أخبار - 2020.08.11

قصص نجاح للاجئين عرب أمّنوا مستقبلهم في تونس

قصص نجاح للاجئين عرب أمّنوا مستقبلهم في تونس

هناك جوانب مضيئة في تجارب اللاجئين في تونس، فبعضهم تمكّن من الحصول على عمل وبطاقة انخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي في سابقة تاريخية والبعض الآخر استطاع بعث مشروعه الخاصّ الذين سيؤمّن له حياة كريمة واندماجا في البلد. وهذه عيّنات من هذه التجارب.

أحمد بخيت
38 سنة، لاجئ من السودان

يعمل في المجال الفلاحي في صفاقس، وأوّل لاجئ تحصّل على بطاقة انخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي

جاء إلى تونس منذ 15 سنة يروي كيف هرب من جحيم الحياة في دارفور جنوب السّودان نحو ليبيا ليجد نفسه في جحيم آخر....تعرّضت للإستغلال ثمّ للإهانة وللمعاملة البيئية في السّجون اللّيبيّة ليدفع فدية لمن احتجزوني حتّي يطلقوا سراحي في الأخير قرّرت مغادرة ليبيا مع أصدقاء آخرين والتّوجّه إلى تونس قدمت إلى تونس في 13 ماي 2015. قبلها كنت في ليبيا التي أتيت إليها هربا من الوضع في دارفور جنوب السودان، حيث كنت أعيش. ولكن في ليبيا لم يكن الوضع مستقرّا بسبب الحرب، كما أنّني تعرّضت للحبس مرّتين هناك ولسوء المعاملة. في الأخير، قرّرت وأصدقاء آخرين من السودان ومن إرتريا الذهاب إلى تونس، خاصّة بعد أن قابلنا تونسيا يعمل في ليبيا نصحنا بالذهاب إليها بسبب توفّر الأمن ووجود مقرّ للمفوّضية السامية للاجئين فيها التي ستساعدنا على الحصول على اللجوء. دخلنا عبر الصحراء الليبية، وهناك على الحدود مع تونس تمّ ايقافنا وإيداعنا السجن بسبب «اجتياز الحدود بطريقة غير شرعية». في الحقيقة، ظروف الاحتجاز كانت جيّدة مقارنة بالسجون الليبية، حيث لم نتعرّض إلى الإهانة أو المعاملة السيّئة. بعدها تمّ تسليمنا إلى الهلال الأحمر التونسي الذي بدوره سلّمنا للمفوّضية، حيث قدّمنا مطالب لجوء. بقيت في أحد مراكز الإيواء التابعة لها في مدنين لمدّة أربعة أشهر حتّى تمّ النظر في طلبي وقبوله. كانت ظروف الإقامة جيّدة، فالغرف نظيفة، كما تمّ تأمين الغذاء لنا، رغم أنّه لم تُقدّم لنا مساعدات مادية. وكان لنا أيضا حريّة الخروج والدخول، لذلك تمكّنت أحيانا من العمل في حضائر البناء والحصول على مصروف جيب. إثرحصولي على بطاقة لاجئ، عرضت علينا جمعية ADRA (التي كانت شريكة المفوّضية السامية، في تأمين فرص العمل للاجئين قبل الجمعية التونسية للتصرف والتوازن الاجتماعي TAMSS الشريك الحالي) مجموعة من عروض الشغل.

اخترت أنا وبعض اللاجئين السودانيين الآخرين العمل في المجال الفلاحي. وفعلا اشتغلت في عدّة ولايات مثل أريانة ومدنين، إلى أن استقرّ بي المقام في صفاقس حيث أعمل منذ أربع سنوات في ضيعة فلاحية كبرى. علاقتي جيّدة بربّ العمل وقد حرص على تأمين جميع حقوقي الشغلية وخاصّة التغطية الاجتماعية. وبما أنّ جواز سفري كان صالحا عندما بدأت العمل معه فقد تمكّن من إعداد عقد عمل قانوني لي وحظيت أيضا ببطاقة انخراط في الصندوق الوطني للتضامن الاجتماعي، حصلت عليها في منتصف شهر جوان الماضي، لأكون بذلك أوّل لاجئ يحصل على هذه البطاقة. أنا سعيد جدّا بوضعي الحالي هنا في تونس وأتمنّى أن أتزوّج واستقرّ في هذا البلد. خطبت فتاة تونسية طالبة ولكنّني لم أوفّق في الارتباط بها. وأنا متأكٌد من أنّ فرصا أخرى ستأتي . استطعت أيضا أن أجلب لاجئا يمنيا للعمل معي في الضيعة بعد التوسّط له مع ربّ العمل».

إيمـان
 26 سنة، لاجئة سورية
صاحبة ورشة للعجلات، بالهوارية

جئت إلى تونس في نهاية 2016  مباشرة من سوريا عبر مطار بيروت. وأنا أصيلة ريف دمشق. كنت مصحوبة بزوجي وابني (سنة) وابنتي (3 سنوات). عشت في البداية في بيت أقارب زوجي وهو سوري من أصول تونسية وبالتالي كان يملك الجنسية التونسية. ثم أجّرنا بعد ذلك منزلا للعيش فيه. في الحقيقة، المفوّضية أرسلت لنا مساعدات قليلة منذ قدومنا إلى تونس، تمثّلت في مساعدات عينية أو مبالغ بسيطة لا تتجاوز 120 دينارا، وآخرها منحة 250 دينارا تحصّلنا عليها خلال فترة الكورونا. ولكنّ زوجي كان يشتغل حتّى وإن لم يستطع الاستقرار في عمل واحد بسبب وضعيتنا الهشّة، وقد استغلّ عديد المرّات ولم يدفع له أجره. اشتغل في البناء وفي ورشة تصليح عجلات وفي بيع السمك وغيرها من الأشغال لتأمين لقمة عيشنا. ثمّ اتّصلت بنا جمعية TAMSS لترى إن كنّا مهتمّين ببعث مشروع.

فاقترحت أنا وزوجي مشروع إحداث ورشة للعجلات في ريف الهوارية حيث نقطن. وذلك لأنّ زوجي كانت له تجربة في هذا المجال، حيث كانت له ورشة للعجلات في سوريا وحتّى عندما أتى إلى تونس اشتغل في نفس المجال. طبعا قدّمت المشروع باسمي بما أنّني لاجئة وتمّ قبوله، بعد تلقّي التدريبات اللازمة حول كيفية إدارة المشاريع. كلفته ترواحت بين 7 و8 آلاف دينار.وفعلا افتتحنا الورشة في شهر فيفري2020 وكنت أنا أمسك الأمور الإدارية. ولكنّنا اضطررنا لإغلاق المحلّ بعد فترة قليلة بسبب الحجر الصحّي. أضرّنا ذلك كثيرا، خاصّة أنّه كان يجب علينا مواصلة دفع إيجار الورشة واضطررنا للاقتراض من بعض الأصدقاء حتّى نسدّد ما علينا. وبعد عيد الفطر، أي في أواخر ماي، أعدنا فتحها وسنقوم بتسديد ديوننا تدريجيا. في الحقيقة، هذا المشروع كان بمثابة المتنفّس لنا ونحن نأمل أن يحقّق لنا ولأبنائنا الاستقرار. اعتبر أنّ وضعيّتي كلاجئة جيّدة في تونس مقارنة بلاجئين آخرين. والتونسيون عموما تقبّلوني بشكل جيّد وساعدوني أنا وأسرتي،لولا بعض الحوادث البسيطة التي تعرّضت خلالها للتمييز من قبل بعض سوّاق التاكسي الذين كانوا يسألونني لماذا أتيت إلى تونس ويتّهمونني وغيري من اللاجئين السوريين بجلب المشاكل إلى البلد.ولكن عموما أنا مرتاحة في تونس وتأقلمت تماما مع المجتمع.

كــــريـــــم
 33 سنة، لاجئ سوري
 صاحب مطعم صغـير في المسعدين في ولاية سوسة

قدومي إلى تونس كان في سنة 2013 عبر ليبيا. أنا من إدلب ، ذهبت إلى القطر الليبي لأستقرّ هناك ولكنّ الوضع الأمني كان سيّئا جدّا حتّى أنّ المنزل الذي كنت أقطن فيه تعرّض للقصف. لذلك قرّرت التوجّه إلى تونس مع زوجتي التونسية التي تزوّجتها في ليبيا وصحبة أخي وأمّي. دخلت إلى تونس بشكل نظامي ولكن لم يسمح في الحدود بدخول والدتي وأخي وقتها. عشت فترة في بيت أهل زوجتي واشتغلت في عديد الأعمال وطبعا تعرّضت للاستغلال مرّات عدّة ولم أتلقّ أجري وبقيت فترة سنتين بدون أوراق رسمية. بعدها علمت بوجود المفوّضية السامية للاجئين من أحد الأصدقاء السوريين وقرّرت تقديم طلب لجوء. وبعد ثلاثة أشهر، تحصّلت على بطاقة لاجئ. اتّصلت بي جمعية TAMSS على إثر ذلك لترى إن كنت مهتمّا بفرص العمل المتوفّرة أو ببعث مشروع. وبما أنّ اختصاصي، منذ كنت في سوريا، هو الطبخ الشرقي، اقترحت فكرة إحداث مطعم في منطقة المسعدين من ولاية سوسة التي أعيش فيها مع عائلتي والتي اشتغلت فيها سابقا ولديّ معرفة جيّدة بها. تمّت دراسة المشروع الذي بلغت تكلفته حوالي 15.000 دينار وتمّت الموافقة عليه. اخترت موقعا استراتيجيا لمطعمي في مدخل المنطقة الصناعية، حيث استفدت من وجود العديد من المعامل والعمال الذين كانوا يتعاملون معي بشكل مستمرّ. فتحت المطعم في جانفي 2020 وكنت أشتغل فيه في البداية أنا وزوجتي و 4 عمّال آخرين: شابان لاجئان من سوريا وشابتان تونسيتان.

كان المطعم يعمل بشكل جيد 24/24 ساعة وكنت سأوسّع المشروع بانتداب أربعة عمّال آخرين لولا أزمة الكورونا التي اضطرّتنا للغلق. تضرّرت كثيرا من الأزمة، حيث كان لزاما عليّ أن أواصل دفع الإيجار لمدّة ثلاثة أشهر، في حين كان المطعم مغلقا واضطررت إلى التخلّي عن جزء من اليد العاملة والاقتراض من بعض الأصدقاء لدفع تكاليف العيش. أعدت فتح المطعم بعد عيد الفطر في أواخر ماي، وعدت للعمل بفريق صغير، متكوّن منّي أنا وزوجتي والشابتين التونسيتين. وأرجو أن نستطيع تعويض الخسائر التي حصلت لنا نتيجة الأزمة الصحيّة. من جهتهما، وعدت جمعية TAMSSوالمفوّضية بمساعدتنا على إعادة تأهيل المشروع. أعتبر نفسي محظوظا ببعث مثل هذا المشروع الذي سيؤمّن لي العيش الكريم مع عائلتي وابني ذي الثلاث سنوات. لا أنكر أنّ السنوات الأولى في تونس كانت صعبة، حيث تعرّضت للاستغلال وللإهانة أحيانا. أذكر حادثة أليمة حصلت لي في مركز الأمن بالمسعدين، حين ذهبت ذات مرّة للحصول على وثائق ثبوتية، فاتّهمني رئيس المركز بالإرهاب وأهانني أمام الجميع، ثمّ استدعى فرقة مقاومة الإرهاب للتحقيق معي ولكن لم يجدوا شيئا يدينني. شعرت بإهانة كبيرة يومها. ولكن عموما، تعامل التونسيين معنا نحن كلاجئين جيّد. وتونس بلد يساعد عى الاندماج والاستقرار.

عــلــــي
(اسم مستعار بطلب من الشخص نفسه لإخفاء هويته)
29 سنة، لاجئ فلسطيني صاحب محلّ لبيع الغلال والخضار في صفاقس

أنا أصيل غزة، خرجت منها نحو مصر، حيث بقيت فترة من الزمن ثمّ ذهبت إلى تونس كسائح في 2016، فأعجبني البلد وقرّرت البقاء فيه. تعرّفت على الكثير من الأشخاص بين فلسطينيين وغيرهم وعملت في مجال البناء في بنزرت والقيروان والجنوب التونسي وكذلك اشتغلت مدّة في شركة للتغليف. ولكن بسبب عدم حصولي على عقود عمل قانونية تعرّضت للاستغلال. أنا حاصل على الأستاذية في اللغة العربية ولكن لا يمكنني العمل اعتمادا على شهادتي. بعد سنة، قدّمت طلب لجوء لدى المفوّضية وحصلت على بطاقة لاجئ. تعرفت بعدها على جمعية TAMSS واقترحت عليها مشروع شراء آلة لكساء الجدران بالجصّ وهي آلة مطلوبة جدّا في مجال البناء وقد سبق أن اشتغلت عليها. ولكنّ الجمعية رفضت تمويل المشروع بسبب الكلفة العالية لشراء هذه الآلة، التي هي في حدود 25 ألف دينار. حاولت ان أفسّر للمسؤولين في TAMSS أنّه بالإمكان استرجاع تكاليفها في أقلّ من سنة لأنّ الطلب على استخدامها كبير، لكنّهم لم يقتنعوا كثيرا بالفكرة. في الأثناء، جاءت أزمة الكورونا ومعها انفتح باب رزق جديد، حيث بدأت مع صديق تونسي لي في بيع الغلال والخضر.

كنّا نذهب يوميا إلى سوق الجملة في صفاقس، حيث أنا مستقرّ حاليا مع زوجتي التونسية وابنتي ذات الثلاث سنوات، ونشتري السلع وننقلها بواسطة سيّارته، ثمّ نقوم بعد ذلك ببيعها في الطريق على مستوى نقطتين: واحدة في طريق صفاقس- تونس والأخرى في طريق صفاقس-المهدية. وقد تمكّنا من تحقيق ربح كبير خلال الحجر الصحّي وشهر رمضان، وشغّلنا معنا عمّالا آخرين. ولكن بعد العيد، أواخر ماي، جاءني صديقي ليخبرني أنّه مضطرّ للعودة إلى العاصمة ليستأنف عمله الأصلي هناك. قرّرت أنا مواصلة المشروع ولكن كانت تنقصني وسيلة نقل، حيث اضطرّ يوميّا لاستئجار شاحنة ب60 دينارا لنقل الغلال والخضر من السوق، بالإضافة إلى ما اضطرّ إلى دفعه لأعوان المرور من رشوة لانّني أعمل بدون رخصة. في الأخير، عدت إلى جمعية TAMSS لأطلب منها تمويل شراء وسيلة نقل أشتغل عليها، وهي أساسا شاحنة توك توك، لا تحتاج إلى رخصة سياقة لقيادتها، وتبلغ كلفتها 8.8 ألف دينار. فأعجبتها الفكرة ووعدت بتمويلها. في الأثناء، أنا بصدد طلب رخصة قانونية للانتصاب في الفضاء العام من البلدية حتّى أتفادى المشاكل اليومية مع قوّات الأمن. الرخصة ستكون باسم زوجتي التونسية طبعا، ومع ذلك، هناك تعطيل كبير حاليا على مستوى الإدارة للحصول عليها. الحمد لله، رغم كلّ الصعوبات أعتبر أنّ وضعي جيّد هنا في تونس وأنا أنوي في المستقبل أن أدّخر المال لشراء آلة كساء الجدران التي أردت الحصول عليها في البداية. وأعتقد أنّها ستوفّر لي دخلا محترما يؤمّن لي الاستقرار والعيش الكريم بطريقة دائمة.

قراءة المزيد

الجمعية التونسية للتصرّف والتوازن الاجتماعي  ومساعدة اللاجئين على إيجاد موارد الرزق

المعهد العـربي لحقوق الإنسـان وتوفيـر المسـاعدة القـانونية للاجئين وطالبـي اللجوء

اللاجئون وطالبو اللجوء العرب في تونس: مــن هم؟ مـن أيــن يأتون؟ كيف يعيشـون؟

حماية اللاجئين وطالبي اللجوء خلال أزمة الكورونا بتونس

 



 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.