الجيش التونسي وفاء للوطن وولاء للجمهورية
مع حلول شهر جوان من كلّ سنة، تحتفل القوات المسلحة بذكرى انبعاثها.لقد تم بعث النواة الأولى للقوات المسلحة التونسية في شهر جوان 1956، هذا لا يعني أن بلادنا كانت تفتقر إلى جيش يذود عن حرمتها وسيادتها قبل سنة 1956 فتونس الخضراء تعجّ بأبطال كثر دافعوا وحاربوا وضحّوا في سبيل هذا الوطن. لقد كانت تونس ولا تزال منارة المتوسط منذ 2800 سنة دون انقطاع حيث كانت الأرض التونسية المعطاء تزخر بالقادة العسكريين الأكفاء والجنود البواسل الذين كتبوا التاريخ بحسن تدبيرهم وانضباطهم.
ففي تونس نشأت قرطاج وازدهرت قوتها العسكرية وبرز القائد التونسي حنبعل الذي هزم الرومان في عقر دارهم سنة 218 ق م. وبعد فتح افريقية والمغرب الأقصى والذي يعتبر أطول وأصعب فتح في تاريخ الإمبراطورية الإسلامية (647-702م)، خرج طارق بن زياد التونسي البربري سنة 711 م بجيش تونسي وسار غربا وفتح إسبانيا سنة 714م. كما أبحر من تونس سنة 827 م أسد بن الفرات وفتح صقليّة وإيطاليا، ثم اتجه جوهر الصقلي نحو الشرق وأسس القاهرة سنة 972 م ثم فتح الشام. كما أثبت الجندي التونسي في فترة الاحتلال صلابته وشجاعته وشهدت له بذلك في معارك Verdun (الحرب العالمية الأولى) وفي جبل كاسينو Monte Cassino (الحرب العالمية الثانية) عندما أبلى الجنود التونسيين البلاء الحسن.
إنّ ما أشير إليه هو قليل من كثير يعتز به كل تونسي. وما الجيش التونسي الحديث إلا مؤسسة وطنية، ورغم ما تعرضت إليه سابقا من تهميش فإنّها تعد مكسبا للشعب، وفائها للوطن وولاؤها للجمهورية لا ينقطعان. الجيش التونسي متمسك بأصالته وتاريخه ودينه وفي خدمة وطنه وشعبه. لقد بادرت المؤسسة العسكرية بالوقوف إلى جانب إدارة الشعب عند اندلاع الثورة ورفضت التصدي لمسيراته الغاضبة وتكفلت بحماية مؤسسات الدولة ومقرات السيادة والمؤسسات الاقتصادية والمصالح ذات الصبغة العامة والفردية بذكاء وأحسنت التواصل مع المواطن دون اللجوء إلى استعمال السلاح، وتحقق تجاوب كبير بين المواطن والعسكري في كامل ربوع الوطن وما كلمات «يحيي الجيش» إلاّ دليل صارخ عن محبة الشعب لمؤسسته.
كما ظهرت قواتنا المسلحة في أحسن حلة لها خلال تأمين مختلف الانتخابات الوطنية في البلاد منذ أكتوبر 2011.
وأمام التهديدات والتحديات الجسام التي تواجهها البلاد، سعت القيادة إلى إحداث نقلة نوعية بدأت تتجسم على مستوى التنظيم والتجهيز الفردي والجماعي وإعطاء التدريب المكانة اللازمة من خلال الحرفية التي ميزت جلّ تدخلات المؤسسة العسكرية في كامل تراب الوطن وآخرها ملحمة بنڤردان والتصدي للعدوان بسرعة فائقة ونجاعة أبهرتا العالم.
ورغم التجاذبات السياسية، حافظت المؤسسة العسكرية على حيادها التام وعملت في صمت كامل شعارها في ذلك «العمل بكل شرف وأمانة» وهو القسم الذي يردده كل عسكري مهما كان صنفه بكل فخر واعتزاز لخدمة تونس العزيزة. فجيشنا يعمل ثم يعمل ثم يعمل دون صخب.نملك جيشا انجازاته كثيرة، يضحّي بالنفس والنفيس من أجل الوطن ويحمي مؤسسة الجمهورية ودستورها.
فأيّ هدية نقدمها لهذا الجيش العريق المتعلق بمبادئه السامية في ذكرى نشأته الستين؟
- اكتب تعليق
- تعليق