صدر أخيرا: كتاب "الحلم الأخير" للأستاذ المحامي عبد السلام القلال
بقلم رضا القلال - عنوان الكتاب لافت ودال "الحلم الأخير"، بعنوان ثانوي: تونس إلى أين؟
والكتاب ألفه الأستاذ عبد السلام القلال، وهو مناضل وفاعل سياسي ومن بناة دولة الاستقلال، إلى جانب الزعيم الحبيب بورقيبة، وشاهد على مختلف العشريات المتتالية. وقد ضمّن هذا الكتاب "أحاسيسه ومشاعره وانطباعاته ومواقفه وأوجاعه وأحلامه"...
وقد حصلت على هذا الكتاب، الذي وزّع في بداية هذا الأسبوع، من طرف دار النشر "كيلتيرال" على عدد من المكتبات في تونس وسوسة وصفاقس وجربة. وعدت إلى منزلي متلهّفا لمعرفة ما فيه. وكانت التوطئة، التي تشرح خطة الكتاب، هي أوّل ما استوقفني، وأعادني إلى المؤلف الأول للأستاذ عبد السلام القلال "الحلم والمنعرج الخطأ" الصادر سنة 2018، والمؤلف الثاني المعنون "الحبيب بورقيبة، زعيم أمّة ورئيس دولة". والصلة واضحة بين الكتب الثلاثة.
وهذا الكتاب يسعى إلى سبر أغوار سؤالين كبيرين: ما الذي أقعد تونس على أن تكون، بعد 70 سنة من الاستقلال، في مصاف الدول الصاعدة؟ ولماذا جرت الرياح بما لا تشتهي السفن؟ وهو مثل شهير استلّه الكاتب من بيت للشاعر الحكيم أبي الطيب المتنبي:
ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدْرِكُهُ *** تَجرِي الرّياحُ بِما لا تَشْتَهِي السُّـفُن
وكان أول ما قرأته من هذا الكتاب -إذن- التوطئة المفعمة والمكتظة بالأسئلة.
يقول عبد السلام القلال: "ما هذا السكوت المدوّي على حالنا من طرف المثقفين وخبراء علم الاقتصاد والاجتماع؟ ألم يحن الوقت للمصارحة والمكاشفة حول ما يشدّنا إلى الوراء؟"
ويضيف: "لماذا يقتصر الحديث عن التجارب الآسيوية، التي أصبحت في مصاف الدول الصاعدة حول نجاحاتها، دون التطرّق إلى الأسباب الحقيقية لتخلّفنا عن هذا الركب؟"
وفي التوطئة يعود المؤلف إلى "انتقاضة" اللحظة التاريخية ديسمبر 2010/جانفي 2011، ويذكر في هذا السياق "لقد حادت الانتفاضة وانحرفت عن مسارها، وأفضت إلى عشرية دمار، غُيب فيها شباب الانتفاضة، وانهارت فيها الدولة ومؤسساتها، وتراجع اقتصادها وضعف، وتفكّك مجتمعها ودخلت في نفق مظلم مسدود".
وكل هذه التراكمات التاريخية دفعت الأستاذ المحامي عبد السلام القلال إلى الحيرة والتساؤل "عن مصير بلادنا وشعبنا، بطرح مزيد من الأسئلة ونقاط الاستفهام": هل ستدخل الإصلاحات الاقتصادية، الضرورية والموجعة حيّز التنفيذ؟ متى؟ وكيف؟ وبمن؟ وهل من تصوّر جديد وجريء لمنوال التنمية يشمل كل الفئات لتفعيلها؟
وأخيرا يقترح الأستاذ عبد السلام القلال، أو على الأقل هذا ما يرجوه، أن يكون هذا الكتاب المتواضع -والعبارة له- "الحلم الأخير"، الذي جاء في 432 صفحة، "بداية الإجابة"
وبالرغم من أن "الكتاب ليس بكتاب تاريخي، لأن التاريخ يكتبه المؤرخون، كما يقول، ولا بأكاديمي. بل هو "محاولة للتعبير عن خواطر وقراءة تقييمية لمختلف العشريّات المتتالية، من تاريخ الإعلان عن الاستقلال الى سنة 2021، ودور الفاعلين السياسيين فيها، ووجهة نظر من طرف شاهد على العصر وفاعل في جزء منه". بالرغم من ذلك فإن الكاتب يستند إلى مرجعية سليمة ومقبولة جدا باللغتين العربية والفرنسية، بالإضافة إلى معرفة بالبلاد. لقد بيّن الأستاذ عبد السلام القلال في هذا الكتاب وما سبقه على أنه باحث أرّق نفسه وأضنى تفكيره، لتقديم شيء جديد لتقدم الوطن، وهو العمل الذي يستحق عليه المحبة والتقدير، والكتاب يستحق الاحتفاء والنقاش.
رضا القلال
- اكتب تعليق
- تعليق