عن بيت الحكمة : ترجمة عربية لرواية "صلاة قدّاس على روح فلاّح إسباني"
تواصل "بيت الحكمة" جهودها في مجال التعريف بروائع الآداب الأجنبية من خلال ترجمتها إلى اللغة العربية ووضعها على ذمة جمهور القراء في تونس وفي العالم العربي.
إطار إسباني وقضايا كونية
ومن الإنجازات الحديثة لـ" بيت الحكمة" في هذا المجال ترجمة رواية "صلاة قداس على روح فلاح إسباني" للكاتب الإسباني " رامون خوسي سندر غرثاس"، وهي تعتبر "من أبرز الإبداعات الأدبية التي صدرت بإسبانيا في القرن العشرين"، وفق تعبير مترجمة هذا العمل، ميمونة حشاد خبو، في تقديمها للترجمة العربية، علما بأن الكتاب مزدوج اللغة (اسبانية- عربية )، جريا على عادة سنتها مؤسسة " بيت الحكمة".
تدور أحداث هذه الرواية خلال الحرب الأهلية بإسبانيا (1936-1939) ، وتبدأ بمشهد قس يتأهب لأداء صلاة قداس على روح شاب من القرية ينتمي إلى الجمهوريين أعدمته القوات المناصرة للجنرال فرانكو، إثر وشاية من القس، وهو الذي كان يعرف هذا الشاب منذ ولادته.
وتنتظم الرواية، وهي مقتضبة مضغوطة أشد الضغط، حول ذكريات القس، وهو يستعيد في ذهنه حياة الشاب، ومن خلاله حياة القرية كلها، قرية ككل القرى الأراغونية تقريبا في بدايات الحرب الأهلية الإسبانية (1936).
لكن القارئ مدعو في هذه الرواية إلى تجاوز الإطار الإسباني نحو آفاق تعانق الكونية، لأن العمل يطرح قضايا إنسانية لا تعرف حدود المكان والزمان، مثل مسألة العدل، ومشكلة الشعور بالذنب، كما يصور الصراع بين القيم السامية والمصالح المادية الضيقة، وذلك من خلال نموذج القس الذي يختار أن ينحاز إلى الأقوى والأنفع، ونموذج الشاب المناضل الذي يختار التضحية من أجل مبادئه.
الكاتب: حياة مثل الرواية
ولأن رواية " صلاة قداس على روح فلاح إسباني" لها هذا البعد الكوني، فضلا عن أنها تعرّي جوانب من الحرب الأهلية الإسبانية لم تكن لتروق لنظام الجنرال فرانكو، فقد منعت مدة طويلة في إسبانيا. كما يعود المنع إلى انتماءات الكاتب ذي التوجه اليساري.
وعلى ذكر الكاتب، فإن حياة "رامون خوسي سندر غرثاس" أشبه ما تكون برواية. ولد رامون يوم 3 فيفري 1901 بـ" شالاميرو" (إسبانيا)" وانتقل الى مدريد في سن السابعة عشرة لينخرط في الحركة الفوضوية ويخوض في الوقت نفسه غمار الصحافة المناضلة. ومن الفوضوية انتقل إلى الشيوعية، واشتهر بمواقفه الجريئة ضد الدكتاتورية والاستبداد، خاصة إبان الحرب الأهلية الإسبانية، وقد عاش خلالها مأساة إعدام زوجته وأخيه من قبل القوات المناصرة لفرانكو.
إثر ذلك، فر كاتبنا إلى المكسيك لاجئا، وهنالك واصل الكتابة بنفس القدر من الالتزام والبعد الإنساني. وقد ترك "رامون خوسي سندر غرثاس"، عند وفاته يوم 16 جانفي 1983 بسان دياغو (كاليفورنيا، الولايات المتحدة الامريكية) حوالي ستين رواية كان أغلبها ممنوعا في إسبانيا، سيّما وأنه ركز في جل أعماله الروائية على مواضيع تتصل بالحرب الأهلية، مبينا من خلالها غرابة الطباع البشرية وتشعبها، مضفيا على تلك الأعمال صبغة الكونية، رغم محلية السياق والموضوع.
عادل الأحمر
- اكتب تعليق
- تعليق