أخبار - 2021.06.09

كيف أجبرعلي بن خليفة النفاتي على الهجرة إلى طرابلس

كيف أجبرعلي بن خليفة النفاتي على الهجرة إلى طرابلس

بقلم علي الجليطي - بعد المشاركة الباسلة لعلي بن خليفة وفرسانه في معركة حماية مدينة صفاقس من الغزو الاستعماري وانتهاء الصراع بانسحابه نحو الجنوب، قامت القوات الفرنسية بعملية إنزال كبير في ميناء قابس واستمرت في قصف المدينة من البحر بالمدفعية لأيام طويلة. وحينئذ تحول أخوه صالح على رأس قوة أخرى الى قابس، حيث ساهم مع فرسان محمد بن شرف الدين في حصار الفرق الفرنسية التي نزلت بشاطئ المدينة. وبتاريخ 31 جويلية 1881 وصلت القوات الفرنسية الى منطقة شنني بقابس حيث دكت المدفعية منزل علي بن خليفة المعروفة بـ (دار الفريك) رغم الدفاع المستميت لأنصاره الذين استشهد منهم حوالي 50 مجاهدا.

وانطلاقا من منطقة ودران غرب مدينة الصخيرة، تقدم  علي بن خليفة منتصف أكتوبر 1881 بقواته شمالا إلى أن وصل القيروان، واتصل ببعض رؤساء القبائل حاثا على تعبئة القوى ومواصلة الجهاد. وبعد مرحلة الإعداد، توجهت حملة تكونت من حوالي 500 فارس و2000 من المشاة نحو العاصمة حيث تمكنت من إلحاق خسائر كبيرة بممتلكات الباي وعادت إلى قواعدها بألف رأس من الإبل دون أن تتمكن القوات الفرنسية من تتبعها.

وعندما بلغته أنباء حول دخول القوات الفرنسية إلى القيروان، أمر علي بن خليفة الثوار بالتوجه نحو أنصاره في الجنوب لإعادة تنظيم صفوفهم. وقد بدأت عملية التراجع في منتصف شهر نوفمبر 1881، وتم الانسحاب نحو الجنوب وبالتحديد نحو بلدة "وذرف" التي اتخذها علي بن خليفة مقرا جديدا لقيادته العسكرية. وهناك والتحق به أخوه صالح وبقيا يترقبان وصول عروش بني زيد والحمارنة لتكوين نواة لقوة جديدة يقود من خلالها آخر معارك الدفاع عن قابس وضواحيها.

وحينما سقطت المدينة في أيدي القوات الفرنسية، انسحب علي النفاتي ومن معه يوم  20 نوفمبر 1881 نحو أقصى الجنوب، وحل مع فرسانه بوادي "الزاس" ، حيث بلغه نبأ استسلام محمد بن شرف الدين ومن معه من المقاومين في قابس. وحاول المقاوم الثائر انطلاقا من موقعه استعادة الأنفاس بتجديد اتصالاته ببقية جبهات المقاومة. ولما تأخر المدد غادر المكان يوم 29 نوفمبر سنة 1881 نحو مدنين وقد يكون بما يُعرف اليوم بمنطقة "النفاتية" نسبة إلى لقب الشيخ ثم نحو بنقردان في اتجاه الحدود التونسية الليبية بهدف اللجوء إلى المقاومة من وراء الحدود.

ولما اقتنع بخطورة الوضع وانعدام فرص النجاح في مواجهة عدة الغزاة وعتادهم في ضوء ما يتوفر لديه من قوة أصابها الإنهاك رغم صلابة العزيمة، قرر علي بن خليفة النفاتي الهجرة إلى طرابلس ومعه نحو ثلاثين ألفا من الأتباع في أواخر سنة 1881.

ولحق به على مراحل بقية المجاهدين وقواتهم من الجهات الأخرى من البلاد التونسية حتى وصل عددهم الجملي حوالي 100 ألف. وانتهز الاحتلال الفرصة لمواصلة الزحف والمد الاستعماري على التراب الوطني. وهو ما تمثل في تحول جيش الاحتلال بقيادة الجنرال لوجيرو Logerot، فور خضوع منطقة نفزاوة وقابس، نحو جهة ورغمة بالجنوب الشرقي لإرغام قبائل الودارنة والتوازين على الاستسلام.

ورغم كل ذلك تواصلت المقاومة من قبل قوات قبائل الجنوب بفضل تلاحم صفوفها والتشجيع والدعم الذي كان يوفره من وراء الحدود الطرابلسية علي بن خليفة النفاتي وبقية القيادات التي كانت ترافقه. وهو ما سنراه في الحلقة القادمة.

علي الجليطي

قراءة المزيد

الدور المحوري لعلي بن خليفة النفاتي في معركة صفاقس ضد المستعمر الفرنسي

"المقاوم الثائر" علي بن خليفة النفاتي: صفّا يوسف وشدّاد

المقاوم التونسي الثائر: علي بن خليفة النفاتي

علي بن خليفة النفاتي و ثورة بن غذاهم

انتصاب الحماية في تونس و ردّة فعل علي بن خليفة النفاتي



 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.