أيّ استفادة لتونس من المشروع الصيني: الحزام والطريق
كيف يمكن لتونس أن تنخرط في هذا المشروع الصيني الضخم والاستفادة منه؟ يحفظ الشعب الصيني وخاصّة قيادته في الذاكرة الزيارة التاريخية التي أدّاها الوزير الأوّل الصيني شوان لاي لتونس يومي 9 و10 جانفي 1964 ومحادثته مع الرئيس الحبيب بورقيبة (وقد نشرت ليدرز في نسختها الفرنسية نصّها الكامل) التي أفضت إلى إقامة علاقات ديبلوماسية بين البلدين والشروع في تعاون وثيق. ولئن لم يتمكّن الرئيس الباجي قايد السبسي من تلبية دعوة نظيره الرئيس شي جين بينغ لحضور قمّة بيكين فقد أناب عنه رئيس الحكومة يوسف الشاهد على رأس وفد رفيع المستوى. كما حرص على استقبال سفير الصين بتونس، قبيل انطلاق القمّة ليؤكّد له حرص بلادنا على تعزيز هذه العلاقات والارتقاء بها إلى منزلة أعلى وبنسق أسرع ومحتوى أعمق. وألحّ بالخصوص على الدور الذي تعهّدت به تونس لنفسها في توسيع أفق هذا التعاون الثنائي ليشمل الفضاءات الأفريقية والمتوسّطية بحكم علاقاتها وموقعها وما تتوفّر عليه من مقدّرات. كان هذا هو الخطاب الذي حمله رئيس الحكومة يوسف الشاهد إلى الرئيس الصيني شي جين بينغ، مستعرضا سعي تونس إلى إقرار إصلاحات عميقة ومقاومة الفساد، وتحرير الاقتصاد وتيسر الاستثمار والرفع من الكفاءات المهنية والعلمية والاستثمار في التكنولوجيا وهي عناوين هامّة للقيادة الصينية.
ولعلّ السؤال الحقيقي اليوم: هو كيف نترجم كلّ هذه النوايا الحسنة من الطرفين على أرض الواقع سواء بين تونس والصين وبين تونس والدول الأفريقية بدعم من الصين أو أيضا بين تونس والدول الأفريقية في السوق الصينية وحتّى في فضاءات اقتصادية مجاورة وخاصّة منها باقي دول آسيا وغيرها.
خطّة يوسف الشّاهد
أكّد رئيس الحكومة يوسف الشاهد لمجلّة ليدرز أنّ القطاع الخاصّ مدعوّ إلى استكشاف كلّ الفرص المتاحة في أفريقيا وفي الصين واستنباط المشاريع المثمرة وقال إنّ حكومته عاقدة العزم على تقديم كل الدعم الضروري وإسناد الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة ومجلس الأعمال التونسي الصيني وغرفة التجارة التونسية الصينية وغيرها من الهياكل للإسراع في الاستفادة من هذه الفرص الجدية الواعدة.
وأوضح الشاهد أنّ كلّ الجهات الحكومية من وزارات وهياكل مختصّة ستنكبّ في أجل قريب جدّا على دراسة المبادرات الصينية الجديدة وسبر مجالاتها التنفيذية وصياغة مقترحات عملية للانخراط فيها، مثمّنا الدور النشيط الذي تضطلع به الديبلوماسية التونسية في هذا المجال من خلال وزارة الشؤون الخارجية والسفارات في الخارج والتعاون الوثيق القائم بينها وبين كافة الوزارات والهيئات المعنية الأخرى. وتأكيدا لحرصه على متابعة التنفيذ شخصيا، أعلن يوسف الشاهد عن تكوين وحدة خاصّة ضمن ديوان رئيس الحكومة تعنى بالملف وتعيين مكلّف بمهمّة على رأسها، للتنسيق وتذليل الصعاب واستحثاث التنفيذ. وبيّن يوسف الشاهد أن العلاقات التونسية الصينية التي ازدادت متانة وجودة عل أعلى مستوى تمنح لكلا البلدين فرصة ثمينة ينبغي إحكام توظيفها وقال إنّ السعي لفتح خط مباشر بين تونس وبيكين يتعزّز بنقل المسافرين العابرين من العواصم الأفريقية التي تصل إليها الخطوط التونسية وبالعائدين اليها، من شأنه أن يفعّل أكثر هذا التعاون ويدفع المبادلات بأحجام مهمّة جدّا.
وأضاف رئيس الحكومة أنّ موقع تونس وخاصّة جوارها مع الشقيقة ليبيا المقبلة على عملية إعادة إعمار هامة، وهي في شمال القارة الأفريقية وقلب المتوسّط، مباشرة قرب أوروبا، وتوفّرها على بنية تحتية جيّدة وقوى عاملة كفأة، يمنحها مزايا خاصة تنضاف إلى المزايا القمرقية والجبائية بفضل انضمامها إلى منطقة كوميسا واتفاقية أغادير وغيرها، بما يفتح لها أسواقا تفوق 800 مليون مستهلك.
توفيق الحبيّب
قراءة المزيد:
- اكتب تعليق
- تعليق