زمن الأزمات والأوقات الصعبة يعود: الدبلوماسية التونسية أمام الامتحان العسير
بقلم محى الدين الحضري. أستاذ جامعي متميز وخبير مستشار دولي - بعد سلسلة الازمات والانتكاسات المسجلة منذ 2011 والتي شملت كل مظاهر الحياة الاقتصادية و والاجتماعية ومؤسسات الدولة نفسها وما ترتب عن ذلك من تراجع معدلات النمو وانهيار قطاعات اقتصادية بأكملها كالفوسفاط والبترول والنسيج علاوة على أغراق البلاد في المديونية الخارجية التي تضاعفت خمس مرات في تسع سنوات وانتهاء بتدحرج القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي من المرتبة 33 عام 2010 الى المرتبة 85 عام 2019 وفقا للترتيب العالمي لمنتدى دافوس بسويسرا ، يبدو أن الدور جاء للنيل مما تبقى من رصيد البلاد في الخارج والمساس بصورة تونس على الصعيد الدولي مثلما يستشف من التحركات الأخيرة لبعض التنظيمات السياسية المتطرفة التي لا تعي تداعيات ما تقوم به.
1- علاقات تونس الخارجية في ميزان المزايدات الحزبية..
ويأتي مشروع اللائحة البرلمانية الأخيرة التي تطالب فرنسا بتقديم اعتذار رسمي لتونس عن جرائمها في مرحلة الاستعمار المباشر وما بعدها وتقديم تعويضات مالية ليضاعف من مخاطر الإساءة لتونس وأحراجها .ولكل عاقل أن يتساءل هل هذا الوقت المناسب لطرح مثل هذه المطالبات والقضايا ؟ وبالرغم من رفضها في البرلمان فأن هذه اللائحة تندرج ضمن هذا المسعى من التهريج السياسي الذي ستكون له انعكاسات سلبية على العلاقات التونسية الفرنسية وربما على مسار العلاقات مع الاتحاد الأوروبي برمته، هذا الاتحاد الذي ذكرنا رئيس مفوضيته في تونس في الأشهر الأخيرة بأن تونس هي أولى البلدان الأجنبية من حيث حجم الأموال والمساعدات التي تلقتها من الاتحاد الأوروبي والمقدرة بعشر مليار يورو أي ما يعادل ثلاثة وثلاثين ألف مليار تونسي .ونحن لا نعرف حتى الآن أين ذهبت هذه الأموال الطائلة وغبرها من القروض والتمويلات الأخرى في غياب تحقيق وطني شفاف.
ومن المؤلم في جانب آخر أن يطرح أسم تونس على القائمات السوداء من قبل أكثر من منظمة دولية في مجال شفافية البنوك وتدفقات الأموال والاستثمارات، وهو أمر يسجل للأول مرة منذ الاستقلال .أما على صعيد الأزمات التي تعيشها جالياتنا بالخارج ومشاكل الهجرات السرية التي ما انفكت تتفاقم هنا وهناك في الدول الأوروبية منذ 2011 فحدث ولا حرج !
أن مثل هذا المساس بسمعة الدولة الوطنية أصبح يتكرر على يد بعض الجماعات والأحزاب والجمعيات والتي تعمل من حيث تدري أو لا تدري عل تخريب العلاقات الخارجية للدولة التونسية . فهل فكر هؤلاء عند تهجمهم على فرنسا لحظة واحدة لو أن فرنسا أقدمت على طرد مليون تونسي يعيشون فيها ومن بينهم مائة ألف مهاجر سري في وضع غير قانوني ،مثلما فعلنا نحن غداة الاستقلال في طرد الفرنسيين وتأميم أراضيهم الزراعية ومصادرة أملاكهم العقارية . ثم ماذا لو أوقفت فرنسا صادراتنا الى السوق الأوروبية والتي تمثل 80% من مجمل الصادرات التونسية ؟وماذا لو قاطعت فرنسا سياحتنا المتعثرة والعليلة منذ 2011 والخارجة لتوها من تداعيات كورونا ؟
وهنا لابد أن نذكر بأن تونس خسرت خلال السنوات التسع الماضية أكثر من 200 ألف وظيفة في القطاع الصناعي وحده نتيجة لهروب آلاف من رجال الأعمال والمستثمرين الأجانب منذ الثورة وخاصة الفرنسيين منهم وأغلاق مئات من الشركات الأجنبية أبوابها ، ونتيجة أيضا لسياسة أغراق البلاد بالواردات العشوائية القادمة من تركيا التي دمرت نسيجنا الصناعي. ومن المتوقع أمام استمرار الوضع السياسي الحالي المتأزم أن يغادر ما تبقي من المستثمرين الأجانب ليتعمق بذلك مجرى انهيار المؤسسات الاقتصادية التونسية المتضررة كثيرا بانعكاسات أزمة كورونا وفي فترة اقليمية ودولية هي الأخطر على الأطلاق في تاريخ العالم. أنه شبح الإخفاق الكبير الذي بدأ يلوح في الأفق وينذر بتداعيات خطيرة على البلاد والعباد.
نعم !، فالأمر على غاية من الخطورة وينذر بضرب المصالح العليا للدولة وللشعب التونسي بأسره على الصعيد الخارجي . وهكذا ، وبعد أن نجحت هذه الجماعات المتطرفة التي لم تبني حجرة واحدة في تاريخ تونس المعاصر في ضرب كل شيء في الداخل ،ها هي تستعد اليوم للنيل من مصالح البلاد مع الدول الأجنبية والتآمر عليها جهرا في الخارج، وسط غياب تام للأى ردع فاعل من قبل الجهات الرسمية للدولة. أن هذا التهريج وهذا السيل من التصريحات المسيئة والتطاول على سمعة الدول ورموزها من شأنه أن يضاعف من قلق الأوساط الأجنبية وأن يبعث برسائل سلبية جدا للخارج مفادها أن الدولة التونسية أصبحت متهاونة أو عاجزة تماما عن الاضطلاع بمسؤولياتها في حماية مصالح الدول الأجنبية وفقا لما تفتضيه الأصول والأعراف في العلاقات الدبلوماسية
2- نحن والآخرون أمام جراح الماضي وإكراهات المستقبل
وتستحضرني، ونحن بصدد الحديث عن مثل هذه التصرفات البائسة والطائشة التي يلجأ لها أشباه السياسيين التونسيين في نبش الماضي للتغطية على فشلهم في الحاضر، زيارة الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش إلى هانوي في نوفمبر 2006، وهي الثانية لرئيس أميركي إلى هذا البلد منذ انتهاء الحرب الأميركية– الفيتنامية قبل نحو ثلاثة عقود وتحديدا عام 1975. وكان من اللافت لكل الملاحظين السياسيين أن تلك الزيارة الرسمية للرئيس الأمريكي لم تصاحبها أية مشاكل أو احتجاجات فيتنامية. وعلى العكس من ذلك، قوبلت زيارة بوش إلى جاكرتا بإندونيسيا في نفس الأسبوع - والتي صادف أن كنت في زيارتها أنذاك في أطار مؤتمر دولي- ، قوبلت بتظاهرات ضخمة شارك فيها الآلاف من الإندونيسيين، الذين خرجوا لتنديد بالضيف وببلاده. هذا علماً بأن الفيتناميين، وليس الإندونيسيين، هم من صبت الآلة الحربية الأميركية فوق رؤوسهم آلاف الأطنان من القنابل الحارقة وقتلت مئات الآلاف من شبابهم ونسائهم وأطفالهم في حرب دامت لأكثر من عشر سنوات.. وعندما سئل الفيتناميون عن سر تقاربهم مع الولايات المتحدة أجابوا بوضوح :" في فيتنام... لا وقت لدينا لاجترار جراحات الماضي وآلامه"..
صورة للرئيس الأمريكي أوباما مع نظيره الفيتنامي أثناء زيارته لهانوي في 23 ماي 2016 وهو يستقبل بالابتسامات وبالورود
المشهدان المتناقضان السابقان في فيتنام من جهة وفي كل من تونس وإندونيسيا من جهة أخرى يعكسان اختلاف ثقافتين هما الثقافة البوذية والثقافة الإسلامية. الأولى قادرة على تجاوز الماضي بكل آلامه ومآسيه الثقيلة، والنظر إلى المستقبل بواقعية ومسؤولية وإرادة فاعلة. أما الثانية، فعاجزة عن الاستيعاب والفهم وغارقة في الجهل والأوهام والمبررات، فتلجأ إلى الضجيج والتهديد ، وتركن إلى الشعارات الفارغة التي ما صنعت إلا المزيد من التخلف والتقهقر والفشل.
والنتيجة بين المشهدين واضحة لا غبار عليها : فهناك من جهة شعوب آسيوية تجاوزت ماضيها الاستعماري الثقيل لتنفتح عن المستقبل وتنخرط في البناء والعمل والكد المستمر وتنجز قفزات عملاقة في مجال التكنولوجيا والتقدم الاقتصادي بالتعاون مع الغرب نفسه ، عدو الأمس ، وتتحول الى نمور اقتصادية أبهرت العالم مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وفيتنام والصين الشعبية ذات المليار ونصف من السكان .أما في الجانب الثاني من الصورة ، تقف الشعوب العربية الإسلامية من طنجة حتي جاكارتا وسط ركام من الخراب الاقتصادي والأزمات السياسية والاجتماعية المستفحلة بالرغم مما تملكه بعض هذه البلدان من ثروات وموارد من النفط والغاز لا حصر لها ولا حدود.
صورة من مدينة سنغافورة تعكس نجاحات هذا البلد الآسيوي الرائعة
3- السياسية الخارجية ،الحصن الأخير لتونس
أن السياسة الخارجية التونسية في مثل هذه الظروف هي آخر الحصون التي صمدت حتى الآن أمام ممارسات التخريب الثي تعرضت لها البلاد منذ 2011. واذا هوى هذا الحصن، فأن ذلك يعني أن كل الدول الصديقة سترفع أيديها علينا وعندها فأن البلاد ستغرق في سيناريو الإفلاس المالي والاقتصادي الذي يتهددها منذ فترة . ولسنا في حاجة أمام هذه الفرضية المخيفة أن نذكر الجميع بتحمل مسؤولياتهم لحماية تونس والعمل على صيانة السياسة الخارجية التي كانت الرافعة التي اعتمدت عليها تونس في أوقات الأزمات والمحن. فلولا علاقاتنا الخارجية ودبلوماسيتنا الناجحة في المنتظم الأممي غداة الاستقلال وقبله لما انتصرنا على فرنسا خلال حرب بنزرت عام 1961. ولولا صداقاتنا الخارجية مع الدول الكبرى و مع البنوك والصناديق الدولية لما حققت تونس كل مشاريع البنى التحتية من الطرقات والسدود والأقطاب السياحية وبناء الجامعات وإنجاز المشاريع الزراعية في المناطق الريفية الداخلية على مدى ستين عاما الخ...
ومما لا شك فيه أن المسؤولية الكبرى تقع اليوم على رئيس الدولة نفسه وفي المقام الأول. فهو بحكم الدستور المسؤول الأول على توجيه السياسة الخارجية للبلاد وصون صورة تونس في الخارج وتمثيلها على الوجه الأفضل. ومن هذا المنظور، فقد أصبح لزاما عليه أن يبادر بتوضيح الرؤية ورفع الالتباس الحاصل اليوم في الداخل والخارج حول الدبلوماسية التونسية وتوجهاتها وخياراتها في كبريات القضايا الراهنة . فالمطلوب أذن وبشكل عاجل هو توضيح المواقف والخيارات الدبلوماسية وهو في بداية عهدته بعد أن اختلطت الأوراق وضاعت البوصلة ولم يعد أحدا لا في الداخل ولا في الخارج يفهم أين تتجه السياسة الخارجية التونسية.
ونحن نعتقد بأن الرئيس قيس سعيد مازال بمقدوره أذا ما أراد تعديل الأوتار وتصويب المسار والحال أنه في بداية عهدته . وعليه أن يتذكر أن هذا البلد هو صاحب تقاليد دبلوماسية عريقة حيث أن تونس كانت البلد الإسلامي الأول الذي يملك أكبر شبكة من القنصليات الدبلوماسية في البحر المتوسط وأوروبا خلال القرن التاسع عشر وقبل سقوطها تحت الاحتلال الأجنبي عام 1881 بسبب الفساد والتداين الخارجي، آملين أن لا يتكرر هذا السيناريو المريب وأن لا يعيد التاريخ نفسه وواضعين نصب أعيننا مقولات المفكر الجزائري مالك بن نبي حول " قابلية بعض الشعوب للاستعمار".
وعليه بهذا الخصوص أن يستلهم ايضا، والحال أنه أستاذ جامعي ،من التقاليد العريقة لدى الدول الكبرى التي اقترنت سياساتها الخارجية ومذاهبها الفكرية بأسماء كبار الأساتذة الجامعيين من أمثال جورج كينان وهانز مورجانتاو في عهد الرئيس الأمريكي ترومان وهنري كيسنجر في عهد نيكسون واندري ما لرو، الأديب الفرنسي المعروف، في عهد شارل ديغول في فرنسا والقائمة تطول.
4- تونس في مطلع القرن الواحد والعشرين: صومال أم ماليزيا جديدة في قلب البحر المتوسط؟
أن السؤال المطروح اليوم هو معرفة ما إذا كانت تونس المهددة بسيناريو الإخفاق الاقتصادي ستتمكن من الحفاظ على المسار رغم كل الصعاب للوصول إلى شواطئ الاستقرار والاقلاع الاقتصادي وما أذا كان بمقدورها أن تصبح "ماليزيا البحر المتوسط ".
وقد يبدو هذا حلما غير واقعي بل مجرد وهم للكثيرين في ظل الأوضاع السائدة والتدهور الكبير الحاصل منذ 2011. فكيف يمكن والحالة هذه أن ترتقي تونس في يوم من الأيام الى مرتبة "ماليزيا جديدة في البحر المتوسط "، وهو تساؤل في محله دونما شك ! ومع ذلك فنحن نقول أن بلادنا ما زال لديها كل الشروط الموضوعية والإمكانات البشرية والثقافية اللازمة للانخراط في طريق البلدان التي حققت تحولات اقتصادية مرموقة في منطقة جنوب شرق آسيا ، مثل ماليزيا وتايوان وكوريا الجنوبية وسنغافورة إلخ.
ولقد سيق لي شخصيا منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي أن كتبت عن" النموذج الآسيوي للتنمية " في أطار دراسات حول التعاون جنوب- جنوب وضرورة الاقتداء به.
كما أتيحت لي كخبير دولي أن أزور هذه البلدان الآسيوية أكثر من مرة وأن أطلع على إنجازاتها الرائدة ومكاسبها المذهلة التي ما زال بإمكاننا أن نستلهم منها ونتعلم من دروسها.
صورة من مشاركتنا في أحدى المؤتمرات الدولية المنعقدة في ماليزيا بتاريخ أكتوبر 2018
ولنا في تجربة ماليزيا المسلمة ورئيسها الدكتور مهاتير محمد، رائد التجربة الإصلاحية، دروس مثلى ينبغي استيعابها والقياس عليها. فخلال فترة حكمه توفق هذا الرجل في النهوض بالاقتصاد الماليزي بشكل جعل المحللين يعتبرون ما حدث هناك معجزة آسيوية حيث توصلت سياساته الى خفض معدل الفقر من 52% عام 1982إلى نحو 2% في 2018 .كما تمكن من الانتقال بماليزيا بداية من عام 1982 من مجرد دولة زراعية تعتمد على تصدير السلع البسيطة كالخشب والكاوتشو والأرز وتعيش على المساعدات المالية لبعض الدول العربية مثل الكويت وليبيا معمر القذافي، رحمه الله ! إلى دولة صناعية متقدمة ورائدة حقا. أنه النموذج الآسيوي للتنمية بكل أبعاده ومعانيه! أنها أرادة القيادات والزعامات الصادقة والمخلصة لشعوبها في رفع التحديات وليس في رفع الشعارات!
وبالقرب منا في أفريقيا نفسها، هناك مثال رواندا الذي يتعين التأمل فيه جيدا من قبل الطبقة السياسية التونسية. فهذه دولة مرت بالأحداث المأساوية للحرب الأهلية والإبادة الجماعية المعروفة في عام 1994 . وبالرغم من ذلك ، فقد تخطت هذه المرحلة وحققت حصادا اقتصاديًا متميزا على مدار العشرين عامًا الماضية وبمعدلات نمو تصل الى 10% مما يجعلها اليوم نموذجًا مرجعيًا على النطاق الأفريقي وحتى العالمي، وهو ما جعل صحيفة الفيغارو الفرنسية بتاريخ 31 أكتوبر 2017 تشيد بهذا البلد الأفريقي وتشبهه "بسنغفورة أفريقيا". مضيفة بأن عاصمتها كيغالي هي أنظف مدينة في أفريقيا .كما أوردت الصحيفة الفرنسية بأن رواندا أطلقت مشروع أحداث "وادي السليكون" الذي سيستقطب استثمارات دولية ضخمة في مجال التكنولوجيا العالية ابتداء من عام 2018.
وللتونسيين كل التونسيين في هذه السابقة الأفريقية عبرة لمن يعتبر ودروس لا بد من استخلاصها!(1)
تلك هي مسارات التنمية والتطور في بعض دول العالم التي يجب على تونس أن تستلهم منها وتدرسها بعمق في استراتيجياتها للحاق بالركب. فالمستقبل هو ببساطة في النمو القوي ، والإصلاحات الهيكلية العميقة ، وفضائل العمل الجماعي والشاق والمستمر وتعبئة كل الموارد والطاقات . أنه نموذج التنمية الآسيوي الذي أثبت جدواه وفاعليته ! . أنه طريق الدول الآسيوية الناجحة والمزدهرة من أمثال ماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان واليابان والصين الشعبية نفسها ،هذا البلد الكبير ذو المليار ونصف نسمة من السكان الذي تحول في غضون أربعين سنة من بلد شيوعي فقير الى قطب اقتصادي عملاق يسير بخطى ثابتة في اتجاه التربع على عرش الاقتصاد العالمي .ولازال علينا أن نتعلم من هذه الشعوب الآسيوية التي تعمل وتكد في صمت ودونما ضجيج وبانضباط وتفاني ووطنية لا مثيل لها.
وخلاصة القول، فليس أمام تونس من خيار آخر سوى تبني استراتيجيات بديلة عاجل، تعتمد على الاصلاح السياسي والدستوري والإقلاع الاقتصادي والتكنولوجي والاستفادة القصوى من أعادة التموقع الجديدة والمتوقعة لحركة الاستثمارات العالمية في عالم ما بعد كورونا، بحيث تكون تونس مرة أخرى كما كانت دائمًا أرض لقاء بين الشرق والغرب وجسرا بين ضفتي البحر المتوسط وما بين الشمال والجنوب .ونحن لا زلنا على اعتقاد بأن بلادنا التي تملك الجغرافيا والتاريخ والأنسان يفترض أن تكون قادرة على رفع هذه التحديات رغم دقة الظرف وصعوبات المرحلة.
ومعنى ذلك، أن تونس هي في أمس الحاجة اليوم الى رجال دولة من أصحاب الكفاءة العالية والتجربة الطويلة القادرون بالتعاون مع كل القوي الخيرة والمخلصة على انتشال البلاد من النفق المظلم وتبني خطة فاعلة للإنقاذ الوطني الشامل بعد أن فشلت منظومة الأحزاب التي اعتلت المسرح السياسي في سياق أحداث 2011 فشلا تاما وأوصلت البلاد الى حالة الإفلاس غير المعلن . وعلى الشعب التونسي ونخبه السياسية أن يتأملوا جيدا في مسلسل الانهيارات الذي بدأ يضرب في أيامنا هذه دولا عربية عديدة التي تهاوت عملتها واقتصادها والسلم الاجتماعي فيها دفعة واحدة . أنها فرصة القطار الأخير كما يقول المثل الفرنسي التي بتعين على تونس اغتنامها قبل فوات الأوان ! فهل نعي؟ وهل نستوعب؟.
محى الدين الحضري
أستاذ جامعي متميز وخبير مستشار دولي
(1)Kigali, la capitale du Rwanda «où l’on vit aussi bien qu’à New York» Le Figaro 31/10/17
https://immobilier.lefigaro.fr/article/kigali-la-capitale-du-rwanda-ou-l-on-vit-aussi-bien-qu-a-new-york-_176f68d0-7c12-11e7-988f-2a89697ebd5f/
قراءة المزيد
السياسة الخارجية التونسية في مفترق الطرق: موسم خريف الدبلوماسية التونسية
- اكتب تعليق
- تعليق