كيف يمكن لمشروع المصالحة أن يمرّ والعاطلون لا يرون أي أفق؟

كيف يمكن لمشروع المصالحة أن يمرّ والعاطلون لا يرون أي أفق لتحقيق تكافؤ الفرص ومجابهة الفساد؟

مصلحة البلاد تقتضي سحب هذا المشروع وفتح حوار جدي حول سبل دعم مسار العدالة الانتقالية وإنجاحها وتوحيد الصف لمواجهة التحديات والأخطار...لِنَقُلْها بجرأة و صراحة: خطر الإرهاب الذي تواجهه تونس ليس خطرا داهما من الخارج أو خطرا وافدا علينا من الأغراب، إنه نتاج وضع دولى وإقليمي، بالتأكيد، ولكنه يتغذى من وضع تونسي سمته انسداد الأفق وانعدام الأمل في غد أفضل، شباب تونس و فقراؤها يجدون أنفسهم اليوم بين مطرقة داعش و«وعودها الروحية والدنوية» وسندان ثورتهم الموؤودة و آمالهم الضائعة...

هذا هو التحدي المطروح على الجميع: إعادة الأمل والتأكيد بأن الثورة على الظلم و الفساد والاستبداد لم تكن خطأ، الخطأ هو في أن من تعاقب على الحكم حاد بالثورة عن أهدافها، فبقيت التنمية ومقاومة الفساد وتحقيق المواطنة كلاما أجوف و خطاب اجتماعات تحشيدية لا غير!

تونس في حاجة إلى هبّة وطنية تضع التنمية ومقاومة الإرهاب في صدارة برامج الجميع مثلما كان الحال إبان بناء الدولة الوطنية الحديثة، حيث الصحة والتعليم و النهوض بالمرأة هي أولويات كل الوزارات  والإدارات، هذا ما نحتاجه اليوم و على بعض الوزراء أن يكفوا عن البحث عن نجاحات شخصية لا معنى لها، فهم في هذا الموقع لخدمة تونس والتونسيين. فإمّا أن يكونوا في خدمة مشروع وطن وإمّا أن يبحثوا عن نجاحاتهم في مجال آخر.

مجهود أسلاك الأمن والحرس والجيش، مجهود بطولي، و الإنجازات التي تحققت بالدم الغالي هي مفخرة كل التونسيين، و لكنها لوحدها لا تأتي على مكامن الإرهاب.

المطلوب برنامج شامل يثمّن دور الأبطال بتشريعات تحميهم وتحمي أهاليهم، بخطط تضع مقدرات البلاد في خدمة هذه الحرب عدة وعتادا، وأيضا ببرامج تنمية بشرية تجعل المواطن محور كل مشروع، فتُوجّه التمويلات للمشاريع الكبرى الرامية إلى رفع العزلة عن الجهات المحرومة، و تنطلق برامج مقاومة الفساد، وتُواجه كل محاولات النيل من الحقوق و الحريات بكل صرامة ، ويعاد النظر في برامج التربية والتعليم بما يحفز الناشئة على الانفتاح والفكر النقدي، ويُفسح المجال للفن والإبداع للتأكيد بأن عالم الحرية عالم رحب يجمع و لا يفرق، إنه مشروع وطن و ليس برنامج أشخاص.

آنذاك يمكن للشاب التونسي أن يقارع فكر الموت والتقتيل و التكفير بفكر التسامح والبناء والتطور، آنذاك يمكن لنا القول بأننا أعدنا الثورة إلى طريقها السوي: طريق المواطنة والكرامة والتقدم.
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.