أخبار - 2020.08.05

حماية اللاجئين وطالبي اللجوء خلال أزمة الكورونا بتونس

حماية اللاجئين وطالبي اللجوء خلال أزمة الكورونا بتونس

ظهـرت آثار هذه الديناميكية بشكل خاصّ خـلال أزمة الكوفيد - 19، حيث وجبت الإحاطة باللاجئين وطالبي اللجوء لحمايتهم من آثار الجائحة. فقد تمّ اصدار بيان مشترك بين المفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين وشركائها الحاليين، في شهر أفريل الماضي، دعوا فيه «السلطات التونسية إلى اتّخاذ التدابير اللازمة لحمايتهم من تفشّي فيروس كورونا». كما تمّ التحرّك منذ بداية الجائحة لتقديم المساعدة لهم، من خلال وضع المجلس التونسي للاجئين لخمسة خطوط هاتفية للطوارئ لتلقّي الحالات الاستعجالية يوميا 24/24ساعة، وتعقيم مراكز الإيواء الثلاثة الموجودة تحت إشرافه وتوفير طبيب لكلّ منها يزورها أربع مرّات في الأسبوع لمدّة 4 ساعات للاطلاع على الحالة الوبائية فيها والقيام بالتوعية للوقاية من الإصابة بالعدوى، كما تمّ أيضا تعقيم الشقق والمنازل التي يوجد بها طالبو اللجوء، ونقل من كان منهم يسكن في فنادق رديئة إلى مقرّ معقّم خصّصه الاتّحاد الوطني للمرأة التونسية لفائدتهم. وينضاف إلى هذه الجهود تخصيص المجلس التونسي للاجئين لثلاث منازل معقّمة لحالات الحجر الصحّي في حالة الإصابة بالفيروس. وبخصوص هذه النقطة، يقول السيد عبد الرزاق الكريمي : «الحمد لله لم نسجّل أي حالة إصابة بالكورونا لدى أيّ طالب لجوء أو لاجئ».

رغم ذلك فقد وجد المجلس والمفوّضية صعوبات كبيرة في إيصال المساعدات للاجئين خلال الأزمة، حيث كان التحدّي الأكبر هو إيجادهم. فالعديد منهم يغيّرون باستمرار أماكن إقامتهم، وأرقام هواتفهم بحيث يصعب الوصول إليهم.وقد قامت المفوّضية بتقديم مساعدات عينيّة لهم أو بإرسال مساعدات مالية عبر البريد التونسي. كما أنّه تمّ تمكين عدد من العائلات اللاجئة من منحة المائتي دينار التي صرفتها الدولة للطبقات الهشّة عبر الاتحاد التونسي للتضامن الاجتماعي. ولكن ليس ثابتا أنّ المساعدات وصلت إلى كلّ اللاجئين باعتبار مشكل تحديد أماكن إقامتهم. في هذا الصدد، يوضّح عبد الرزاق الكريمي من المجلس التونسي للاجئين أنّه رغم قلّة عدد اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس حيث لا يتجاوز 4434، مقارنة بدول أخرى تصل أعدادهم فيها إلى الملايين، فإنّ إدارة شؤونهم أمر صعب وذلك نظرا لوجودهم تقريبا في كلّ ولايات الجمهورية بأعداد مختلفة. وبالتالي، «لابدّ من الوصول إليهم حيثما وجدوا، علاوة على كثرة تنقّلهم نتيجة البحث عن شغل، دون أن يتركوا عناوينهم وأرقام هواتفهم الجديدة. في حين، لو كانوا موجودين في مخيّم مثلا، لسهل تقديم الخدمات لهم حتّى لو كانوا بالملايين لأنّهم موجودون في مكان واحد معروف».

لذلك ولتسهيل العمل معهم والوصول إليهم، قرّر المجلس التونسي للاجئين تقاسم هذه المسؤولية مع السلطات الجهوية في الولايات التي يوجدون فيها من خلال تكوين تنسيقيات يشرف عليها الولّاة وتكون ممثّلة فيها جميع الأطراف المتداخلة في مسألة اللجوء من مجتمع مدني ومنظّمات دولية وسلطات جهوية ومحلية للعمل معا من أجل إيجاد حلول لهذه الفئات. وقد تمّ خلق تنسيقيات حاليّا في قابس وقفصة، أثبتت جدارتها في التصدّي لمشاكل اللاجئين مثل مسألة تسوّل الأطفال السوريين مثلا وهي ظاهرة تمّ تقريبا القضاء عليها في هذه الولايات. ومن المنتظر أن يتمّ خلق تنسيقيات أخرى في ولايات مثل مدنين وصفاقس وسوسة وأريانة التي تضمّ أكبر عدد من اللاجئين.

التلكّؤ في إصدار قانون اللجوء

لكن يبقى التحدّي الأكبر الذي تواجهه المفوّضية السامية لشؤون اللاجئين وشركاؤها هي غياب إطار قانوني يحمي اللاجئ ويكفل حقوقه وواجباته. ففي غياب هذ الإطار تواصل المفوّضية والمجتمع المدني لعب الدور الذي من المفروض أن يكون موكولا للدولة.

كانت الدولة التونسية قد تقدّمت منذ 2012 بمطلب للمفوّضية السامية لدعمها في إعداد قانون يحدّد وضعية اللاجئين وطالبي اللجوء في تونس. وفعلا قامت وزارة العدل بإعداد مشروع هذا القانون. ولكن لم تتمّ المصادقة عليه إلى الآن. وقامت المفوّضية بالإضافة إلى شريكها المعهد العربي لحقوق الإنسان بحملات ضغط عديدة لدفع الدولة إلى المصادقة عليه. ولكنّه بقي حبيس أدراج رئاسة الحكومة ولم يمرّ أبدا إلى مجلس نوّاب الشعب للنظر فيه.

ويعزو نوفل التونسي، المنسّق الميداني للمفوّضية السامية في تونس، هذا الـتأخّر في تمرير القانون إلى «عدم اعتبار الدولة التونسية لمسألة اللجوء كمسألة ذات أولوية في اهتمامتها»، ولكن يمكن اعتبار ذلك «سوءا في التقدير لأنّ تونس مؤهّلة في أيّة لحظة لاستقبال موجات جديدة من اللجوء، خاصّة من جارتها ليبيا. وقد كدنا نعيش سيناريو مماثلا في أواخر 2019. لذا فالأفضل أن تكون البلاد مستعدّة لهذه الاحتمالات وغيرها، وهي واردة الحدوث في منطقة تشهد اضطرابات عديدة على جميع الأصعدة.»

ويبيّن كذلك أنّ وجود إطار قانوني سيمكّن الدولة التونسية من أن تضطلع بدورها في إدارة ملفّ اللاجئين لتتحوّل المفوّضية إلى مراقب، دون أن تمتنع عن مواصلة تقديم الدعم لها بكلّ أشكاله في هذا الملفّ.

عدم وجود قانون وطني يخصّ اللاجئين لم يمنع الإدارات والوزارات التونسية من التفاعل الإيجابي مع المفوّضية وشركائها من المجتمع المدني في تسهيل تلبية حاجيات اللاجئين وطالبي اللجوء. فالعديد من الوزارات مثل وزارة التربية والصحّة والعدل والمرأة والتكوين المهني والتشغيل ساهمت في حلّ العديد من الإشكاليات لتمتيع هذه الفئة بحقوقها، كما تنصّ على ذلك الاتّفاقيات الدولية التي أمضت عليها تونس. وقد جاء ذلك نتيجة دورات تكوينية عديدة نظّمتها المفوّضية والمعهد العربي لحقوق الإنسان للإطارات العاملة في الوزارات المعنية لتوعيتها بحقوق اللاجئ وضرورة حمايته. إلاّ أنّ توفّر إطار قانوني واضح لمسألة اللجوء في تــــونس يبقــــى الحلّ الأمثل. فمتى سيتمّ تطبيقه؟

قراءة المزيد

اللاجئون وطالبو اللجوء العرب في تونس: مــن هم؟ مـن أيــن يأتون؟ كيف يعيشـون؟

حماية اللاجئين وطالبي اللجوء خلال أزمة الكورونا بتونس

المعهد العـربي لحقوق الإنسـان وتوفيـر المسـاعدة القـانونية للاجئين وطالبـي اللجوء
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.