أخبار - 2020.07.10

حمادي بن جاء بالله : ماذا بعد ماقال رئيس الجمهورية ؟

حمادي بن جاء بالله : ماذا بعد ماقال رئيس الجمهورية ؟

ماذا للمواطن أن يقول بعد حديث السيد رئيس الجمهورية إلى كبار القادة العسكريين والأمنيين؟ وماذا على المواطن أن يفعل  بعدما سمع من صاحب السلطة التنفيذية العليا المؤتمن على سلامة الوطن وامن المواطن، أن أركان الدولة مهددة بالتقويض من الداخل بسند خارجي ؟ يقيني أنه ليس له إلاّ  أن يلبّي نداء  الواجب المقدس. والخطوة الاولى في هذا الاتجاه ’ الرد الاجتماعي - السياسي الملائم.

فاليوم وقد  حصحص الحق، وبان عجز الحكم القائم منذ أكثر من عشر سنوات عن قيادة  البلاد عجزا لا تدارك له، وظهر فساده ،فلا أمل فيه ،ولا تعويل عليه ،رغم كثرة الوطنيين  وصحة رؤاهم وصدق عزائمهم ،ذلك ان اللعبة السياسية مغشوشة الأسس.

اليوم وقد اصبحت تونس قاب قوسين أو أدني من الإفلاس على جميع الجهات، السياسية والديبلوماسية  و  الاقتصادية والتربوية  والثقافية،
اليوم وقد اصبح التكفيروالتطرف الديني  والرقاعة  الأخلاقية واخلاف العهود ، منهجا سياسيا عند البعض  تحت قبة مجلس النواب،

اليوم وقد أصبحت تونس معرضة ’أرضا وشعبا ودولة وقيما وانجازات وطموحات - لمخاطر لم تشهد لها مثيلا طوال تاريخها ’بلغت حد السعي البائس الى محاولة ''تفجير الدولة من الداخل ''،

اليوم ليس للشعب التونسي الا أن يلتف حول أبنائه الخلص في جميع مواقع النضال الوطني ’ خاصة  في الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحة والصيد البحري والاتحاد النسائي التونسي وكافة  الجمعيات الثقافية والنسائية والمهنية والحقوقية ،دون ان يغفل لحظة عما ورد في خطاب السيد رئيس الجمهورية

اليوم، والوضع الوطني على ماهو عليه من بؤس، أسمح لنفسي بأن أتوجه  أنا الفقير الى ربه –استثنائيا وعلى غير ما دأبت عليه - في هذا الظرف الاستثنائي  العصيب بنداء الى تعزيز صفوف جميع الأحزاب الوطنية هوية وهوى :انها الأحزاب التي لا ولاء لها ألا لتونس ولتونس وحدها .إنّها الأحزاب المدنية المؤمنة باستقلال تونس ’العاملة على تدعيمه ،والساعية إلى الحفاظ على انجازات دولة الاستقلال ، المصرة على مدنية الدولة بما تفترضه من رفض للمتاجرة بالدين والاستثمار في الفقر والجهل  والجهويات. انها الاحزاب  المنخرطة في قيم العصر الحديث منهجا حضاريا  تخيرته تونس لنفسها منذ ما يقارب القرنين ولا سيما منذ الاستقلال ، بما يلتئم عليه ذلكم الاختيار من معاني العقلانية والحرية والمسؤولية والعدل وحرمة الذات البشرية .انها المنتصرة في غير تحفظ ولا تلكؤ للمساواة  التامة بين المواطنين، نساء ورجالا  ،في جميع الحقوق والواجبات .انها بالخصوص الاحزاب الرافضة  لكل أشكال الاتجار بالدين  ،والتمعش من التقوى الزائفة ،والشعبوية الآثمة ...

واني أناشد –أنا الفقير الى ربه- هذه الأحزاب الوطنية  لاتخاذ ما تراه صالحا من التدابير العملية والنظرية لتفادي التشرذم وتنسيق المواقف والاستعداد الملائم المجدي  لمواعيد الغد القريب ،حتى تهتدي الى  سبيل استعادة البادرة السياسية التي يقتضيها اليوم تحرير الوطن  من سطو الأيادي الغادرة.

ومن هذا المنطلق المبدئي, أؤكد أنه لا مبرر اليوم  للإقصاء او الشيطنة لآي حزب مدني وطني  سواء  باسم انتماءات مضى عهدها ،او بتعلة الخوف من عودة سلبيات الأمس .ولنا في مسيرة الشعب السوري ما يجدر بنا أن نتـأمله :  فقد كفر البعث السوري  في خمس سنوات عما نسب اليه من حكم قاس مدة خمسين سنة، بأن انقذ سوريا الحبيبة من همجية الإسلام السياسي واعاننا  -نحن التونسيين - في ذات الوقت على مغالبة مصاعبنا.

والحق الذي لا ريب فيه أنه   محال أن تعود تونس الى الوراء. والحق الذي لا ريب فيه أن الشعب التونسي  عاين  بعين اليقين   خلال العشرية المنصرمة  الظلم والفساد وعدم الكفاءة ووهن الوازع الوطني ،ما يجعله قادرا على التمييز بين  الدجل والنصح  ،وبين المخاوف المشروعة، والتعلاّت الاقصائية  الزائفة لتمرير دكتاتورية لاهوتية تجمع بطبعها  بين ظلمة الفكر وظلم الفعل.

ويقيني أن خطوط الفصل والتمايز واقعة اليوم –قبل كل شيء - بين الوطنية واللاوطنية.فلا يمين ولا يسار ولا وسط حتى تحرير الوطن ، وما خلا ذلك تفاصيل وفروع تصغر –مهما عظمت - أمام واجب انقاذ الوطن . ولا ريب في أن الشعب التونسي الذي دفع غاليا ضريبة الانتقال  الديمقراطي  دون أن يحقق –حتى اليوم نتائج  على قدر طموحاته، يرفض جميع أشكال الردة وهو مصر –رغم التهميش والتفقير والتهريج  –على ان يبلغ ما أراد لنفسه من الحق في "الشغل والحرية والكرامة الوطنية ''.

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.