محمّـــد المصمــودي في لقـاء تـونسي-لبناني بباريس
عديدة هي الصور التي ترسم مراحل مختلفة من مسيرة محمّد المصمودي، المناضل الدستوري ووزير الخارجية الأسبق، الذي توفيّ يوم 7 نوفمبر الجاري، غير أنّ هذه الصورة التي نعرضها، هي من الصور النادرة التي يظهر فيها المرحوم إلى جانب الزعيم صالح بن يوسف الأمين العام للحزب الدّستوري الجديد ووزير العدل ومحمّد بدرة، وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة مَحمّد شنيق وشارل حبيب مالك السياسي والديبلوماسي اللبناني في لقاء جمعهم في جانفي 1952 بباريس. كان محمّد المصمودي آنذاك ممثّل الحزب في العاصمة الفرنسيّة.
وقد تحوّل الوفد الوزاري التونسي إلى باريس لتقديم شكوى ضدّ فرنسا إلى الأمانة العامّة للأمم المتحدّة يوم 14 جانفي من تلك السنة. وتقرّر رفع هذه الشكوى إثر توصّل وزارة شنيق بمذكّرة 15 ديسمبر1951 التي نكثت فيها فرنسا وعودها السابقة، فتأزّمت العلاقات بين الطرفين.وقد أكّدت في هذه المذكّرة ما يلي:
- أنّ الاستقلال الداخلي هو في الواقع إقرار للسيادة المزدوجة.
- أنّه لا بد أن يكون للفرنسيين وجود في الدولة وفي الحكومة وفي الهيئات النيابية والمجالس البلدية بدعوى أنهم قاموا بقسط وافر في بناء اقتصاد تونس.
- أنّ بين تونس وفرنسا روابط أبديّة لا تنفصــــم عراهــــا.
وقد عُهد إلى لجنة مختلطة بين ممثلي التونسيين وممثلي الجالية الفرنسية بالنظر في الإصلاحات التي ستقود إلى «السيادة المزدوجة».
«واهتزّت الحكومة الفرنسيّة للمباغتة وما انطوت عليه من تحدّ وجدت نفسها معه- وهي الدولة العظمى- تقف فجأة ولأوّل مرّة موقف الاتّهام في محفل دولي ليحاسبها الضمير العالمي عن سياستها وتصرّفاتها في بلد تعتبره جزءا من إمبراطوريتها».(كتاب،الحبيب بورقيبة، حياته، جهاده، ص 110).
وقد كان تراجع فرنسا عن وعودها سببا في اندلاع الثورة المسلّحة في 18 جانفي 1952.
والجدير بالذكر أنّ شارل حبيب مالك (1906-1987) كان العربي الوحيد الذي شارك في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في ديسمبر 1948، بصفته رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لمنظّمة الأمم المتّحدة.وقد شغل منصب وزير الخارجية بين نوفمبر 1956 وسبتمبر 1958، وترأّس الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة بين عامي 1958 و1959.
- اكتب تعليق
- تعليق