الفساد الذي ينخر الدولة والمؤسسات العمومية والمساواة في الإرث محورا العدد 21 لليدرز العربية
بالوثائق والمستندات تسلّط مجلّة ليدرز العربية الضوء في عددها 21 (15 سبتمبر/ 15 أكتوبر 2017) على حجم الفساد الذي ينخر الدولة والمؤسسات العمومية من خلال عرض نماذج لملفّات أحالتها إلى القضاء من مارس 2016 إلى حدّ اليوم الهيئة المستقلّة لمكافحة الفساد. وتنوّعت فيها الجرائم والإخلالات المنسوبة إلى أفراد ومؤسّسات ومنشآت تابعة للدولة والمتمثّلة خاصّة في خرق الإجراءات القانونية للصفقات العمومية وإهدار المال العامّ والتلاعب بالفواتير وبإجراءات الشراء العام وتدليس وثائق ماليّة والغشّ في وجبات طعام مقدّمة إلى تلاميذ ونهب الأدوية في مرافق صحيّة عموميّة والمقدّر قيمتها بعشرات المليارات.
حقائق صادمة يكشف عنها هذا التحقيق الذي يبرز مدى استشراء الفساد بمختلف أشكاله في تونس في السنوات الأخيرة وامتداد أخطبوطه إلى قطاعات ومرافق عموميّة ومؤسّسات عديدة، ممّا يجعل الدولة مهدّدة في كيانها، وذلك بعد أن استغلَّت لوبيات الفساد اضطراب الأوضاع في البلاد وضعف السلطة لتوسيع رقعة هيمنتها وبسط نفوذها سياسيّا واقتصاديّا وإعلاميّا.
وإلى جانب هذا التحقيق، تنشر المجلّة حديثا خصّها به العميد شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد استعرض فيه مدى مساهمة الهيئة في التصدّي لهذه الظاهرة ويدلي برأيه في الخطوات التي شرع فيها يوسف الشاهد وحكومته في ماي الماضي لمحاربة هذه الظاهرة، فضلا عن شروط نجاح الخطّة الموضوعة لهذا الغرض وديمومتها وحمايتها من مخاطر التراجع والانتكاس.
وقد جاء في حديثه بالخصوص : " لقد هالنا ما اكتشفنا، إذ تبيّن أنّ العديد من المؤسسات والمنشآت العمومية المرصود لها ميزانيات هامّة والتي تعاني من العجز ينخرها الفساد... لذلك توجّهنا إلى وسائل الإعلام للتنبيه إلى أخطبوط الفساد وجذوره ولكشف وجهه القبيح وتبيان مخاطره على الدولة ومؤسساتها".
ومن جهة أخرى ومواكبة للجدال الواسع الذي أثارته مبادرتا رئيس الجمهورية الواردتين في خطابه يوم 13 أوت الماضي بمناسبة عيد المرأة حول مساواة المرأة بالرجل في الأرث ومسألة زواج التونسية المسلمة بغير المسلم، فسحت مجلّة ليدرز العربية المجال لعدد من الأقلام البارزة من بين أصحاب الفكر العميق المتضلّعين من قضايا الدين والحضارة للإدلاء بدلوها حول هذين المسأتين.
الدكتور احميدة النيفر الأستاذ الجامعي والمفكّر ورئيس رابطة تونس للثقافة والتّعدّد تناول بالتحليل ردود الفعل المتباينة بعد الخطاب الرئاسي، معنونا مقاله : "الإرث وأسئلة الزمن المتوقّف"، وذلك قبل أن يخلص إلى القول إنّ " قضيّة الإرث ومسألة زواج المسلمة وغيرها من المسائل المستجدّة وما يقترح لها من معالجات وبدائل تتجاوز جهد الأفراد أو الفئات أو الجهات الرسمية .
إنّها تتطلّب تعدّدا في مسالك التفكير والحوار المجتمعي والمراجعة فيها تظلّ بحاجة إلى مؤسسة مرجعية مختصة بعلمها وبحثها واجتهادها في قضية القيم عامّة والشأن الديني خاصّة".
ومن ناحيته، دافع الدكتور توفيق بن عامر، المفكّر والجامعي بالحجة والبرهان عن مبدإ المساواة في الإرث بين الجنسين وعن حقّ المرأة المسلمة في الزواج بغير المسلم، متطرّقا إلى مسألة الاجتهاد في الإسلام. وأكّد في هذا السياق أنّ الفكر الإسلامي في أشدّ الحاجة اليوم إلى إعادة النظر في مقاييس "الثبات" و"التغيّر" في النصّ الديني ، معتبرا أنّ 'الإشكال لا يتعلّق بالنصّ القرآني في حدّ ذاته بل بأسلوب مقاربته ومنهجية التعامل معه وكيفية قراءته وفهمه، وهي مسائل اجتهادية وغير مقدّسة يمكن إعادة النظر فيها لتطوير المنظومة الاجتهادية. وتأهيلها لتوظيف النص لمعالجة قضايا العصر".
أمّا الباحثة والناشطة في المجتمع المدني خديجة معلّى فقد بيّنت في مقالها أنّ المساواة حقّ كوني وليس مِنّة من أحد، ملاحظة أنّ حقوق الإنسان، علاوة على أنّها كونيّة، فهي لا تتجزّأ وبالتالي فإنّ المساواة بين الرجل والمرأة لا يمكن فصله عن كل الحقوق الأخرى المدنية والسياسية والاجتماعيّة والاقتصادية والثقافية.
وانتقدت فاطمة معلّى بحدّة الإسلام السياسي ومواقفه الرجعية من قضايا المرأة، " مضيفة أنّ "حرائر تونس لا يطالبن بأكثر حقوق من الرجل لكنهنّ لن يقبلن بأقلّ حقوق لأنّ الدين لله والوطن للجميع والمواطنون والمواطنات متساوون أمام القانون ودون ذلك تفقّد المواطنة كلّ مقوّماتها والوطنية كلّ معانيها ويصبح الوطن غُربة".
- اكتب تعليق
- تعليق