وفاة توفيق علولو، وداعا يا حكيم
بقلم محمد فوزي معاوية - غادرنا الى مثواه الأخير الطبيب الجراح توفيق علولو لقد أحب الحياة و الناس فأعادت له و أعادوا له ما كان يمنحه من حب و مودة بسخاء. نشأ الفقيد في أسرة متفتحة و عاش طفولته و شبابه في " ضاحية باردو " فكان بروحه المرحة و العلاقات التى نسجها بحب بين رفاقه محل اعجاب كثيرين بقوا على العهد في صداقتهم له لما تحلى به من أخلاق سامية و حس صادق و انفتاح للحياة بمختلف تلاوينها و بعد انساني تأكد مع الزمان في كل ما سعى اليه و انجزه.
منذ شبابه الأول في المعهد الصادقي تأكد حبه للفنون و الموسيقى فتمرس على آلة " البيانو "و كون فرقة موسيقية مع رفاق له و استمر عشق هذا الفن يغذي حياته، يلازمه و يجعل منه ذلك الذي يستلهم الفن في كل ما يقوم به في الحياة المهنية و الاجتماعية و فيما كان يربطه مع الناس من علاقات اتسمت على الدوام بالمودة و حسن المعاشرة.
و عرف الفقيد بالتزامه و نصرته لقضايا العدل و المساواة و الحرية منذ سنه المبكرة و اقتحم مجال النضال السياسي و النقابي فانخرط في اتحاد الطلبة و في الحزب الشيوعي التونسي و أعتقل من أجل ذلك ثم أرغم على القيام بالخدمة العسكرية "عقابا" على نشاطه السياسي و رفضه لنظام الحزب الواحد و الاستبداد في مطلع السبعينات، و كاد يتوقف عن استكمال دراسته بكلية الطب بتونس لولا تدخل الراحل عمر الشاذلي مؤسس هذه الكلية الذي اعتبر ان العمل العسكري لا يمكن له أن يعتبر عقابا، فاستأنف مسيرته في الدراسة بتفوق و ظل على العهد في قناعاته و تمسكه بالقيم الانسانية و مبادئ الحرية و العادلة و المساواة.
و عند تخرجه كطبيب جراح ظل الفقيد مناصرا لنفس هذه القناعات فتميز بكفاءته العالية و بعده الانساني الثابت عندما كان في سلك الوظيفة العمومية بمستشفى الأطفال بتونس أو عندما اشتغل في مجال الطب الخاص ، لا يتأخر أبدا في تقديم النصح و المساعدة و في اعانة ضعفاء الحال دون مقابل و في التضحية في مناسبات حاسمة و منها مشاركته كمتطوع ابان اندلاع الثورة في تقديم الخدمات الصحية للمهاجرين على الحدود التونسية الليبية. كان الحكيم توفيق علولو انسانيا بكل ما تعنيه الكلمة من عمق و صدق و فنانا مارس الطب بعقل ثابت في علمه و بوجدان الفنان المرهف الحس و بقناعة المناضل الاجتماعي المحب لوطنه و شعبه.
كل من عرفه أحبه و كل من تعاقد معه أعجب بعطائه بلا حدود و كل من صادقه تشبث بالحفاظ على علاقات المودة معه لأنها تنبض ايمانا بالحياة و بالتفاؤل و بالفرح... و داعا يا حكيما كنت في العمل و في الحياة... ستضل ذكراك خالدة لدى كل من صادقتهم و أحببتهم و ساعدتهم على الايمان بالحياة و الحب و الجمال.
لروحك الطاهرة ألف سلام
محمد فوزي معاوية
- اكتب تعليق
- تعليق