أخبار - 2022.03.18

أربعينية المرحوم علي البقلوطي: الصامد الصامت

أربعينية المرحوم علي البقلوطي: الصامد الصامت

بقلم الأستاذ عبد السلام القلال - صديقي سي علي، الهادي الوديع، ذا الوجه البشوش، يبادرك بالتحية و الابتسامة ما يبعث فيك شعور الارتياح و الطمأنينة، أحب الصحافة منذ الصغر و هام بها و امتهنها و التزم بها حياته كاملة،  وعمل من أجل ذلك دون كلل أو ملل، متحديا كل الصعوبات المادية و البشرية، فكان وراء بعث صحافة جهوية في مستوى رفيع باللسانين العربي و الفرنسي و هما "شمس الجنوب و La gazette du Sud  " مرّ على إحداثهما حولي نصف قرن، ربطتني به علاقات متينة منذ بداية الستينات لما كنت مسؤولا بمندوبية الحزب الاشتراكي الدستوري، و كان عندها في بداية مشروعه، كله حماس لإجاد صحافة جهوية بصفاقس، تعبر عن إرادة وطموحات أبنائها.

لم يقتصر دور سي علي على نشر صحفتين، بل اضطلع بدور المربي والمكون جعل منهما مخبرا ومدرسة تكونت فيها وعلى يده أجيال من الصحفيين الممتازين الذين أصبحوا اليوم متصدرين عالم الصحافة أذكر منهم صديقي التوفيق الحبيب صاحب دار النشر Leaders احتضنت هذه الحوليات الإنتاج الفكري والفني بالجهة و صمدت أمام كل العراقيل و التحديات و عمل جاهدا على ديمومتها حتى لا تعرف مصير بقية الصحافة الجهوية التي وجدت مدة زمنية في جهات أخرى من الجمهورية ولم تعمر طويلا. سخر حياته لتطوير الاعلام وفتح الأفاق أمام المثقف بجهة صفاقس ليساهم في الحياة الفكرية والأدبية والفنية بتحاليله وتعليقاته وإنتاجه.

قربت أكثر من سي علي، بمناسبة فتح برج القلال سنة 2008 كفضاء ثقافي، كان من أول المشجعين لهذه البادرة، كما كان من المتابعين لنشاطات الهيأة المديرة، الذي انتمى إليها وأصبح من الفاعلين والمشجعين لمختلف أنشطتها الثقافية والفنية ومن المساهمين في بلورة وتفعيل مفهوم الجديد للثقافة الذي لا يعدوا ان يكون فكرا وعملا وابداعا هدفه التنمية الشاملة لكل نواحي شخصية الانسان فقد حاول رحمه الله أن يجسم هذا المفهوم طيلة حياته في شخصه وفكره وسلوكه وتواصله مع الآخر.

كان يحرص على نشر كل نشاطات البرج وفعالياته حتى يبقى في الذاكرة الجهوية وكان ذلك امام تجاهل وصمت الصحافة في المستوى الوطني ووسائل الإعلام السمعي البصري في المستوى الوطني، التي قل ما تولى اهتماما بالنشاط الثقافي بالجهات، فلا يفوتني بهذه المناسبة أن أدعو بكل لطف مراسلي الصحف بالجهة أن يهتموا أكثر بما يجري في جهتهم من أحداث ونشاطات في مختلف الميادين ففيه تعزيزا لمكانة الجهة في المستوى الوطني والتعريف بطاقاتها، وابداعات ابناءها.

سي علي يبقى من كبار مناضلي الفكر والنشر، من أجل صحافة جهوية بصفاقس ثرية وملتزمة حاضنة لإنتاج فكر وفن أبناءها معبرة عن آلامهم وطموحاتهم وجب علينا الحفاظ على ذكراه وعلى مواصلة مشروعه وتطويره وهذا ليس بعزيز على أهل صفاقس الميسورين منهم والمستثمرين.

سي على لم يمت سيبقى في الذاكرة، ولا يسعني اليوم إلا أن أترحم عليه باسمي و اسم الهيأة المديرة للبرج و ندعوا الله أن يسكنه فراديس الجنان و أن أتوجه كذلك بالعزاء إلى عائلته وأبنائه و أصدقائه، يرزقهم الله جميل الصبر و السلوان، و كذلك أتوجه بالعزاء إلى عائلة الإعلام و الصحافة، التي فقدت في سي علي مناضلا من مناضليها في صمت و صمود.

الأستاذ عبد السلام القلال
مناضل من جيل الاستقلال
 صاحب فضاء برج القلال

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.