هل كتب على تونس الدوران المستمر في حلقة مفرغة؟
قبل ما يناهز العشرين شهرا وبالتحديد في 28 جويلية 2016 نشرت، في نفس هذا الموقع، مقالا تحت عنوان ("طُرْفَةُ" وزير التجارة محسن حسن)، تطرّقت فيه إلى بعض الوعود التي أطلقها عندما كان على رأس وزارة التجارة على غرار قوله "إنّ تونس تعمل حاليا على إعادة النظر في منظومة الدعم برمّتها" (لم تتم إعادة النظر حتى اليوم لا برمّتها ولا بغير رمّتها)، وعلى غرار قوله إن وزارته أعدّت خطة وطنية لدفع التصدير وتطوير مساهمته في الاقتصاد الوطني قادرة على مضاعفة مداخيل الصّادرات مرة ونصفا ورفعها سنويا من 40 إلى 100 مليار دينار (يبدو أن هذه الخطة أدّت على العكس من ذلك الى تفاقم عجز الميزان التجاري بنسب غير مسبوقة)...
وقد عادت بي الذاكرة إلى هذا المقال عندما قرأت التصريحات التي أدلى بها الوزير السابق الذي تحوّل، في الأثناء، إلى "قيادي" في حزب نداء تونس أو "الدار الكبيرة"، إلى جريدة "الشروق" الصادرة في 10 أفريل2018، حيث أكّد فيما أكّد، أنّ لجنة مراجعة أولويات وثيقة قرطاج "تشتغل بنسق كبير" غير أنّه "لم يقع تحديد جدول زمني لعملها" وذلك لأنّ المسألة، كما قال، "متعلّقة بمستقبل البلاد، فلا داعي للتسرّع ولابد أن تأخذ اللجنـة وقتها"...
والعجيب هنا أنّه لا يستشعر خطورة النزيف المتواصل الذي تعاني منه البلاد ولا يدرك مدى تحتّم التحرّك العاجل من أجل إيقافه...
أما الأعجب من ذلك فهو أنّه، بالرغم من أنّه أكّد أنّ اللجنة لم تحدّد بعد الأولويات الجديدة، يردف قائلا إنه "متفائل جدا" وإنه "على يقين" من أن خارطة الطريق التي ستضعها اللجنة "ستخرج تونس من أزمتها الاقتصادية والمالية الخانقة لو تمّ تنفيذها بشكل محكم"...
أجل... هكذا بكل بساطة وبكل ثقة في النفس... وبمنطق يستفز أبسط قواعد المنطق... فهو يتحدث عن ثمار شجرة لم يغرسها بعد...
وما يمكن استخلاصه من كلام وزير التجارة السابق والقيادي الحالي في حزب نداء تونس الذي كنت وصفته بصاحب الابتسامة الدائمة الغامضة التي لا تعلم إن كانت ابتسامة السّعيد الساذج، أو ابتسامة الساخر المتذاكي، أمران اثنان، هما أولا أنّه لم يتعلم من تجربته على رأس وزارة التجارة شيئا، وإلا فإنّه كان اقتصد في الكلام وفي إطلاق الوعودالسخية والتوقعات المغرقة في التفاؤل، وثانيا أنّ خروج تونس من أزمتها سيظل أمرا مستبعدا ما دام ولاة أمرها يضعون تدبير حاضرها وتحديد مستقبلها في أيدي "سياسيين متربّصين" غير قادرين على تطوير أنفسهم، وعلى التعلّم واستخـلاص الدروس من تجاربهم الفاشـلـة...
فهل كتب على تونس أن تظل تراوح مكانها وأن تواصل الدوران في حلقة مفرغة حتى تصاب بالدوار؟
نرجو ألا يكون ذلك كذلك... فتونس ما كانت يوما، وليست اليوم عقيمة إلى هذا الحد... أي إلى حد أن يُعْهَدَ بمراجعة أولويات وثيقة قرطاج لأشخاص مستنسخين من واضعيها استنساخا مطابقا للأصل...
- اكتب تعليق
- تعليق