أخبار - 2022.08.10

رؤية الأستاذة خديجة توفيق معلى للأهم القضايا المطروحة حاليا في تونس

رؤية الأستاذة خديجة توفيق معلى للأهم القضايا المطروحة حاليا في تونس

عديدة هي القضايا والإشكاليات المطروحة حاليا في تونس  على المستوى السياسي والإجتماعي.
لتحليل وتفسير بعض هذه القضايا قام موقع ليدرز العربية بمحاورة الأستاذة خديجة معلى.

هل أن تونس فقيرة إلى هذه الدرجة سياسيا بحيث تقتصر الصراعات على محور مُعين وحيد مثل الدستور، أم أن الدستور في أساسه منطلق لحوارات وصراعات تهمُّ الحياة الاقتصادية والإجتماعية والثقافية، وبالتالي منوال التنمية في البلاد؟
الأحزاب السياسية تجترُّ أساليب كلاسيكية... ولا تطرح بدائل للشعب وهذا المناخ يشجع لظهور الشعبوية. ما زلنا نفتقر للحزب الذي ينبع من وسط الشعب، ويُعبر عن إحتياجاته الحقيقية، ويُضمَّن في برامج عملية، دقيقة ومدروسة ويعرضها على الشعب بأسلوب سلسٍ سوف يساهم في زيادة رفع درجة الوعي في صفوف المواطنين. هذا الوعي سوف يمكنهم من معرفة الفرق بين الطرح الذي يعبِّر بشكل منطقي وواقعي عن إحتياجات البلد وآفاق المستقبل في كل مجالات التنمية، وبين الشعبوية التي تعتمد على إطلاق الشعارات والوعود تلو الوعود دون إنجاز عملي فعلي، وبالذات دون تشريك المواطنين في تقاسم الأدوار والمسؤوليات لتغيير واقعهم.

لو كان هناك هذا الحزب، ما هي أولوياته وماهي الصفات المطلوبة لقياداته ومناضليه؟
بداية، الصفة التي يجب أن يتحلَّى بها المناضلين وخاصة القيادات هي التواضع، وهي صفة تلاشت أو كادت، للأسف، في هذه الأيام. أما الأولويات، فيجب أن تبدأ بالدرس العميق لمتطلبات التنمية وخاصة في بلد مثل تونس، ثم بلورة إستراتيجية وخطة عمل تُقسَّمُ على مراحل وتُطرح على الشعب بكل صراحة وبعيدا عن المجاملات والمُراوغة، وتجميع أقصى ما يمكن من طاقات البلد وكفاءاته، للشروع في عمل جدِّي مُثمر، يعود بالنفع على كل المواطنين والمواطنات.

عمل من هذا القبيل، بالنظر للمصاعب المُتنوعة والمُتعدِّدة التي يواجهها البلد، تُصبح التضحية العنصر الأساسي لإنجاح أي برنامج تنموي حقيقي وجدِّي. هل توافقين على هذا التشخيص؟

أصبحت التضحية مطلوبة ولكن حذارِ من أن تكون مفروضة مرَّة أخرى، كما جرت من قبل، على الفئات أو الشرائح الاجتماعية الضعيفة والمتوسطة بينما يُستثنى منها المُقتدرون.

كيف يمكن إدماج هؤلاء المُقتدرين في تحمُل هذه التضحية؟

ببساطة شديدة وواقعية، وبعيدا تماما عن منطق الإنتقام والتشفي في هؤلاء، فهم في الأول والآخر أبناء وطن واحد، وكل المطلوب والواجب المُلح هو ضبط خطة عمل ناجعة ومُقنَّنة لتعميم الجباية على الجميع بشكل تصاعدي من ضعيف الحال إلى كبار الأثرياء بشكل متدرِّج، عادل وفق إمكانيات كل فئة، مثلما كان قد إقترح ذلك سي منصور معلَّى منذ عقود ولكن لم يكن للسلطة التنفيذية آنذاك رؤية سبّاقة كي تتبنى وتعمَل بنصيحته القيِّمة.

وهل هذا هو المجال الوحيد الذي يمكن أن يوجه إليه هذا الحزب النضال من أجل تحقيقه؟

هو مثال فقط لما يمكن البدئ به بشكل عاجل وهناك بطبيعة الحال مجالات عديدة أخرى، تحتل الفلاحة صدارتها. فتقديم خطة مدروسة لإحياء أراضي البلاد وغالبها صالح للزراعة وللأسف متروك للإهمال، وتقسيمها إلى قِطَعٍ تُقام عليها شركات أو تعاونيات تُسند كل واحدة منها إلى مجموعة من الشباب الباحث عن العمل وتكليف مهندس فلاحي للمرافقة بهذا الشكل. وبروح المنافسة التي سوف تتولَّدُ بين هذه التعاونيات، ستشهد تطورا في الإنتاج الفلاحي يصل بنا، وبعد فترة وجيزة، لا تتعدى السنتين أو الموسمين، إلى الإكتفاء الذاتي الغذائي ونحن نعلم ما يتهدَّدُ العالم وبالذات الدول الفقيرة من أخطار مجاعة هي أشدُّ فتكا من سائر الحروب.

وهل لديك أمثلة أخرى؟

لنبقى مرتبطين بالميدان الفلاحي، لم يعد الأمر مجهولا أننا نعاني من نقص فادح في مياه الشرب والسقي في بلادنا وكثيرة هي المناطق الداخلية والمدن التي تعاني من إنقطاعات متتالية في التزويد بالماء بنوعيه. بل أنه لوحظ، في الأيام الأخيرة وفي العديد من الجهات، تبدُّل لطعم مياه الشرب وإصطباغه بلون ورائحة غير عاديين مما أثار حالة من الجزع في صفوف متساكني تلك الجهات.  ولقد طال الحديث عن بعث محطَّات تحلية مياه البحر دون التقدم بشكل جدِّي في تحقيق ذلك مع الأمل أن تدخل كل المحطات الموجودة حيز العمل قريبا. ويبقى دائما أن ذلك غير كافٍ ويقتضي تخطيطا جديًّا على مستويين:

1. حسن إدارة التصرف في الجسور الموجودة في البلاد،
2.
التخطيط لبعث جسور جديدة مُحكمة التشغيل من حيث الإحتفاظ بالياه وتصريفها عند الحاجة في المناطق التي تحتاجها في البلاد.

السؤال السابع: وهل لديك أمثلة أخرى في هذا الإطار؟

الحقيقة أنني لست بصدد عرض برنامج لحزب مُتَخَيل جديد ولكنها تداعيات عن إحتياجات واضحة وحلول أوضح وأختم بمجال آخر وهو مجال الطاقة. فبالتطرق لإرتفاع أسعار الوقود وتكلفة الكهرباء المُوَلَدَة بالطرق التقليدية المعروفة، فيما البلاد تتخبط في مصاعب إقتصادية خطيرة، بينما الطبيعة قد حبتها بإمكانيات عريضة منذ الأزل وسوف تتواصل كذلك وهي أشعة الشمس الدائمة في غالب فصول السنة والتي يمكن ويجب أن نستغلَّها في توليد طاقة بديلة ونظيفة بيئيا في نفس الوقت وقليلة التكاليف فوق كل ذلك.

في الختام، أودُّ أن أقول إن مجموع هذه الأمثلة التي عرضتها على قراء مجلَّتكم، وهناك الكثير غيرها بالطبع، لو تتوفَّرُ الإرادة السياسية اللاَّزمة والحوكمة الرشيدة، يمكن تحقيق قفزة نوعية في المجال التنموي في البلاد على كل الأصعدة. بالطبع لا يسع المجال للحديث عن كل المشاريع في المجال الثقافي والتعليمي والصحي والبيئي، وغيرها من المجالات. ولكن، وفي إنتظار توفير تلك الحوكمة، يصبح من الأوكد كإشتراطات الوصول إليها وتحقيقها، وجود معارضة ناضجة بحزب أو أكثر، سيقان قياداته راسخة في الأرض وطموحهم يشقُّ عنان السماء وهو أمر ليس عزيزا على الكفاءات الوطنية التونسية التي يعجُّ بها وطننا. كفاءات إنتشر العديد منها في مُختلف أصقاع الدنيا مُحققين أرقى النتائج في أراضٍ غير أرضهم وما ينتظرون إلا أن تتوفر لهم الفرصة الحقيقية الجادة ليسهموا في تحقيق تنمية شاملة وعادلة طالما حلم بها شعبنا، لكن تلاعب سياسيو الغلبة والغفلة بأحلامه وطموحاته. آن الأوان أن يظهر الوطنيون الأحرار، الآن وليس غدا!

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.