محمد إبراهيم الحصايري: إنّها ليست تركيا وحدها... بل هو حلف شمال الأطلسي
بقطع النظر عن أنّ التّهليل والتسبيح والتّكبير للتدخّل التركي في ليبيا أمر يتنافى مع موقف الدولة التونسية التي تلتزم بالوقوف على مسافة واحدة من أطراف النزاع الليبي، وترفض أي شكل من أشكال التدخل الأجنبي في ليبيا، فإنّ الخطير في هذا الأمر هو أنّ أصحابه لا يدركون، على ما يبدو، أنّ تركيا ليست فيما تقوم به في مشرق العالم العربي منذ سنوات طويلة، وفي مغربه الآن، ليست سوى رأس حربة لحلف شمال الأطلسي الذي خرّب ليبيا ودمّرها سنة 2011 وهو الآن يريد أن يجهز عليها بأيدي العثمانيين الجُدُد المهووسين بإحياء أمجاد الخلافة العثمانية التي أفل نجمها قبل قرن من الزمان.
أفَلَمْ يَأْتِهِمْ حديثُ الأمين العام للحلف الذي أكّد، قبل أيام، أنّ أعضاء الحلف قد يختلفون حول مواضيع عديدة، غير أنّ تركيا، مهما كانت ممارساتها الأحادية، تظل عضوا هاما فيه، وهو ما يعني أن الحلف لا يعيب عليها تدخّلها في ليبيا، بل هو يغلق عينيه عن هذا التدخل، وقد يكون، عمليّا، يباركه... وليس أدلّ على ذلك من أنّه أعرب عن استعداده لدعم حكومة الوفاق الوطني الليبية التي يرأسها فايز السراج، أمنيّا ودفاعيّا، بدعوى أنّه لا يمكن أن يضع هذه الحكومة المعترف بها دولياً، في كفة أو في الحقيقة في "كيس" واحد، كما قال، مع الجنرال خليفة حفتر...
إنّ هذا الكلام الذي جاء بالتّزامن مع المحادثة الهاتفية التي جرت بين الأمين العام للحلف وبين الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان، وبعد البيان الذي أصدرته خمس دول منها عضوان أساسيّان في الحلف (فرنسا واليونان إضافة إلى مصر والإمارات وقبرص) يؤكد أنّ ما يجري الآن على الساحة الليبية لم يأت من باب الصدفة، بل هو أمر مدبَّر، وله أبعاد خفية خطيرة لن تلبث أن تَعْبُرَ حدود ليبيا إلى دول الجوار خاصّة، وإلى المنطقة كلّها، عامّة...
محمد إبراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق