إن هذا لشيء عجاب: شتّان بين هذين الموقفين!..
من أنباء "الكوفيد 19" المُثيرة، أن الصين عملت منذ ظهور هذا الفيروس الخبيث الخطير، على قدم وساق، من أجل مضاعفة قدراتها على إنتاج الأقنعة الواقية من عدواه، لا لتلبية احتياجاتها الداخلية فحسب، بل أيضا للمساعدة على تلبية احتياجات الدول الأخرى بدءا بالدول الآسيوية المجاورة.
وبالفعل فإنها قامت بتقديم كميات كبيرة من الأقنعة إلى العديد من هذه الدول على غرار إيران واليابان وكوريا الجنوبية...
وفي نفس هذا الإطار اندرجت الإمدادات الطبية والمستلزمات الصحية التي أهدتها لبلادنا لتعزيز الخطوات التي اتخذتها للوقاية من انتشار هذا الفيروس ومكافحته...
لكن وفي الأثناء، وفي مقابل هذا الموقف الصيني الإنساني بامتياز، فوجئ العالم المرتبك الخائف الحائر بالنبإ الذي جاءه من ألمانيا والذي يفيد أن الرئيس الأمريكي غريب الأطوار دونالد ترامب حاول وضع يده على مختبر ألماني يقوم بتطوير مشروع لقاح ضد فيروس كورونا المستجدّ، من أجل أن يكون إنتاج هذا اللقاح حصريا للولايات المتحدة الامريكية وحدها، وذلك مقابل مبلغ مالي ضخم قدّر بمليار دولار.
ومن حسن الحظ أن برلين أجابت بأن المانيا ليست للبيع... وأنها تعمل من اجل انتاج لقاح للعالم كله وليس لدول بعينها... ذلك أنها تعتبر أن "مكافحة فيروس كورونا المستجد هي مهمة تعني البشرية بأكملها، ولا مجال فيها للأنانية".
ومع أن موقف الرئيس الأمريكي الذي سبق أن سميته بـ"تاجر واشنطن" (لتطابق سيرته مع سيرة تاجر البندقية في مسرحية شكسبير الشهيرة) ليس مستغربا، وهو يتّسق مع سلوك الولايات المتحدة التي سارعت بمجرد ظهور "الكوفيد 19" في يوهان إلى تشويه صورة الصين في عيون العالم، والى إغلاق حدودها في وجه الصينيين، والى اغتنام الفرصة للدعوة إلى إعادة توطين الصناعات الأمريكية المستقرة في الصين، فإنني أحببت أن أضعه جنبا إلى جنب مع الموقف الصيني للمقارنة بينهما، وللتنبيه إلى حاجة العالم الملحّة لاستخلاص ما ينبغي استخلاصه من محنة "الكوفيد 19" التي تسببت في توترات جيو-سياسية حادّة على صعيد الكرة الأرضية بأسرها، وسيكون من الضروري، بعد زوالها عاجلا أو آجلا، إعادة النظر في المعادلات الجيو-سياسية على الصعيد العالمي، وطنيا وإقليميا ودوليا...
محمد ابراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق