عادل الأحمر: آه؟‭ ‬صبّـــوا‭ ‬ولاّ‭ ‬مــــازالـوا!؟

مثل كل الموظفين في هذا البلد الأبي، صديقي العياش له سؤال أبدي، يطرحه بداية من نهــار عشرين في الشهــر، ولا يهدأ له بال ولا يستقر، حتى يجيه الجواب على سؤالو: «آه؟ صبّوا ولاّ ما زالوا؟».

وذات يوم ملعون، سمع العياش خبيرا على شاشة التلفزيون (وما كثّر ربي كان من الخبراء والمحللين، في هذا البلد المسكين) يقول إن الدولة ستصبح بعد بضعة شهور، غير قادرة على تسديد الأجور. ولما سمع العياش هذا الخبر، هبط عليّ من توّه كما ينزل من الجبل الحجر، وهو بين خوف وارتياب، من هذه المصيبة التي على الأبواب. ودون أن أجد الوقت لتهدئته، وتبديد مخاوفه، اندفع العياش بالــــسؤال: «قــل لي: مــاذا سيفعـل موظف من دون مرتـب؟ تي هو بالشهرية وعايش معذب، وموش خالط على برشة حاجات، فما بالك إذا ما خلاو لوش علاش يبات؟». فقلت له: «تمهّل يا صديقي وتحقق من الخبر اليقين، ولا تصدق الخبراء والمحللين، وحتى لو أن كلامهم أصبح حقيقة، فأنا أعرف أنك بشطارتك ستجد الحلول بايّة طريقة».

قال العياش: «وما لديك أنت من حلول، لا تخرج عن نطاق المعقول؟»، قلت «تخرّج م الخزانة، تلك المرشانة، التي خبأتها إلى يوم كهذا، لتجد فيها ملاذا». قال: «أنا نقلّك في الروج لعينيّ، وانت تقلّي مرشانة مخبّيـــة!». قلت: «إذن تبيع سيارتك الشعبيـــة!»، قال: «وشكون باش يهوّن فيها، ويزدم عليها ويشريها؟ فالذين في مثل حالي وبنفس الكيفية، لن يفكروا حتى مجرد التفكير في شراء سيارة ولو كانت شعبية.  أما  المفرهدة أحوالهم، فسيارتي لا ترقى إلى مقامهم» قلت: «ابحث إذن  عن مهن صغيرة تدوّر بيها الزيرو، فلعل الله يعطي خيرو». قال: «إن برستيجي كموظف حتى من غير شهرية، لا يسمح لي بأن أقبل بهذه الوضعية، ثم أقولها بكل صراحة أنا بخلاف الورقة والقلم ما نعرف نعمل شي بيديّ».

ولما نفد صبري، وطفطف الهم على قلبي، قلت للعياش: «إمّالا عليك بالاتحاد، يشوف لك حل  مع جملة العباد!»، فقال: «ما جدوى الإضرابات مع دولة أغلقت الحنفيات؟ إنك في هذه الحال عريان في ميّت يسلب، وإلا في ثور يحلب».

ولما فهم العياش أني استنفدت كل الحلول، وما عاد عندي ما نقول، قال لي فجأة، و بكل ما أوتي من قوة: «ياخي شبيهم ما صبوش لتوّه؟»، فأجبته: «إما كلام الخبراء طلع صحيح، وحل يا صاحبي فمك للريح، وإلا مازال بكري شويّة، وموش من نهار عشرة في الشهر تحب تجيك الشهرية!»؟

عادل الأحمر