أخبار - 2018.01.18

يوم دراسي ببيت الحكمة حول علم الكلام

يوم دراسي ببيت الحكمة حول علم الكلام

صنّف علم الكلام على رأس العلوم الإسلاميّة، وكان محل اهتمام من قبل أوائل المفكرين الإسلاميين، لقد كانت صلة علم الكلام بالفلسفة اليونانيّة والمنطق اليوناني وثيقة، لا نجد في تراثنا اهتمامات كبيرة بهذا العلم خاصّة في محيطنا المغاربي على خلاف المشرق العربي، هكذا افتتح الدكتور عبد المجيد الشرفي اليوم الدراسي حول تاريخ علم الكلام وتطوّره إلى الأشعري، الذي نظّمه مؤخّرا قسم العلوم الإسلاميّة بالمجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون "بيت الحكمة" .

ذكّر رئيس المجمع في افتتاحيّته بالطابع الإشكالي المميّز للعلم نشأة ومسيرة،  نظرا لخصوصيّة المبحث الكلامي كجنس معرفي حجاجي في سياقات فكريّة محكومة عموما بمنطق "من تمنطق فقد تزندق"، وركّز رموز البحث فيها وفقا للمفكّر عبد المجيد الشرفي على القضايا والدراسات الفقهيّة .  لقد أثار تقديمه أسئلة إشكالية قوامها الطّرح والطّرح المضاد، إذ مثّلت مسألة الاستدلال العقلي على العقائد بالحجج والبراهين العقلية مادّة دسمة للجدل على امتداد اليوم الدراسي، وخاصة السجال حول مفهوم المقاربة العقلية وشروط تصنيف العقلانيين، وموقف الثقافة الرسميّة من الدراسات الكلاميّة، ففي هذا السياق تناولت الأستاذة ناجية الوريمي رفض الخطاب الثقافي الرسمي لعلم الكلام واتهامه بالإلحاد "فلم  يعترف به كعلم من العلوم الشرعيّة في مرحلة النشأة بل كان بدعة وزندقة" على حد قولها، في البدء لم يكن برأيها أزمة علم أي لم يكن قضيّة فكريّة بقدر ما هو قضيّة سياسيّة . وما قيل حول البدايات يتجسّد في المراحل اللاحقة لأنّ صراع المفاهيم ليس قضيّة معرفيّة بالمعنى المحض، بل إيديولوجية وإن كانت متستّرة فهل يعقل أن يكون ابن تيميّة أكثر عقلانيّة من ابن رشد؟ ومن منا ينفي الرهانات السياسيّة والإيديولوجيّة لحملات التشكيك في وجاهة أنصار الاستدلال العقلي؟ أليس شعار "من تمنطق قد تزندق" العائق الإيبستيمولوجي الأوّل أمام التفكير العلمي؟ أليس المطلوب تجديد النّظر في تاريخ علم الكلام وفي مشروعيّته اليوم؟

إجابة على ذلك أكّدت الباحثة ناجية الوريمي ضرورة فهم هذا المسار التاريخي في علاقة بالصراعات بين الثقافات الرسميّة وجهود العلماء المهتمين بالشأن المعرفي الرافضين لهيمنة الخطاب الرسمي، ودليلها تغيّر اهتمامات العلم "عندما نشأ خارج أسوار الثقافة الرسميّة السائدة" .  كما اهتم  الأستاذ محمد الشتيوي بالعلاقات المتبادلة بين الأجناس العلميّة، مركّزا على إشكاليّة العلاقة بين علم  الكلام والعلوم الإسلاميّة وتحديدا أصول الفقه، إذ شدّد على قضايا مشتركة بينهما كمسألة التحسين والتقبيح وعلاقتها بالإدراك العقلي، لأنّها أملت قراءات متباينة، ومثّلت برأيه "قضيّة تأسيسيّة انبنت عليها اختيارات كلاميّة وأصوليّة" بل تخطّت حسب الباحث محمّد الشتيوي نحو "التأثير في اختيارات فقهيّة جزئيّة وطرحت في هذا الإطار أسئلة تتعلّق بدور العقل فهل هو المحدّد لمقاصد التحسين والتقبيح؟ أم هي أحكام شرعيّة مطلقة؟

صفوة القول تظل مسيرة البحث  المعرفي واحترام  شروط  تحديد المفاهيم الحاضنة الأساسيّة للتمييز بين جهود علميّة قادرة على أن تدفع بالعقل العلمي نحو الأمام، وصراعات مذهبيّة وإيديولوجيّة متسلّحة بأحكام تزندق من تشاء، وتكفّر من تريد، وتسعى إلى بسط سلطتها على حقول المعرفة.
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.