أخبار - 2020.07.07

عماد الحزقي وزير الدفاع الوطني في حديث لليدرز : ضبط تصورات جديدة لهيكلة الجيش الوطني (فيديو)

عماد الحزقي وزير الدفاع الوطني في حديث لليدرز : ضبط تصورات جديدة لهيكلة الجيش الوطني

أجرى الحديث توفيق الحبيّب وفاطمة الهنتاتي - في حديث شامل خصّ به ليدرز، أبرز وزير الدفاع الوطني عماد الحزقي تطوّر مفهوم الأمن القومي اقترانا بازدياد حدة المخاطر والتهديدات، واتساع نطاقها، ملاحظا أنّ الأمن القومي أصبح بمثابة المسؤولية الجماعية المحمولة على العسكريين والمدنيين جميعا، وعلى السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية  والمجتمع بكلّ مكوّناته.

وأكّٰد ضرورة إعادة النظر في العديد من الوثائق والمراجع العسكرية ومن ضمنها العقيدة العسكرية للقوات المسلحة وذلك اعتبار إلى التحولات العميقة التي شهدتها البلاد التونسية منذ ثورة سنة 2011، مشيرا إلى أنّ المطلوب  هو أن نتوفق إلى وضع رؤية مستقبلية حول دور المؤسسة العسكرية في إطار مخطط استراتيجي يستشرف المستقبل ويحدد الأولويات، وأفاد الوزير بأنّ الهيكلة الحالية للجيش الوطني لم تعد تستجيب لمتطلبات التغيرات الحاصلة في ظل تطور التهديدات وتنوعها، وارتفاع عدد أفراد القوات المسلحة، مفيدا أنّ السعي منصرف إلى ضبط تصورات جديدة لهذه الهيكلة تأخذ في الاعتبار هذه التطورات في إطار رؤية مستقبلية استشرافية متكاملة حول دور الجيش في أفق سنة 2030 من أجل بلوغ أعلى درجات الحرفية والتميّز.

وفيما يلي نصّ الحديث:

مهمة الجيش الوطني انضاف إليها طيلة الأشهر والأسابيع الأخيرة انخراط في الخط الأمامي في مواجهة وباء كورونا. ما هي أهم الأعمال التي قمتم بها؟

كثيرة هي هذه الأعمال ومستعجلة وحاسمة أيضا. كان لا بد من اتخاذ كل الإجراءات الوقائية اللازمة حتى تبقى القوات المسلحة في مأمن من الإصابة بعدوى الوباء مع كل ما يستلزمه ذلك من تدابير كوضع أجهزة التوقي من انتشار فيروس كورونا المستجد، والتقيد بنصائح مقدمي الرعاية الصحية وتلك الصادرة عن سلطات الصحة العامة المحلية والوطنية، وملازمة اليقظة التامة. وقد تكللت كلُّ جهودنا بالنجاح والحمد لله، ولم تسجل حالات عدوى بين العسكريين مثيرة للقلق.

كان لا بد أيضا من الوقوف إلى جانب الحكومة بإسنادها، وشد أزرها، ودعم جهودها في غمرة هذه الأزمة الصحية. لقد انخرطنا انخراطا كاملا في كل الهيئات التي أقرتها الحكومة للتصدي للوباء ( اللجنة الوطنية، اللجان الجهوية، اللجنة العلمية، رئاسة لجنة التصرف في الأسِرَّة صلب المستشفيات العمومية والمصحات الخاصة). وقد رُسِمت للغرض ثلاثةُ خطوط رئيسية تتمثل أولا في احترام إجبارية الحجر الصحي العام ثم الحجر الصحي الموجه. وتم تعبئة ما لا يقل عن 1200 عنصر من الجيش الوطني لإسناد قوات الأمن الداخلي ودعمها في تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل ومنع الجولان برا وبحر وجوا .
أما ثاني هذه الخطوط الرئيسية فهو يتعلق باللوجستية إمدادا وتموينا. وفي هذا الإطار قمنا بتعبئة كل إمكانياتنا لفائدة وزارة الصحة العمومية تعتمدها في كل احتياجاتها ولفائدة التونسيين بالخارج المتأهبين للعودة إلى أرض الوطن.. وتشمل هذه الإمكانيات على وجه الخصوص الجسر الجوي الذي أقيم لنقل التجهيزات الطبية انطلاقا من الصين، وكذلك تأمين إجلاء التونسيين المقيمين بالخارج.  

الرحلة إلى الصين كانت لافتة بحق.. استغرقت الرحلة 56 ساعة ذهابا وإيابا مع اختصار شديد في وقت شحن الحمولة، وحلَّقت الطائرة عبر الأجواء لمدة 48 ساعة.

انطلقت طائرتنا من طراز c-130عابرة الأجواء إلى فيتنام وإندونيسيا والهند، وحتى أوروبا وأمريكا الشمالية . وعليك أن تتخيل مدى التأثر الذي غمر نفوس كل العائلات التي تم إجلاؤها من أصقاع بعيدة  حين حطت الطائرة بمطارات تلك البلدان حاملةً الراية الوطنية لتأخذ تلك العائلات إلى أرض الوطن. وكانت للشهادات التي أدلى بها لنا هؤلاء التونسيين أقوى الأثر في نفوسنا وأعمقه.

أتاحت لنا رحلتنا إلى الهند فرصة نقل عدد من الطلبة الهنود المقيمين بتونس إلى وطنهم، وكان لهذه المبادرة صدى عميق وانتشار واسع في الصحافة المحلية ولدى السلطات الهندية.

وبادرنا على الصعيد الطبي إلى تحويل وحدة عسكرية جراحية ميدانية إلى وحدة إنعاش، كما قمننا بتركيز مخبر عسكري متنقل بتطاوين تم نقله فيما بعد إلى قبلي، وقمنا في وقت قياسي بإنشاء مستشفى عسكري ميداني في قبلي يتسع لمائة سرير. وفي معتمديتي القلعة ودوز تم تنظيم قافلة عسكرية قدمت في إطارها خدمات طبية وتحسيسية لفائدة المتساكنين توقِّيا من فيروس كورونا، وتأمين 1500 عيادة طبية.

ولا تفوتنا الإشارة في هذا المضمار إلى أننا أوفدنا بقرار من رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، بعثة طبية عسكرية إلى إيطاليا كعنوان للتضامن الإنساني في زمن الكوارث والجوائح. وكان لهذه المبادرة أعمق الأثر في نفوس أصدقائنا الإيطاليين.

من أجل أمن وطني أوسع نطاقا

نفهم مما سبق أنّ الجيش الوطني يقع في صميم الأمن القومي بمفهومه الأشمل باعتبار أنّ دائرة تدخلاته تتسع الى الامن الصحي، ما علاقة هذا بالفصل 77 من الدستور تحديدا؟

الدستور واضح تماما. الفصل 77 ينص على أنّ "رئيس الجمهورية يتولّى تمثيل الدولة، ويختص بضبط السياسات العامة في مجالات الدفاع والعلاقات الخارجية والأمن القومي المتعلق بحماية الدولة والتراب الوطني من التهديدات الداخلية والخارجية .." ويتولى " رئاسة مجلس الأمن القومي، ويُدعى إليه رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب ... ويرأس القيادة العليا للقوات المسلحة، ويحق له "إعلان الحرب وإبرام السلم بعد موافقة مجلس نواب الشعب واستشارة رئيس الحكومة."

وقد تطور مفهوم الأمن القومي اقترانا بازدياد حدة المخاطر والتهديدات، واتساع نطاقها. وقد أصبح الأمن القومي بمثابة المسؤولية الجماعية المحمولة على العسكريين والمدنيين جميعا، وعلى السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية بما فيها الوزارات والمنظمات والجماعات المحلية واللاعبون السياسيون والاقتصاديون والخبراء والأكاديميون ومكونات المجتمع المدني والمواطنون أنفسهم. ويتحمل المجتمع بكل مكوناته مهمة الدفاع والأمن.

ولم تعد مسؤولية الأمن القومي محمولة فقط على  المؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية رغم أنها تتحمل الجزء الأوفر من هذه المسؤولية . ولا بد أن يحصل تفاعل بين كل الأطراف الأخرى المعنية للحفاظ على مصالح البلاد الحيوية وتتمثل في:

سلامة التراب الوطني بكل امتداداته الجوية والبحرية،
الاستقلال الوطني وسيادة الدولة الكاملة على كامل التراب الوطني،
استمرارية وظائف الدولة في كل الظروف،
التماسك الاجتماعي وأمن المواطنين وحماية حرياتهم الأساسية،
الحفاظ على مقدرات البلاد وعلى وسائل نموها وتقدمها.

العقيدة  والكتاب الأبيض : عمل قيد الإنجاز

العقيدة العسكرية للقوات المسلحة، مشروع نعلم أنه قيد الإنجاز، فهل وضع الجيش الوطني اللمسات الأخيرة لهذا المشروع؟

من المفروض علينا أن نعيد النظر في العديد من الوثائق والمراجع العسكرية ومن ضمنها العقيدة العسكرية للقوات المسلحة وذلك بالنظر إلى التحولات العميقة التي شهدتها البلاد التونسية منذ ثورة سنة 2011. المطلوب هو أن نتوفق إلى وضع تصور ورؤية مستقبلية حول دور المؤسسة العسكرية في إطار مخطط استراتيجي يستشرف المستقبل ويحدد الأولويات، وهو مشروع جعَلْتُه في صدارة اهتماماتي ومن الأولويات التي سأكون حريصا على تحقيقها في الفترة القادمة، وهي الأن قيد المراجعة والتحسين على مستوى الجيوش.

وماذا عن مشروع الكتاب الأبيض؟

هو مشروع لا يقل أهمية عن مشروع العقيدة. وقد حظي باهتمام كبير على مستوى وزارة الدفاع الوطني، حيث تم القيام بعديد الملتقيات وورشات العمل لبلورة هذه الوثيقة بالاستئناس بالتجارب المقارنة لبعض الدول الصديقة. كما تمت دراسة هذا الموضوع على مستوى الدورة 34 لمعهد الدفاع الوطني لسنة 2017 وأُنجز تقرير في الغرض تحت عنوان "مشروع كتاب أبيض للدفاع والأمن لتونس". وهو عمل يمكن استغلاله كوثيقة أولية لإعداد الكتاب الأبيض بعد توسيع الاستشارة  بشأنها بالتعاون مع المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية التابع لرئاسة الجمهورية ومصالح الحكومة. وهو من المشاريع التي نعتبرها أيضا من الأولويات على مستوى وزارة الدفاع الوطني

المراقبة الديمقراطية التي يمارسها الجيش الوطني، كيف يجب فهمها وتقبلها وتحمل  "إكراهاتها"؟

هذا السؤال لا يخلو من وجاهة، وهو يتيح لي فرصة لتقديم إجابة أرجو أن تكون دقيقة تماما. لقد اعتادت المؤسسة العسكرية منذ إنشاء الجيش الوطني ان تنجز ما يعهد إليها من مهمات في كنف الاحترام التام للتشريعات الوطنية والمواثيق  الدولية. وتم دعم هذا التمشي بصدور دستور الجمهورية الثانية في سنة 2014  الذي ينص في فصليه الثامن عشر والتاسع عشر على أنّ الجيش الوطني "ملزم بالحياد التام" وأن قواته "مكلفة بحفظ الأمن ، والنظام العام، وحماية الأفراد والمؤسسات والممتلكات، وإنقاذ القانون، في كنف احترام الحريات وفي إطار الحياد التام".

ويمنح الدستور مجلس نواب الشعب صلاحيتين رئيسيتين في مجال حوكمة قطاع الأمن والدفاع، وهما صلاحية التشريع وصلاحية مراقبة السلطة التنفيذية ومساءلتها عن أعمالها. ويمارس المجلس رقابته على القوات المسلحة سواء من خلال الجلسة العامة أو من خلال لجان قارة أو خاصة او كذلك من خلال  الأسئلة الشفاهية أو الكتابية التي يوجهها النواب. "الحكومة مسؤولة أمام مجلس نواب الشعب" (الفصل 95)، و"لكل عضو بمجلس نواب الشعب أن يتقدم إلى الحكومة  بأسئلة كتابية أو شفاهية طبق ما يضبطه النظام الداخلي للمجلس" (الفصل 96)

وتخضع المؤسسة العسكرية اعتبارا لخصوصياتها لمراقبة لجنة الأمن والدفاع بمجلس نواب الشعب التي لها حق البت في المسائل المتعلقة بالأمن القومي وبسياسة الدفاع. وتعقد دورات خاصة صلب معهد الدفاع الوطني لفائدة البرلمانيين كما تنظم زيارات ميدانية.
وتخضع المؤسسة العسكرية كذلك للمراقبة الذاتية التي تمارسها وكالة الاستخبارات والأمن للدفاع، والتفقدية العامة للقوات المسلحة وذلك وفقا لمبادئ الحوكمة والشفافية.

واعتبارا لخصوصية المؤسسة العسكرية فإنّها تخضع لرقابة لجنة الأمن والدفاع حيثة يتم التداول في جميع المسائل المتعلقة بالأمن القومي والسياسة الدفاعية. وتقام دورات صلب معهد الدفاع الوطني لفائدة البرلمانيين وتنظم زيارات ميدانية.

إصلاح المنظومة العسكرية وإعادة تنظيمها

أخر تنظيم هيكلي للجيش يعود إلى سنة 1979 . هل تفكرون في إجراء إصلاح عميق وإعادة تنظيم للجيش بالنظر إلى التطورات الأخيرة التي حصلت في تونس وفي العالم؟

بكل تأكيد. نحن ذاهبون في هذا الاتجاه . لم تعد الهيكلة الحالية للجيش الوطني تستجيب لمتطلبات التغيرات الحاصلة في ظل تطور التهديدات وتنوعها، وارتفاع عدد أفراد القوات المسلحة. وقد انصرف السعي إلى ضبط تصورات جديدة لهذه الهيكلة تأخذ في الاعتبار هذه التطورات في إطار رؤية مستقبلية استشرافية متكاملة حول دور الجيش في افق سنة 2030 من أجل بلوغ أعلى درجات الحرفية والتميز.

قانون سنة 2004 المتعلق بالخدمة الوطنية... هل هو كاف للاستجابة إلى الحاجة لازدياد عدد المنخرطين في الجندية. هل تنوون القيام بمراجعة على هذا الصعيد؟

لقد شرعنا بعْدُ في القيام بهذه المراجعة، و وتولت وزارة الدفاع الوطني إعداد مشروع قانون أساسي جديد للخدمة الوطنية يتعلق بتنقيح قانون سنة 2004 الخاص بالخدمة الوطنيّة تأسيسا على بحوث واستنتاجات صدرت عن ملتقى وطني هام انعقد في جانفي 2016 ، وعلى سبر للآراء أنجزت في سنة 2017. كما تم عرض الوثائق التي تمت صياغتها على نظر المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية وعلى عدد من الجمعيات على غرار جمعية قدماء ضباط الجيش الوطني وجمعية قدماء معهد الدفاع الوطني والجمعية التونسية للمتقاعدين العسكريين وجمعية إنارة والمركز التونسي لدراسات الأمن الشامل من أجل توسعة الإستشارة ، كما تم الأخذ بمختلف الآراء والمقاربات واعتمادها في وضع النص الذي  عُرِض في آخر المطاف على أنظار مجلس الوزراء.

وأخذا بالتوصيات المنبثقة عن مجلس الوزراء بخصوص مشروع الخدمة الوطنية، قامت وزارة الدفاع الوطني بالتعديلات الضرورية على ضوء الملاحظات والآراء الصادرة عن مجلس الوزراء.
وتمحورت المراجعة حول النقاط التالية:

1. المساواة بين الجنسين تماشيا مع أحكام الفصل 21 من الدستور،

2. المراجعة الآلية للتعيينات الفردية،

3. إقرار نموذج جديد للخدمة المدنية على مستوى عدد من المؤسسات العمومية يخص الجهات الأقل نموا،

4. مراجعة حالات الإعفاء من الخدمة الوطنيّة،

5. التخفيض في مدة الاحتياط المحددة بـ 24 سنة وفقا لقانون سنة 2004 إلى 15 سنة ،

6. تكليف رؤساء البلديات ببيانات الحالة المدنية عوضا عن العمد،

7. تحيين قاعدة البيانات لدى هياكل الدولة لإنجاز عمليات الإحصاء والتجنيد،

8. إحداث لجنة وطنية مكلفة بالخدمة الوطنية بمكونيها المدني والعسكري،

9. التنصيص على الامتيازات الممنوحة للمجندين،

واعتقادي أنّ مشروع القانون الأساسي هذا جدير بالاهتمام والبحث من قِبل مجلس نواب الشعب.

ماذا عن انخراط العنصر النسائي في الجيش؟

ينص مشروع القانون الأساسي المتعلق بالخدمة الوطنية على المساواة بين الرجل والمرأة فهو لذلك يفتح بلا شك آفاقا رحبة لانخراط العنصر النسائي في الجيش. لكن اسْمَحْ لي بأن أقول لك إنّ مكان المرأة صلب القوات المسلحة التونسية آخذ في الاتساع وإنّ الشروع في انتداب المرأة بالجيش التونسي يعود إلى سنة 1976 بالنسبة إلى الضباط وضباط الصف في شتى الاختصاصات. وتشارك المرأة العسكرية بصفة فعالة في مهمات حفظ السلام في الخارج تحت راية القبعات الزرق التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وذلك منذ سنة 2007 وآخرها مهمة حفظ السلام بمالي سنة 2018. وهي تشغل عدّة خطط عليا سواء صلب الجيوش أو بمصالح الصحة العسكرية وصلب الدوائر القضائية العسكرية أوالإدارة المركزية. ولا تفوتوني في هذا الصدد الإشارة إلى تعيين ملحقة عسكرية بالخارج (بروكسيل) وهذا يحدث  لأوّل مرة منذ إنشاء الجيش الوطني.

كما أنّ نسبة انتداب العنصر النسائي بالمؤسسة العسكرية في تنام  ملحوظ. وقد تدخلت لدى وحدة التصرف في الميزانية حسب الأهداف حتي يقع تخصيص اعتمادات في ميزانية سنة 2020 بغرض تكريس مبدأ المساواة بين الجنسين .

وسأحرص شخصيا على تكريس هذا الخيار الأساسي وعلى ترسيخه حتى تتاح للمرأة العسكرية فرص التقدم وبلوغ أسمى المراتب وأعلى الوظائف. و سيتم عما قريب الإعلان عن جملة من الترقيات والتعيينات في أعلى المناصب.

ما هي الإجراءات الاجتماعية الجديدة التي تنوون اتخاذها لتحسين الوضعية الاجتماعية للعسكريين المباشرين والعسكريين المتقاعدين وعائلات شهداء وجرحى المؤسسة العسكرية؟

كل هذه المسائل المتعلقة بالعمل الاجتماعي وتحسين الظروف المعيشية وظروف العمل وارتقاء السلم الوظيفي ورعاية المتقاعدين وعائلات شهداء وجرحى المؤسسة العسكرية هي مسائل أساسية وعاجلة وذات أولوية. وقد أصدَرْتُ تعليمات تقضي بالتعجيل بمراجعة النظام الأساسي العام والنظام الأساسي الخاص للعسكريين، والسعيِ إلى تثمين الشهائد العلمية والعسكرية بالإضافة إلى تقديم مزيد من التجهيزات للعسكريين العاملين بالمناطق المنعزلة والمناطق الصحراوية والمرتفعات في إطار مكافحة الإرهاب، وإيلاء اهتمام خاص للموظفين المدنيين بوزارة الدفاع الوطني. 

ولا بأس من تحسين منحة الإبحار ومنح الملاحة الجوية وكذلك الخدمات المخولة للباقين على قيد الحياة. وقد تم الشروع في وضع دراسة مقارنة لتنظير الخطط الوظيفية مع الخطط المشابهة في الأسلاك النشيطة الأخرى صلب مختلف الوزارات. وستحال مشاريع الأوامر في الغرض قريبا على مصالح رئاسة الحكومة.  

وماذا عن رعاية الجرحى  وأسر الشهداء بوجه خاص؟

اعتراف الأمة بفضل الشهداء وبوطنيتهم وتضحياتهم رغم أهميته الرمزية ينبغي أن يرفق بعمل جاد لأجل حفظ كرامة عائلاتهم والأخذ بيدها ماليا واجتماعيا ، فهذا واجب وطني محمول علينا جميعا، وينبغي الوفاء به. وقد أعلن رئيس الجمهورية عن وضع مشروع قانون يتعلق بإنشاء مؤسسة "فداء" التي ستشمل برعايتها الجرحى وعائلات الشهداء العسكريين ضحايا العمليات الإرهابية ومدهم بالعون الاجتماعي اللازم. واتخذت وزارة الدفاع الوطني من جهتها جملة من التدابير (ذات طابع اجتماعي ومالي) لفائدة هؤلاء وتمكينهم من بطاقة علاج بالمجان في المستشفى العسكري ومنحهم مساعدات بمناسبة الأعياد الدينية والعودة المدرسية والجامعية. وقد تكفلت رئاسة الحكومة بتمتيع عدد من أفراد عائلات شهداء العمليات الإرهابية بتكاليف أداء مناسك الحج.

كما أقرت إجراءات استثنائية في شكل ترقيات مهنية وتوسيمات ومنح لفائدة جرحى العمليات الإرهابية جزاء لهم على ما أبدوه من استبسال في مقاومة الارهاب.

هل من لفتة خاصة إلى متقاعدي الجيش التونسي؟

هم جديرون تماما بهذه اللفتة... اعتراف المؤسسة العسكرية بالجميل لهؤلاء المتقاعدين وتمجيدها لجليل الأعمال التي قدموها من شأنه أن يرفع من معنوياتهم ومن معنويات عائلاتهم، وهو فخر لكل العسكريين المباشرين. وقد أحدثت مصلحة مكلفة حصريا بتقديم الخدمات اللازمة للمتقاعدين العسكريين. ولا نتواني في دعوة هؤلاء لحضور المهرجانات العسكرية الرسمية أو الاحتفال بذكرى إنشاء وحدات انتمائهم، كما تمّ تخصيص فضاءات خاصّة بالمتقاعدين سواء بالمستشفى العسكري للتعليم بتونس أو بغيره من الهياكل والنوادي.

وليس عسيرا علينا أن نفعل أكثر من ذلك. ومن ضمن المشاريع التي أنوي القيام بها بعث مركز تفكير Think tank وتشريك نخبة من الإطارات العسكريّة المتقاعدة في إعمال الرأي في كثير من المسائل والقضايا التي تهم مستقبل المؤسسة العسكرية، والاستئناس بآرائهم ومعارفهم وتجاربهم من أجل وضع تصوّرات ومقاربات جديدة من شأنها تطوير المؤسّسة العسكريّة والارتقاء بأدائها نحو الأفضل.

مقاومة الإرهاب والأمن السيبرني: أولوية قصوى

هل قام الجيش التونسي بتكثيف خطته للتصدي للإرهاب رغم انشغاله بتفشي وباء فيروس كورونا ؟

نعم. هذا أمر لا تخفى أهميته القصوى . لقد زادت المخاطر حدة كما توقعنا، وقد أعددنا العدة لمواجهتها. حاول الارهابيون اغتنام انشغالنا بالتصدي لانتشار الوباء لمزيد إرباكنا والكيد لنا. ونحن نمضي قدما في مواجهتهم والتصدي لهم بالحرص أولا على دعم جهاز المقاومة بتعزيز المراقبة الألكترونية على الحدود وبشن مزيد من عمليات التدخل الميداني والاستباق على أوسع نطاق. ونسلط على المجموعات الإرهابية ضغوطات شديدة ونشل كل تحركاتها. وقد حرصنا على تعزيز تعاوننا مع أصدقائنا وشركائنا. ودون الخوض في التفاصيل، أقول للتونسيين: اطمئنوا، قواتنا المسلحة تسجل الانتصارات تلو الأخرى في كل يوم.

التحكم في التكنولوجيات الجديدة وتكنولوجيات الأمن السيبرني بشكل خاص صار أمرا واقعا... هل من حديث عن وضعنا الحالي على هذا المستوى؟

حرب الانترنت قد غيرت المعطيات. لقد توفقنا إلى تعزيز جاهزيتنا إلى حد كبير بفضل ما أصبح في حوزتنا من تجهيزات ومعدات، وما توفر لنا من مزيد القدرات في المجال الاستخباراتي. نستعمل الأمن السيبرني كأداة إسناد تتزايد قوتها باستمرار، وهي بأيدي ضباط مقتدرين ومتفوقين.

عندنا في وزارة الدفاع الوطني وحدات متخصصة مكلفة بتأمين المنظومات المعلوماتية والعمل على تطويرها. وهنالك وحدة متخصصة متركبة من خبراء عسكريين من أعلى مستوى يشتغلون في مجال الأمن السيبرني.  وتتولى هذه الوحدة مراقبة الفضاء السيبرني وتحليل الهجمات السيبرنية اعتمادا على الهندسة العكسية للوقوف على نوعها ومصدرها ومراحل تنفيذها، والكشف عن كل آلياتها، وإماطة اللثام عن الأطراف التي تشنها.

وتم إنشاء مركز عسكري للاستجابة للطوارئ الإعلامية و الكشف المبكر عن الهجمات السيبرنية والتوقي من المخاطر المحتملة، بالإضافة الى التدخل التقني لمواجهة الطوارئ  والإنذار والتصدي للهجمات السيبرنية التي يمكن أن تستهدف الأنظمة المعلوماتية الحيوية التابعة لوزارة الدفاع الوطني وجمع  المعطيات المفيدة وتصنيفها في تقارير تحليلية مع الحرص على الكشف عن الثغرات وتقويمها والقيام بعمل تحسيسي على شتى المستويات تجاه المخاطر السيبرنية والبرمجيات الخبيثة...  وتحرص الوزارة على تنظيم أيام إعلامية للسلامة المعلوماتية ومناظرات ومسابقات للتحدي تكلل بتوزيع جوائز خلال الاحتفال بعيد الجيش الوطني.

وعلى الصعيد الوطني تساهم وزارة الدفاع بشكل نشيط في مختلف الأعمال ذات الصلة بالمجال السيبرني، فهي تشارك في وضع الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبرني وفي وضع مشروع القانون المتعلق بالجرائم  المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال الخ. وجدير بالإشارة في هذا الصدد إلى أنّ موضوع الدورة 37 لسنة 2020 لمعهد الدفاع الوطني (يشارك في الدورة عسكريون ومدنيون) تتمحور حول "السيادة الرقمية للبلاد التونسية وانعكاساتها على الأمن القومي".

أما على الصعيد الدولي وفي إطار التعاون الخارجي، فإننا ماضون في سعينا إلى تعزيز قدراتنا في هذا المجال واكتساب خبرات ومهارات جديدة من خلال الدورات التكوينية المعمقة والمشاركة في التمرينات المشتركة والدولية .

هنالك حاجة إلى وسائل جديدة و إلى تجهيزات وإلى دورات تكوينية ... فماذا عن التعاون الدولي وما هي إنجازاتكم على هذا الصعيد؟

هذا التعاون متواصل، ونحن حريصون على تكثيفه وتوسيع نطاقه. نحصل على معدات عسكرية ثقيلة وعلى معدات فردية جد متطورة... نقوم بتمارين وبمناورات، ننظم عمليات محاكاة للمعارك دفاعا وهجوما.. لنا تعاون في مجالات عديدة تشمل تكوين المكونين والتخطيط الاستراتيجي وقيادة المعارك. وتعتبر كل من الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا وإيطاليا والجزائر من أهم شركائنا .  ومعلوم أن تونس تتمتع بصفة حليف أساسي للولايات المتحدة غير العضو في الحلف الأطلسي منحها إياها الكونغرس الأمريكي في سنة 2015 . وهو ما يمكنها من الحصول على امتيازات ذات بال من قبيل توفير إطار متميز للتعاون الثنائي على المدى الطويل في مجال الأمن والدفاع، والنفاذ إلى معلومات على قدر كبير من الأهمية، والحصول على تجهيزات من أعلى طراز، والارتقاء بنوعية التدريب والتكوين، ونقل التكنولوجيات، وتطوير صناعتها العسكرية الخ.

ونحن حريصون على تعزيز التعاون متعدد الأطراف. وتشارك تونس في مختلف الأنشطة العسكرية المبرمجة في إطار مبادرة 5 زائد 5 وفي آلية التعاون والتنسيق الأمني والعسكري التي تم تركيزها مع مجموعة 7 زائد 7 ، وتشمل هذه الآلية مجالات الأمن والدفاع والشؤون الخارجية والنقل والسياحة والصحة.

الجيش في علاقة بالأوضاع الجغراسياسية وما شهده من تغيرات هامة

هنالك نظام جديد بصدد التشكل. كيف تتهيأ تونس لهذا النظام على الصعيد العسكري.. وإزاء تحديات جديدة وتحالفات جديدة؟

تتهيأ له بكل قوة. تونس ماضية بكل حزم في تطوير جيشها وإعداده بشكل جيد حتى يكون قادرا على مواجهة كل التهديدات وكل المخاطر. نريده عَرِمًا راسخا في الأعماق قويا منيعا. سنعمل على تعزيز قدراتنا ودفاعاتنا.

لقد تطورت الظروف وتغيرت بسرعة مهولة خلال العشرية الأخيرة .. تلوح في الأفق القريب والبعيد كثير من المخاطر والتهديدات تنبئ كلها بميلاد نظام جديد قائم على الاستقطاب الثنائي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين كما يبدو ذلك من خلال تفاقم التنافس الاقتصادي بين هاتين القوتين. وقد زادت الأزمة الوبائية العالمية كوفيد-19 في ترسيخ هذا التنافر بين الدول، ولم يعد في مستطاع أي بلد أن يواجه بمفرده كل هذه التهديدات والمخاطر. مثل هذه المواجهة تتطلب بالضرورة مزيدا من التنسيق الجيد، وتكثيف التعاون ضمن فضاءات اقتصادية أو تكتلات إقليمية. هنالك أقطاب ثانوية جديدة تحرص على لعب أدوار على نطاق أوسع في بعض أنحاء العالم وتعمل ما وسعها الجهد على التأثير على سيادة الدول .
ويسعى جيشنا الوطني لمواجهة هذه التحديات الجديدة والتحالف من خلال العمل على الرفع المتواصل من قدراته وجاهزيته العملياتية في المجال العسكري وتطوير علاقاته مع حلفائه الاستراتيجيين وتكثيف تعاونه العسكري مع شركائه التقليديين مع الانفتاح على شركاء جدد في مجالات مختلفة.

أجرى الحديث توفيق الحبيّب وفاطمة الهنتاتي

عماد الحزقي, وزير الدفاع الوطني : تونس عاقدة العزم على تحديث جيشها وتعزيز قدراته العملياتية (فيديو)

عماد الحزقي وزير الدفاع الوطني في حديث لليدرز : ضبط تصورات جديدة لهيكلة الجيش الوطني (فيديو)

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.