطة الشاحنات

3 % بواسطة الناقل المطاطي

2. التوقّعات إلى موفى سنة 2020

أ- إنتاج الفسفاط التجاري

في صورة تواصل استقرار الأوضاع الاجتماعية بالحوض المنجمي بعد التوصل إلى اتفاق مع المعتصمين واستئناف نشاط الاستخراج والإنتاج والتصدير بكل من إقليم الرديف وإقليم المتلوي رغم تذبذب الإنتاج بإقليم أم العرائس بسبب اعتصامات عدد من طالبي الشغل، فإنّه من المتوقّع أن يسجّل معدّل الإنتاج اليومي للفسفاط تحسّنا خلال الأيام القادمة ليستقر في حدود 13 ألف طن في أحسن الحالات وبذلك يمكن بلوغ مستوى 400 ألف طنّا/شهريا بحيث يكون مجموع الإنتاج لكامل سنة 2020 في حدود 4 مليون طنّا.

ب- نقل الفسفاط

من المتوقع أن يرتفع نسق نقل الفسفاط إلى مصانع التحويل بالمجمع الكيميائي التونسي والشركة التونسية الهندية تيفارت ليتجاوز 13 ألف طن يوميا خاصة بعد استئناف تسويق  الفسفاط من الرديف.

وتجدر الإشارة إلى أن وزارة الطاقة والمناجم والانتقال الطاقي تعمل جاهدة بمعية شركة فسفاط قفصة على استرجاع النسق العادي للإنتاج وديمومته لتحقيق التوازنات المالية لمؤسسات القطاع خاصة أن الاحتجاجات بالحوض المنجمي لها تأثير مباشر على عمل مصانع التحويل، حيث بإمكان هذه الشركات أن تستعيد قدراتها المالية وتغطي أعباءها وتواصل إنجاز المشاريع المبرمجة في حال استمر واستقر نشاطها، إلا أنها تصطدم بعدة عراقيل على رأسها الاحتجاجات الاجتماعية المتواترة في مناطق الإنتاج نتيجة اعتصامات العاطلين عن العمل وغلق الطرقات الرابطة بينها وبين مصانع التحويل.

محمد قدري
كاهية مدير بالإدارة العامة للمناجم

 

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.