روسيا-العالم الإسلامي: في مواجهة تحدّي التطرّف والإرهاب
موسكو، من مبعوث ليدرز الخاصّ عبدالحفيظ الهرقام - في إطار "مجموعة الرؤية الاستراتيجيّة: روسيا- العالم الإسلامي" ينتظم يومي 8 إلى 9 ديسمبر الجاري، في موسكو، منتدى عنوانه "صحافيون من البلدان الإسلاميّة في مواجهة التطرّف"، وذلك بعد أقلّ من ستّة أشهر من اجتماع المجموعة التي حرصت القيادة الروسيّة على تنشيطها، بعد أن شهدت أعمالها انقطاعا دام فترة طويلة نسبيّا.
وأنشئت المجموعة سنة 2006 إثر انضمام روسيا إلى منظمة المؤتمر الاسلامي كعضو مراقب، وهو البلد الذي يعدّ قرابة 20 مليون مسلم من جملة قرابة 147مليون نسمة. والمجموعة هي هيأة استشاريّة تضمّ قرابة 15 دولة إسلاميّة وممثلين عن منظمة المؤتمر الإسلامي وعدد من علماء الدين، من بينهم رئيس مجلس الإفتاء في روسيا.
وكان الرئيس فلادمير بوتين اعتبر في الرسالة التي وجّهها إلى المشاركين في اجتماع المجموعة المنعقد في موسكو في 11 جوان الماضي دول العالم الإسلامي "شركاء مهمّين في النهوض بالحوار بين الثقافات وفي الدفاع عن تنوّع سبل التنمية والأنماط الحضاريّة" وعبّر عن انشغال بلاده إزاء ما يشهده العالم الإسلامي من تنامي الإرهاب والتطرّف ومن نزاعات دمويّة، مؤكّدا بالخصوص استعداد روسيا لتنسيق الجهود من أجل مكافحة الإرهاب وإيجاد حلول للنزاعات الجهويّة، والمقصود بذلك بالخصوص الأزمة السوريّة.
ويبدو جليّا أنّ من القضايا الحارقة التي يتركّز عليها اهتمام روسيا اليوم التصدّي لظاهرة التطرّف والإرهاب. وقد برّرت تدخّلها العسكري في سوريا بحرصها على ضرب مواقع "الدولة الإسلاميّة" في هذا البلد الذي تسيطر على أجزاء منه ، إضافة إلى أجزاء من التراب العراقي تناهز مساحتها مساحة بريطانيا العظمى،وذلك بما يحدّ من تمدّد هذا التنظيم الإرهابي الذي فشلت قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في القضاء عليه.
كما قامت بتحرّك دبلوماسي من أجل فرض حلّ سياسي للأزمة السوريّة وسعت إلى إقناع واشنطن والبلدان الأوروبيّة بأنّ "داعش" ستكون أكبر مستفيد من سقوط نظام بشّار الأسد وتفكيك الدولة السوريّة وجيشها.
وجاء حادث تفجير طائرة ركاب روسيّة في الجوّ فوق شبه جزيرة سيناء في 31 أكتوبر الماضي ليزيد من أصرار موسكو على المضي قدما في حربها على الإرهاب. وشدّد الرئيس فلاديمير بوتين في الخطاب الذي ألقاه أمام "الدوما" (البرلمان) يوم 3 ديسمبر الجاري على البعد الدولي لمحاربة الإرهاب وقال :" لن تستطيع دولة بمفردها أن تهزم الإرهاب الدولي"، مؤكّدا ضرورة أن تساهم "كلّ دولة متحضّرة في مقاومة الإرهاب، ليس بالكلام وإنّما بالفعل"،وذلك بعد أن كان دعا في سبتمبر الماضي من منبر الأمم المتحدة إلى قيام تحالف دولي لمكافحة هذه الظاهرة.
وأضاف قوله " بلدان في الشرق الأوسط وفي شمال إفريقيا، كالعراق وسوريا وليبيا كانت تنعم نسبيّا بالأمن والاستقرار غرقت اليوم في الفوضى، ممّا يمثّل تهديدا للعالم بأسره".
ولمّا كانت "داعش" تضمّ في صفوفها مواطنين من روسيا، حذّر بوتين من فرضيّة انتصار هذا التنظيم، مبرزا ضرورة القضاء على العناصر الإرهابيّة قبل عودتهم إلى ديارهم لنشر الرعب والحقد".
ويريد الرئيس الروسي من خلال هذا العمل الاستباقي أن يجنّب بلاده وضعا مرعبا كذلك الذي عاشته طوال عشريّة كاملة، بداية من منتصف التسعينيات، عندما اكتوت بنيران العمليات الإرهابيّة التي تورّطت فيها الحركة الانفصاليّة الشيشانية، التي كانت تطالب بقيام قوقاز إسلامي يضمّ كلّ الجمهوريات المجاورة.
من خلال تنظيم منتدى يضمّ صحافيين من دول إسلاميّة لتناول مسألة التصدّي لظاهرة التطرّف والإرهاب، يبدو أنّ روسيا تسعى إلى حشد الدعم لمبادرتها التي كان أكّد أهمّيتها وزير خارجيتها سرغاي لافروف في الاجتماع الأخير لـ"مجموعة الرؤية الاستراتيجيّة : روسيا-العالم الإسلامي" والمتمثّلة في "القيام بتحليل مجمل المشاكل المتسبّبة في تفاقم التطرّف والإرهاب في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك في إطار مجلس الأمن التابع للأمم المتّحدة بعيدا عن المعايير المزدوجة وعلى أساس مقاييس مشتركة لفهم جذور هذه المشاكل، بما في ذلك النزاع العربي الإسرائيلي". فهل تتجاوب الدول الإسلاميّة مع هذه المبادرة؟
وعلاوة على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب، هل تنوي الدول الإسلاميّة، وخاصّة العربيّة منها الاستفادة من العودة القويّة لروسيا على الساحتين الإقليميّة والدوليّة -والتي قد تكون مؤشّرا لقيام نظام عالمي أكثر توازنا- بغية تطوير علاقاتها السياسيّة مع هذه القوّة العظمى وإقامة تعاون وثيق معها، خاصّة في ميادين الاقتصاد والتجارة والطاقة والتكنولوجيا، بما يعزّز نسيج المصالح المشتركة؟
عبدالحفيظ الهرقام
إقرء أيضا
منتدى موسكو حول الإرهاب : التشخيص والمعالجة
خمسة آلاف مقاتل روسي في صفوف داعش في سوريا
- اكتب تعليق
- تعليق