يوميات مواطن عيّاش: نحَّــى المـَـــــــاصِــكْ ولْبـــس الڤــــــوانــدوات (*)
بقلم عادل الأحمر - هاتفني العيّاش اليوم وهو في غاية الاستبشار، فور أن علم بإعادة فتح المقاهي بعد طول انتظار، ليهنئني بالعودة الزكيّة، إلى قعداتنا اليومية، وليضرب معي موعدا أعجل من العجل، للقاء كدنا نفقد فيه الأمل، بعد أن هددتنا الكورونا في وجودنا، وسجنتنا في بيوتنا، فأصبحنا نكتفي بقهوة الدار، ولكن أين هي من قهوة جماعية محاطة بالتنبير والضمار ؟ ودعوتنا اليوم إن شاء الله تخلط الشسيشة، حتى ترجع تحلى لنا العيشة.
وعندما وصلت مقهى الحيّ وهو لا يبعد عن بيتي إلا خطوات، فوجئت بأنّ العيّاش نزع عنه الماصك ولبس قواندوات ، فبادرته دون أن أسلم، وحتّى قبل أن يتكلّم : «ما هذا يا عيّاش ؟ راهو فيروس الكورونا ما زال ما مشاش»، فأجاب في استخفاف : «تي اقعد الساعة يا شاف، قال لو كوفيد وكورونا، ياخي ما تعرفش عندنا سيدي محرز وسيدي بلحسن يحميوونا ؟ ويظهر لي زادة جيناتنا طلعت قوية، ناس تقول من ماكلة الهندي، وناس تقول من خلطتنا البربرية العربية...».
ولم أترك المجال للعيّاش كي يكمل الغوص في نظريته الجينية، وعاجلته بسؤال، خطر لي فجأة على البال : «ولكن لماذا تركت يديك في القواندوات، وأنت متأكّد – كما أرى – من أنّ الكورونا وفات ؟»، فأحابني : «لا يا صديقي تلك قضية أخرى، لا علاقة لها بهذه الجائحة الكبرى». قلت : «وما هي القضية ؟»، فأجاب: «قضية علاقات بشرية ، فأنا لا يمكنني التعامل مع بعض الناس إلا بالقواندوات، حتّى أحافظ على ما بيني وبينهم من مسافات».
قات : «وأيّ أصناف من البشر ، تحب تقعد معاهم بالقدر ؟»، فأجاب : «من يعتقد مثلا أنّه خفيف روح ، وهو في الواقع ماسط لاسط فدلكتو تطلّع الروح . ولإيقاف هذه المساطة قبل الفيضان، لا بدّ من استعمال قواندوات الجدية في الإبّان...ومع الناس لي كثرولها م التمقنين ، وكي تهب عليهم النسمة يقولو متقلقين، نلبس قواندوات التفينيس، ونعمل روحي جاي ديراكت من باريس.كما أحافظ على قواندواتي لاجتناب التماس، مع كثير من الناس، يبدون لي من حيث النظافة موش لا باس ، حتّى لو عملوا ضربات جافال لماضيهم القريب والبعيد ,وبيّضوا بالجير والدهن حاضرهم الجديد السعيد...وثمة زادة برشة ناس ،لا تشاطرهم الفكر والإحساس، لكنّ حضورهم مفروض عليك ،وظروف الأسرة أو العمل تقودهم عنوة إليك ، فلا تجد غير قواندواتك، لتشعرهم بأنّ التريسيتي مقصوص بينهم وبيناتك».
وفهمت بالطبع أنّ العيّاش يتحدّث عن قواندوات رمزية مجازية، لم تصنع من جلد أو مادة بلاستيكية، وأنّ له فيها مآرب أخر ، أكثر ممّا ذكر، لكن مع ذلك ما طاقني صبر، على سؤال كان في ذهني أحرّ م الجمر : «لكن سامحني يا عيّاش، إذا لبس كلّ الناس مثلك القواندوات ، فكيف يمكن أن نعرف الأيادي التي بها مغطاة، أمتّسخة هي يلزمها ترفريفة، أم هي نظيفة عفيفة ؟»، فلم يجد العيّاش لسؤالي من جواب ، وخيّر على هذا الموضوع غلق الباب: «آه ؟ آش قولك في شيشة تفاحّ في المقصورة وراء الكونتوار ؟ موش خير من هالحكاية والخنّار ؟»..
عادل الأحمر
(*) انظر في عددنا السلبق : «العياش لابس الماصك من قبل الكورونا».
- اكتب تعليق
- تعليق