الحبيب بن حاج قويدر:البنك الوطني الفلاحي مصرف بكل المعايير
«لم يعد هناك فرق بين أن يكون هذا البنك أو ذاك خاصا أم عموميا. وقبل أن يكون البنك الوطني الفلاحي مصرفا عموميا، فهو يبقى مصرفا قبل كل شيء، فالأهداف تبقى واحدة وكذلك أساليب التصرف والتسيير...’’. كلام جاء على لسان الحبيب بن الحاج قويدر في كلمة له في أول ظهور له للعموم في موفى شهر ديسمبر الماضي، بعد تقلده مهامه الجديدة على رأس البنك الوطني الفلاحي. وفي خطاب له أمام مجموعة من المحللين الماليين وممثلي الصحافة المتخصصة، حدّد مدير عام البنك الوطني الفلاحي ملامح المهمة الملقاة على عاتقه وقال على سبيل الدعابة وتلطيف الجو: «معذرة إذا ما بدا لكم أني أطلت الكلام، فذلك لحرصي على تعويض صمت لازمه البنك الوطني الفلاحي طيلة أربع سنوات».
وإذا كانت جل مؤشرات البنك الوطني الفلاحي تدعو إلى الارتياح وتنبئ بتوجه إلى «إرساء قاعدة دفع متينة خلال السنوات القادمة»، فإن «المشكل يبقى متمثلا في علاقات البنك المتجاوزة للحدود المعتادة مع المؤسسات العمومية»، كما أكد ذلك أحد المحللين الماليين. فكيف سيكون بوسع البنك الخروج من هذه الوضعية والحد بالتالي من بعض المخاطر التي قد تعترض سبيله؟
يستطرد السيد الحبيب بن الحاج قويدر قائلا: «نحن نعالج شؤوننا على أساس تجاري ونحددها وفق تمثل لطبيعة المخاطر... فهذا يقع في صميم عملنا الذي نمارسه بأقصى قدر من المهنية ومن الاستقلالية. فلا بدّ أن يضبط التسعير وفقا لطبيعة المخاطرة. وهنالك قبل كل شيء التغطية المصرفية في اقتران بالدولة وهو ما نأخذه في الاعتبار؛ فكل الاختيارات واردة بما فيها ضبط مساهمتنا مع البنوك الأخرى في عملية الإقراض وتحديد ذلك إما بتقديم جزء من الغلاف الاجمالي أو برفض المشاركة. وعليّ أن أقول لكم إنه لم يصادف على الإطلاق أن حدث أي تدخل مهما كانت أهميته من سلطة الإشراف على هذا المستوى، ولم يلق البنك الوطني الفلاحي من لدن مصالح وزارة المالية والبنك المركزي إلا المساندة والمساعدة. وفي هذا الصدد يندرج طرح مجلة ليدرز السؤال التالي: «هل لتغطية الدولة من معنى حينما يتعلق الأمر بمؤسسات عرجاء نذكر من بينها على وجه التخصيص ’’الفولاذ’’ أو الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق وغيرهما من المنشآت التي تمثل عبئا من الثقل بمكان، خاصة حينما تكون المالية العمومية ذاتها عرضة لمخاطر غير محسوبة بدقة؟.
الرئيس المدير العام للبنك القومي الفلاحي يفضل النأي بالنفـس عما يعتبره انزلاقا إلى الخوض في السياسة، والتعلل عوضا عن ذلك بواجب سلوك مسلك الصرامة والدقة في كل ما يتعلق بالتجارة المصرفية وهو السلوك الذي يسعى إلى إرسائه.
طرح أحد المحللين الماليين السؤال التالي: «هل بالإمكان الاطلاع على التقرير المتعلق بتدقيق حسابات البنك في نسخته الكاملة؟ أجاب الرئيس المدير العام: «لم لا؟ لقد فكرنا في الأمر وسوف أطرح السؤال على مجلس الإدارة، وأقل ما يمكن أن نفعله هو إدراج نسخة للعموم على موقعنا على شبكة الانترنات».
السيد الحبيب بن الحاج قويدر في سعة من أمره تماما حينما يقدم وحينما يجيب... واضح أنه كان يفضّل الحديث عن المستقبل. وهو يرى أن البنك الوطني الفلاحي الذي يتوفر على شبكة قوامها 170 فرعا ويشغل 2700 شخص يسعى لكي يكون في عداد المصارف التي لها مقاربات«سيستيمية» أي أن تكون سوقا للابتكار فلا تقف عند حد النظريات والمناهج الكلاسيكية المعروفة، إنما تسعى إلى الجمع بين الشمول والعمق والدقة، وبين ما هو محلي وما هو عالمي ومنفتح. يقول في هذا الصدد: «أن نكون البنك الممول بامتياز للقطاع الزراعي في تونس فذلك لا يجعلنا نتقوقع على النفس ونتشبث بالقديم من التقاليد، فليس لنا بدّ من مسايرة العصر والحداثة وانتهاج أساليب التجديد والتحديث في إدارة المؤسسة والاعتماد في ذلك على الأدوات والأنظمة الإعلامية المناسبة».
يتوق البنك الوطني الفلاحي إلى تحقيق نسبة نمو لجامع حصيلته بمقدار 7،8 % بحيث ينتقل هذا الجامع من 8.312 مليون دينار في سنة 2015 إلى 12.102 مليون دينار في سنة 2020. وسيزداد صافي النتائج من 25.3 مليون دينار في سنة 2015 إلى 108 مليون دينار في سنة 2020، مع بلوغ حد أقصى بـ 140.9 مليون دينار في سنة 2017 وحـــد أدنى بـ 46.5 مليون دينار في سنة 2018.
وستسهم الأرباح على رأس المال المنجرّة عن تحويل الأصول في الدفع بنتائج سنتي 2016 و 2017إلى مستويات متقدمة، وخاصة ما يرجع لشركة التبريد ومعمل الجعة بتونس، ويقدر أن تبلغ قيمة هذه الأرباح 111 مليون دينار سنويا. وتتوقع إدارة البنك أن تكون عمليات التحويل مرتبطة بحالة السوق وما توفره من ظروف ملائمة وأن هذا الاختيار ليس اختيارا نهائيا بالنظر إلى تعبئة الموارد الأخرى المتوفرة والتي تم ضبطها .كيف سيتاح للبنك الوطني الفلاحي تحقيق ذلك؟ يجيب الحبيب بن الحاج قويدر في هذا الخصوص بكل تصميم وثقة في النفس: السبيل إلى ذلك هو سبيل دعم استرجاع الديون المتخلدة لفائدته، وتحويل بعضها ودعم نظام التسويق والاتجار، والذهاب في كل ذلك بروح من التحدي والاستبسال والمضي قدما وإلى أبعد حد ممكن في هذا السبيل.
- اكتب تعليق
- تعليق